جوهر أحمد
برزت إثيوبيا خلال لسنوات الأخيرة كقوة قوية في قطاع الطاقة المتجددة، وذلك باستخدام مواردها المائية الوفيرة لتوليد الكهرباء وتعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة. وقد ركزت الحكومة الإثيوبية بشكل كبير على تطوير المشاريع الضخمة، وخاصة بناء السدود على الأنهار تجري في أرجاء البلاد التي تتميز بالإنحدار,و تحمل هذه المشاريع القدرة على تحويل البلاد إلى مركز للطاقة المتجددة وتعزيز النمو الاقتصادي.
وإدراكًا لأهمية الطاقة كمتطلب أساسي لكل من الإنارة والصناعة و المصنعين من المستثمرين الأجانب والمحليين، فقد استفادت الحكومة الإثيوبية من أنهارها العديدة تتدفق شرقا وجنوباوغربا لتوفير الطاقة الكهرومائية لمختلف الصناعات العاملة داخل البلاد.
وفي هذاالسياق كشفت هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية عن خطة للحصول على أكثر من 73 مليون دولار أمريكي من مبيعات الكهرباء للشركات الأجنبية العاملة محليًا. وصرح السيد منيلك جيتاهون، مدير المبيعات وإدارة العملاء في هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية ، أنه تم توقيع اتفاقيات مع تسع شركات أجنبية لتزويد الكهرباء بالدولار الأمريكي، وهو إنجاز كبير للمرفق. ولا تفيد هذه الخطوة احتياجات الشركات الأجنبية فحسب، بل تؤدي أيضًا إلى تبسيط العملية لجميع الأطراف المعنية.
بالإضافة إلى ذلك، يتم بذل جهود متضافرة لزيادة كمية الكهرباء المصدرة إلى الدول المجاورة، وبالتالي تعزيز عائدات النقد الأجنبي. ولتسهيل ذلك، يعد إنشاء خطوط إضافية لنقل الطاقة أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم انقطاع الخدمة وخفض التكاليف. ويجري إنشاء مراكز توزيع الطاقة في المناطق الحدودية لتقليل النفقات المرتبطة بتصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة.
وخلال السنة المالية السابقة أدر برنامج هيئة الطاقة الكهربائية الإثيوبية أكثر من 102 مليون دولار أمريكي من صادرات الكهرباء إلى جيبوتي والسودان وكينيا. وتظل جيبوتي الوجهة الرائدة لصادرات الكهرباء الإثيوبية، تليها السودان وكينيا,وهذا يدل على التزام البلاد بالطاقة المتجددة وإمكاناتها كمورد رئيسي في شرق أفريقيا.
ووقعت الحكومة الإثيوبية، بالتعاون مع شركة كينيا للطاقة والإضاءة، اتفاقية شراء الطاقة لبيع وشراء 200 ميجاوات من الطاقة في المرحلة الأولى من تصدير الطاقة، ومع توقع زيادتها إلى 400 ميجاوات في المستقبل. ويتضمن مشروع طريق الكهرباء السريع بين كينيا وإثيوبيا، المعروف أيضًا باسم مشروع طريق الكهرباء السريع الشرقي، بناء خط نقل طاقة بطول 1068 كيلومترًا من إثيوبيا إلى كينيا. ويتضمن هذا المشروع، الذي بدأ عام 2016، تركيب محطات تحويل التيار المستمر في كلا الطرفين ويمتد بطول 437 كيلومترًا في إثيوبيا و631 كيلومترًا في كينيا. ويمر خط النقل عبر مناطق مختلفة في كلا البلدين، مما يوفر طاقة موثوقة وبأسعار معقولة لملايين الأسر، بما في ذلك تلك التي تعيش في المناطق الريفية.
ويبلغ إجمالي الاستثمار في المشروع 1.26 مليار دولار، بمساهمات مالية من البنك الدولي، وبنك التنمية الأفريقي، والوكالة الفرنسية للتنمية، والحكومة الإثيوبية، والحكومة الكينية. وأن الإكمال الناجح لهذا المشروع لا يعزز العلاقة الثنائية بين إثيوبيا وكينيا فحسب، بل يعد أيضًا مثالاً للتعاون الاقتصادي الإقليمي الذي يعود بالنفع على القارة بأكملها. وبعد النقل التجريبي للطاقة في غضون أسابيع قليلة، من المقرر أن تبدأ صادرات الطاقة على نطاق واسع .
