سد النهضة الإثيوبي سيفتح فرصًا اقتصادية إضافية لإثيوبيا

 

جوهرأحمد

مرّسد النهضة الإثيوبي الكبير بالعديد من التقلبات منذ وضع حجر الأساس في 2 أبريل 2011. إلا أنه تغلب على عقبات بدت مستحيلة، بما في ذلك الضغوط الدبلوماسية. ورغم أن السد كان من المقرر في الأصل إكماله في غضون خمس سنوات بتكلفة 80 مليار بر، إلا أنه، ولأسباب مختلفة، استغرق الأمر تسع سنوات إضافية، وأموالًا تفوق الميزانية المخصصة للبناء بأضعاف مضاعفة.

ومع ذلك، وحد الإثيوبيين، الذين لم ييأسواوهم الآن على وشك إكماله. وكما هو متوقع، أصبح الإثيوبيون أنفسهم مهندسي سد النهضة، ومورديه الماليين  الذي سيُفتتح قريبًا. لقد أصبح السد، الذي واجه العديد من التحديات، مصدرًا ذا معنى كبير للإثيوبيين باعتباره أول مشروع كهرومائي  ضخم في البلاد. ولم تؤكد الحكومة فحسب، بل أكد الاقتصاديون أيضًا، على مساهمته الكبيرة في النمو الاقتصادي الوطني في المستقبل .

وفي هذا السياق أوضح االدكتور مولا ألمايهو الباحث في الجمعية الاقتصادية الإثيوبية أن من بين فوائد السد العديدة، يُعد توليد الكهرباء أهمها.وتُعدّ الطاقة مُدخلًا رئيسيًا لأي قطاع، سواءً كان للصناعات التحويلية أو المؤسسات الخدمية.

وأوضح الباحث أنه من الشائع في إثيوبيا سماع أسئلة حول الإنتاج والإنتاجية. والسبب الرئيسي لذلك هو النقص والانقطاع المُستمر للكهرباء. ولا يُمكن للمنتجين الإنتاج بكامل طاقتهم إذا لم يحصلوا على الكمية المطلوبة من إمدادات الطاقة. ونظرًا لكثرة الشكاوى من هذا الوضع، فإن إكمال السد سيحل المشكلة بشكل أساسي من خلال زيادة إنتاج الكهرباء في البلاد.

وقال الدكتور مولا: إن إكمال السد سيؤدي إلى زيادة كبيرة في إمدادات الطاقة في البلاد”. وسيقضي على الآثار السلبية لنقص الكهرباء وانقطاعها عن الإنتاج والإنتاجية. وقال إن ذلك سيمكن ملايين المواطنين من الحصول على الكهرباء، وسيستفيد المواطنون الذين تصلهم الكهرباء أيضًا من خلال تسهيل أعمالهم بنجاح. وحتى على مستوى المنزل، سيتمكن الفرد الذي يحصل على طاقة كافية من إنجاز عمله بسهولة وفي وقت قصير، وسيكون مواطنًا منتجًا من خلال قضاء الوقت المتبقي في أنشطة أخرى.

ومن جانبه أعرب الخبير الاقتصادي الدكتور كونستانتينوس بيرهي تسفا عن الرأي نفسه قائلاً: إن استكمال سد النهضة الإثيوبي الكبير يُمثل فرصة عظيمة للشعب الإثيوبي وحكومته؛ فالطاقة التي سيولدها السد، الذي سيكون الأول في أفريقيا والسابع عالميًا، وتحمل فوائد جمة وستعود هذه الطاقة بفوائد كبيرة على 60% من الإثيوبيين الذين لا يحصلون على الكهرباء.

وذكر الدكتور كونستانتينوس أن للسد فوائد أخرى، فعلى سبيل المثال، يشارك العديد من الخبراء الإثيوبيين في عملية البناء، مما يُمثل فرصة واعدة لمشاريع السدود المستقبلية. ووفقًا للدكتور كونستانتينوس، فإن تخزين المياه يُغير المناخ المحلي بشكل كبير، حيث أن المياه المتبخرة تُفيد المنطقة. ويمكن إنتاج كميات كبيرة من الأسماك في المنطقة، كما يُمكن استخدامها كوجهة سياحية رئيسية. وستنمو المدن، وستتوسع الصناعات الزراعية.

على وجه الخصوص، يتمتع إقليم بني شنقول-قوموز بمساحات شاسعة من الأراضي الخصبة غير المستغلة، مما يجذب العديد من الإثيوبيين والمستثمرين الأجانب. بالإضافة إلى ذلك، يمكن توسيع نطاق تنمية الثروة الحيوانية حول البحيرة.

