تقوم مصر ببناء أطول نهر صناعي في العالم بطول 114 كم على نهر “أباي” دون استشارة أوإخطارالدول المشاطئة العليا التي توفر كامل كمية المياه. وتم وضع حجر الأساس للمشروع في يوليو الماضي بينما كانت مصر تطالب باتفاق ملزم بشأن سد النهضة “أباي”
وظلت العدالة السياسية والدبلوماسية لمصر موضع شك، حيث تبدو الأسباب الأساسية وراء نقاشها الساخن مع إثيوبيا واضحة للغاية من خلال البناء المستمر للنهر الاصطناعي.
وكانت مصر تطلب إخطارات مسبقة قبل إقامة أي مشروع للمياه في الدول الواقعة في أعالي نهر”أباي”، وتزعم أن ذلك كان إلزاميًا تقريبًا لكن العكس هوالصحيح عندما يتعلق الأمر بنفسها. ويتم بناء النهر الاصطناعي الطويل والضخم دون اعتراف حتى من إثيوبيا التي توفر أكثر من 86 بالمائة من مياه النهر.
ويقول لأستاذ جمال بشير، المحلل الناشط في شؤون نهر “آباي”، إن من الواضح أن مصر تلعب دورملكة النهر الذي لن يتم الاعتراف به أبدًا في العالم الحديث.
وأضاف الأستاذ جمال إن مصر روجت لاسم النيل كمرادف لنفسها على خريطة السياحة العالمية. وللحفاظ على هذا الوضع الراهن، قامت ببناء النهر الاصطناعي دون أن تتم استشارة إثيوبيا لأن المياه تأتي منها,وأن التشاور من شأنه أن يساعد في اتخاذ التدابير الاحترازية و على العكس من ذلك، فإن مصر تستخدم عبارات تخدم مصالحها الذاتية مثل “مصر هبة النيل“.
و قال لأستاذ جمال إن حلم المصريين هو الهيمنة والسيطرة على النهر من منابعه. في العصورالقديمة شنت مصر حربا على إثيوبيا ولكن دون جدوى .”ومن المحزن أن تظل مصر الحديثة متمسكة بوجهات النظر القديمة”.
و قال لأستاذ جمال إن المصريين كانوا يتآمرون ويمارسون الضغوط السياسية على إثيوبيا للحفاظ على هيمنتهم على نهر “أباي”. وهم يعتقدون أن إثيوبيا دولة غيرقادرة للدفاع عن حقها في المياه, وهذه الفكرة لم تعد موجودةالآن . وعلى أية حال فإن كافة مشروعات المياه المصرية على نهر النيل تشكل مصدر قلق لإثيوبيا.
وذكر الأستاذ جمال إن المصريين سوف يطالبون بوقف المشاريع الإثيوبية إذا واجهوا نقصًا في المياه لمشاريعهم الجديدة, ولذلك، كان من واجبهم التشاور مع الحكومة الإثيوبية أثناء التخطيط للمشاريع.
ومن جانبه، قال البروفيسور يعقوب أرسانو الباحث في المياه والعضو السابق في فريق التفاوض بشأن سد “أباي” والسياسة المائية إن مصر لم تتشاور أبدًا مع إثيوبيا، مورد المياه بنسبة 86 بالمائة، أثناء تنفيذ هذا المشروع.
وقال البروفيسور يعقوب إن إثيوبيا لم تكن على علم أثناء بناء السد العالي في أسوان والعديد من المشاريع الكبرى الأخرى في السابق وحدث نفس الشيئ مرة أخرى العام الماضي؛ وقال إن النهر الاصطناعي الذي سيستخدم مياه نهر النيل يجري إنشاؤه بينما إثيوبيا لم تبلغ رسميًا بعد.
ووفقا للبروفيسور يعقوب فإن مصر رفضت الطبيعة العابرة للحدود الوطنية للنهر.
وباعتبارها دولة تطالب باستغلال أفضل للمياه، يتعين على مصر أن تعترف بحق الدول المشاطئة العليا,وإذا لم يكن الأمر كذلك، فسوف يواجهون العواقب وحدهم. واقترح البروفيسوريعقوب أن يكون لدى جميع دول حوض النيل، بما في ذلك إثيوبيا والسودان ومصر،اتفاقية وسياسة مائية متعددة الأطراف.
وأضاف البروفيسور يعقوب أن التنمية في مصر لا ينبغي أن تكون متناقضة مع إثيوبيا والعكس صحيح.
ويتفق السفيردينا مفتي، الدبلوماسي السابق وعضو البرلمان، مع البروفيسوريعقوب والأستاذ جمال، ويضيف أن إثيوبيا لن تكون مسؤولة عن إخطارمسبقا مصر حتى تحترم مصر مبدأ الإخطارالمسبق للدول المشاطئة لمشاريعها. لقد كان المصريون يستخدمون المياه لفترة طويلة بينما لم تكن الدول العليا مستفيدة ,وإذا طالب المصريون بإخطارات مسبقة من دول الحوض العلوي مرة أخرى، فسيكون النقاش سخيفًا لأن مشاريعها التي تبلغ قيمتها ملايين الدولارات يتم إنشاؤها دون معرفة الآخرين.
وفي الواقع، فإن إثيوبيا لم تثر قط في مشاريع المياه المصرية. ولم تثر أي موضوع عندما قامت مصر ببناء سد أسوان الشهير. وكان من المتوقع منهم أن يظهروا نفس الموقف ,ولا يمكن تحقيق ذلك إلا من خلال التعاون لتعظيم إمكانيات استخدام المزيد من المياه. وأكد الأستاذ جمال: “أننا نشهد الآن العكس.
على سبيل المثال تمثل “البصمة الخضراء”الإثيوبية أفضل فرصة لزيادة حجم المياه التي تحتاجها مصر. وأضاف أنه لولا ذلك، لن يتمكن النهر الذي تغذيه الأمطار من تغطية الطلب بالكامل، حيث يؤدي تغير المناخ إلى تفاقم حالات الجفاف كل عام.