وأن تحول إثيوبيا إلى رائد رئيسي في قطاع الطاقة المتجددة له آثارإيجابية كبيرة على البلاد والمنطقة ككل. ,وأن استغلال مواردها المائية لتوليد الطاقة الكهرومائية لم يجذب الاستثمار الأجنبي فحسب، بل سهل أيضًا التكامل الاقتصادي والتعاون بين الدول. ومن خلال الاستفادة من مزاياها الطبيعية، سخرت إثيوبيا قوة الطاقة المتجددة لدفع النمو الاقتصادي، وتحسين الوصول إلى الكهرباء، والمساهمة في التنمية المستدامة للمنطقة.
وأن أحد الموارد الواعدة التي تربط البلدان وتعززها هي الرغبة في استغلال الطاقة المتجددة بحيث حققت البلاد نتيجة ملحوظة في استخدام مواردها المائية الغنية من أجل الصالح العام للمنطقة بإعتبار إثيوبيا تقع في كيان جغرافي مرتفع، وهي المسار العلوي للجداول والنهر العابر للحدود مما يجعل البلاد مركزًا للطاقة المتجددة.
وبعد أخذ هذه الحقيقة في الاعتبار، ركزت الحكومة الإثيوبية على تطوير المشاريع الضخمة لبناء السدود على الأنهار ذات التضاريس المنحدرة. ويعتقد أن مثل هذه المشاريع وغيرها ستحقق التكامل الاقتصادي في المنطقة وأملًا مشرقًا في تعزيز مجتمع اقتصادي واحد قائم على التبادلية.
وبما أن الطاقة هي أحد المطالب الأساسية للمستثمرين الأجانب والمحليين، فقد استمرت الحكومة الإثيوبية، مستفيدة من الجداول والأنهار، في توفير الطاقة الكهرومائية للاقتصاد الثانوي الذي يعمل في إثيوبيا.
وكشفت االدراسات أن إثيوبيا تتمتع بموارد وفيرة من الطاقة المتجددة، والتي يمكن أن تلبي طموحات كهربة البلاد. وعلى الرغم من كل تلك الإمكانيات المتاحة، فإن قطاع الطاقة في البلاد لا يزال في مرحلة بدايته.و يعيش غالبية السكان الإثيوبيين في المناطق الريفية دون الحصول على الطاقة الحديثة ويعتمدون فقط على مصادر طاقة التقليدية.
وإثيوبيا في أدنى معدلات استهلاك الكهرباء للفرد في أفريقيا. و أن الوصول إلى الطاقة وأمنها يشكلان عاملاً حاسماً في النمو الاقتصادي؛ وتحتاج البلا د إلى مواجهة التحديات الرئيسية المتعلقة بأمن الطاقة وتنويع إمداداتها . ويقدم الباحثون في قطاع الطاقة مراجعة شاملة وموسعة لإمكانات الطاقة المتجددة في إثيوبيا. بالإضافة إلى ذلك، يتم وصف الحالة الراهنة لموارد الطاقة المتجددة وتوضيح سياسات الطاقة الحالية. وتم اقتراح سياسات مختلفة يمكن أن تعزز استخدام تكنولوجيا الطاقة في المناطق الريفية في إثيوبيا.
وتمشيا مع ذلك يتفق الجميع على حث السلطات الحكومية ذات الصلة على دعم المشاريع الممتدة والباحثين وكذلك المسؤولين الحكوميين لإيجاد تكنولوجيا أفضل للطاقة المتجددة لتلبية الطلب على الطاقة في المجتمعات الريفية؛ ومن خلال رفع مستوى الوعي بإمكانيات الطاقة في البلاد والوضع الحالي للطاقة المتجددة، إلى جانب اقتراح توصيات عملية وفقا للدراسات المتعلقة بالقطاع.
ولا شك أن تركيز إثيوبيا على استكشاف واستغلال الطاقة المتجددة، وخاصة الطاقة الكهرومائية، جعل البلاد رائدا رئيسيا في هذا القطاع. ومن خلال تطوير المشاريع الضخمة، تجتذب الحكومة الشركات الأجنبية، وحققت إيرادات كبيرة من صادرات الكهرباء التي من شأنها تعزيز التكامل الاقتصادي في المنطقة. وأن الإكمال الناجح لمشروع طريق الكهرباء السريع بين كينيا وإثيوبيا يعزز مكانة إثيوبيا كمركز للطاقة المتجددة، مما يعود بالنفع على البلاد والدول المجاورة لها.