يحتفل الإثيوبيون من جميع مناحي الحياة هنا وفي الخارج بالذكرى الثالثة عشرة لبدء بناء سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي وضع رئيس الوزراء الراحل مليس زيناوي حجر الأساس له في عام 2011.
و كانت أخبار سد النهضة مفاجئة كبيرة للإثيوبيين وعملت على تغيير الوضع الراهن وتحطيم التصور القديم بأنه لن يُسمح لإثيوبيا بتطوير نهر أباي وتوليد الطاقة الكهرومائية.
ولقرون طويلة، حُرمت إثيوبيا من حقوقها الطبيعية في تطوير نهر آباي والحصول على قروض من المؤسسات المالية الدولية.
و في عام 2011، كان على الحكومة الإثيوبية أن تواجه هذه الهيمنة القديمة على المياه والمعايير المفروضة على البلاد في ذلك الوقت.
واستجاب الإثيوبيون بغض النظر عن هويتهم العرقية أو دينهم أو أيديولوجيتهم بسرعة لدعوة الحكومة في انسجام تام واستعدوا للقيام بكل ما يلزم لبناء السد وتوليد الكهرباء.
وعلى الرغم من أن الجدول الزمني كان خمس سنوات لإكمال سد النهضة، إلا أنه بسبب عوامل مختلفة، فقد استغرق استكمال السد ما يقرب من 13 عامًا.
و على مدى السنوات الـ 13 الماضية، واجهت إثيوبيا تحديات متعددة من داخل البلاد وخارجها وعلى وجه الخصوص، مارست مصر ضغوطًا على إثيوبيا لوقف بناء السد.
وكان موقف إثيوبيا واضحا وهو ان آباي هو نهر عابر للحدود ومن ثم فإن المورد مشترك بين جميع البلدان المشاطئة للنيل ويجب استخدامه على أساس مربح للجانبين.
وبناء على ذلك، دعت إثيوبيا إلى التعاون والتآزر بين دول حوض النهر لتحقيق المنفعة المتبادلة والاستخدام العادل للمياه.
ولتحقيق هذه الغاية، وقعت إثيوبيا ومصر والسودان إعلان المبادئ عام 2015 في الخرطوم وجرت بعد ذلك عدة مفاوضات ثلاثية، لكنها لم تثمر بسبب الموقف الاستعماري القديم لمصر.
كما أوضحت إثيوبيا أن بناء سد النهضة يعتمد على الاتفاقيات الدولية بشأن استخدام الأنهار العابرة للحدود ولم يكن المقصود منه الإضرار بالدول الواقعة على ضفاف النهر بأي شكل من الأشكال ولكن المقصود منه توفير الضوء والكهرباء لأكثر من 60٪ من احتياجات السكان الذين ما زالوا يعتمدون على موارد الوقود الحيوي غير الصحية.
وبعد السنوات الخمس الماضية أطلقت الحكومة الحالية إصلاحات شاملة، عمل شعب وحكومة إثيوبيا في انسجام تام، بمثابرة وتصميم لا يوصفان لمواجهة التحديات التي تمت مواجهتها واستكمال السد.
وبصرف النظر عن توليد الكهرباء، يتمتع سد النهضة أيضًا بإمكانات هائلة لمصايد الأسماك والسياحة البيئية.
وتماشيا مع أجندة 2063 والمبادرات الإقليمية الأخرى التي تصورها الاتحاد الأفريقي، يوفر سد النهضة إمكانات وفرصة هائلة للتنمية الإقليمية والتكامل في القرن الأفريقي وأفريقيا بشكل عام.
وسيكون سد اباي بمثابة مصدر إلهام كبير للتعاون وبناء التحالفات بين البلدان الأفريقية وفي الواقع، فإن التنمية الاقتصادية المستقبلية لأفريقيا تعتمد، إلى حد كبير، على بناء التحالفات من أجل التعاون والتآزر.
ويتمتع سد النهضة أيضًا بإمكانيات التنمية السياحية بالإضافة إلى تقاسم الطاقة المتجددة وهو أمر مهم جدًا للاعتماد الاقتصادي الذاتي الأفريقي من خلال تطوير موارد الطاقة القارية.
وهناك 70 جزيرة تم إنشاؤها في السد، في انتظار المستثمرين المحليين والأجانب للانخراط في صناعة الضيافة.
أخيرًا، بفضل الالتزام المطلق لشعب إثيوبيا والحكومة، وصل المشروع الإثيوبي الضخم الرائد إلى 95٪ ليتم استكماله في أشهر قليلة من السنة المالية الإثيوبية.
يُظهر سد النهضة، باعتباره أكبر سد للطاقة الكهرومائية في أفريقيا بتكلفة 5 مليارات دولار أمريكي، بوضوح المعجزات التي يمكن أن يحققها الإثيوبيون لبلدهم الحبيب بغض النظر عن التحديات التي تواجههم.
وتقوم إثيوبيا ببناء السد لتوليد الكهرباء لنحو 60% من مواطنيها البالغ عددهم 120 مليون نسمة وبينما ينمو الطلب على الكهرباء بنسبة 30% كل عام، فإن طاقة السد التي تزيد عن 5000 ميجاوات لن تلبي احتياجات البلاد المتزايدة.
وترتبط السودان وكينيا وجيبوتي بالفعل بشبكة الكهرباء، كما توصلت إثيوبيا أيضًا إلى اتفاق مع تنزانيا للتوصيل بالطاقة. باختصار، يعد سد النهضة مظهرًا حيًا لتصميم إثيوبيا على تحقيق الرخاء.
وقدم الإثيوبيون بدءًا من أطفال المدارس إلى النساء الذين يجلبون المياه، ومن جامعي الحطب إلى الموظفين العموميين، ومن المزارعين/الرعاة إلى المستثمرين والمواطنين الأجانب الإثيوبيين المقيمين في الخارج، مساهمات كبيرة في نجاح سد النهضة.
وأخيرًا عمل المقاولون والمهندسون المحليون والأجانب كثيرًا من الفجر حتى الغسق في مناخ صعب جنبًا إلى جنب مع أعضاء قوات الدفاع الوطنية لحماية السد من أي تهديدات.