ويعتقد الدكتور كونستانتينوس أنه نظرًا لإمكانية توسيع الزراعة حول البحيرة، ستكون هناك مساهمة كبيرة من القطاع. سيساهم توليد الكهرباء بشكل كبير في توسيع الصناعات الزراعية في المنطقة، وعندما تتوسع الزراعة، يمكن إنجاز المزيد من العمل وخلق المزيد من فرص العمل. وبالمثل، أشار الدكتور مولا إلى أن الكهرباء مورد موثوق.

وقال الدكتور كونستانتينوس إنه يمكن تسريع  نمو الصناعة والزراعة ,وأن  توفير كهرباء موثوقة يمكن أن يعزز النشاط الاقتصادي من خلال تحقيق نمو أفضل في القطاعين الصناعي والزراعي. عندما تحصل الصناعات على الكهرباء، فإنها تعمل بكامل طاقتها وتزيد الإنتاج والإنتاجية  وهذا بدوره يلعب دورًا رئيسيًا في خلق فرص عمل أكبر من خلال زيادة الطلب على العمالة.

وأضاف الدكتورمولا إن من الممكن زيادة عائدات النقد الأجنبي من خلال تصدير الكهرباء بما يتجاوز الاستخدام المحلي؛ فالطاقة تُعدّ حاليًا موردًا رئيسيًا لمعظم الدول. وتتجه العديد من الدول إلى دول مختلفة لتلبية احتياجاتها من الطاقة؛ وستستغل إثيوبيا هذه الفرصة لكسب النقد الأجنبي من خلال بيع الطاقة لمختلف الدول. وأشار إلى أنه بالإضافة إلى الدخل الذي ستحصل عليه إثيوبيا من الدول التي لا تستطيع تلبية احتياجاتها من الكهرباء بمفردها، ستتمكن من بناء علاقات اقتصادية واجتماعية وسياسية أفضل مع تلك الدول.

وقال الدكتور كوستانتينوس: إنه ليس من المبالغة القول أن سد النهضة الإثيوبي الكبير مركز تنمية رئيسي من حيث مساهمته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية”، مشيرًا إلى أن الأعمال التي تُجرى حول السد لها تأثير كبير.

وأعلن الدكتور كوستانتينوس أن الصناعات الزراعية ستتوسع في المنطقة، مما سيفتح الباب أمام الشباب لزيادة فرصهم في القطاع الزراعي. في المستقبل، من خلال المشاركة في مشاريع ري صغيرة النطاق بمياه البحيرة، ستُتاح فرص واسعة للشباب ليس فقط للبحث عن عمل، بل أيضًا ليصبحوا رواد أعمال.

وبالإضافة إلى العمل الزراعي، ستتوسع الصناعات. وينتج إقليم بني شنقول- قموز حوالي 64% من الخيزران الأفريقي,وهذا يُهيئ بيئةً مواتيةً لتوسع صناعة الخيزران. ولأن الخيزران متين وخفيف الوزن، يُمكن استخدامه في صناعة العديد من الأثاث المنزلي والمكتبي. وبالتالي، سيكون من السهل جذب العديد من المستثمرين الذين سيوسعون صناعات الخيزران في المنطقة.

توُساهم إثيوبيا بأكثر من 86% من مياه النيل دون استخدامها؛ بينما يستخدم آخرون هذا المورد الإثيوبي. وقد أثار العمل القائم على هذا المبدأ إلهامًا كبيرًا وحظي بقبول واسع بين الناس. ولهذا السبب، أصبح من الممكن بناء القدرات في البلاد.

وذكر أن المشروع ما كان ليصل إلى هذا المستوى لولا القبول الشعبي، ومن الضروري التفكير في مشروع يحظى بالقبول الشعبي من البداية إلى النهاية. وأوضح الدكتورمولا أن السد تطلب تكلفة باهظة لإكماله، ومهما استغرق من وقت وتكلفة، فإن السد قيّم ومهم للإثيوبيين من حيث الفوائد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي سيجلبها.وأعرب الدكتور كوستانتينوس عن سعادته بانتهاء بناء السد أخيرًا بعد جهد شاق.

وأكد الدكتور مولا على أن السد قد نجح في ظل الجهود المبذولة حتى الآن، وأن الجهات الفاعلة التنموية الثلاث، الحكومة والمستثمرون والشعب، لها دور رئيسي في إكمال السد وتحقيقه. وحثّ هذه الجهات على العمل معًا والوفاء بمسؤولياتها.

ولا شك أن الحكومةعليها المسؤولة عن التنسيق والتوجيه، وأن تؤدي دورها القيادي من خلال توفير المعلومات في الوقت المناسب. ويُتوقع من الشعب أن يساهم بأمواله وطاقته ومعرفته، ومن المستثمرين أن يساهموا بأموالهم لإكمال السد. وأن التشتيت مكلف؛ فلا داعي للتشتيت عندما يقترب السد من نهايته.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai