تعزيز الحضورالعالمي لإثيوبيا

 

جوهر أحمد

احتفلت إثيوبيا وفرنسا بمرور أكثر من قرن على العلاقات الدبلوماسية المتينة، معززتين تعاونهما في مختلف القطاعات. وتشمل شراكتهما التجارة والتعليم والثقافة والتنمية، مما يعكس التزامًا مشتركًا بالنمو المتبادل.

ولعبت فرنسا دورًا محوريًا في مشاريع البنية التحتية في إثيوبيا، بينما أثرت الثقافة الإثيوبية المشهد الثقافي الفرنسي المتعدد الثقافات. وتعزز المبادرات الأخيرة هذه الروابط، معززةً الاستثمار والتنمية المستدامة.

ويلتزم البلدان بمواجهة التحديات العالمية مثل تغير المناخ والأمن، معززين تعاونهما الاستراتيجي. وبينما يتطلعان إلى المستقبل، وتواصل إثيوبيا وفرنسا تعزيز علاقتهما التاريخية، ممهدين الطريق لازدهار دائم.

على مر السنين، تطورت العلاقة بين فرنسا وإثيوبيا لتصبح شراكة قوية ومتنامية. وقد تحقق هذا التطور بفضل المشاركة الفعالة لقادة البلدين. كما أن هذه الشراكة لا تعود بالنفع على كلا البلدين فحسب، بل تعزز أيضًا التعاون في مواجهة التحديات العالمية، وتعزيز التفاهم المتبادل، وخلق فرص للتعاون المستقبلي.

لترقيةهذه الشراكة أكثر فأكثر استقبل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون رئيس الوزراء الإثيوبي  الكتورآبي أحمد في قصر الإليزيه لإجراء محادثات ثنائية استعرض خلالها الجانبان التقدم المحرز في تنفيذ الاتفاقيات التي تم التوصل إليها خلال زيارة الرئيس ماكرون لإثيوبيا في ديسمبر 2024، مؤكدين على الالتزام بتعزيز التعاون في قطاعات متعددة.

وفي حين أن البلدين يتمتعان منذ فترة طويلة بعلاقات وتعاون قويين في مجالات مثل الدفاع والأمن والحفاظ على التراث الثقافي والتعليم، فقد استكشفت المناقشات التي جرت بين البلدين  فرص تعزيز التعاون الاقتصادي.

ومنذ عام 2019، عمقت فرنسا وإثيوبيا علاقاتهما الثنائية بشكل كبير، والتي تميزت بزيارات رفيعة المستوى واتفاقيات استراتيجية ومبادرات تعاونية في مختلف القطاعات، ووفقًا لمكتب رئيس الوزراء.قام كل من رئيس الوزراء آبي والرئيس ماكرون بعدة زيارات متبادلة، مما يؤكد التزامهما بتعزيز العلاقات الثنائية.

ومن الجدير بالذكر أنه في أكتوبر 2018، سافر رئيس الوزراء الدكتور آبي إلى فرنسا، ممهدًا الطريق لاتفاقيات مستقبلية من شأنها تعزيز التعاون الدفاعي والثقافي. وكانت هذه الزيارة حاسمة لوضع إطار عمل من شأنه أن يُسهّل لاحقًا مشاريع مهمة، بما في ذلك ترميم المواقع التاريخية في إثيوبيا.

وفي العام التالي، وتحديدًا في مارس 2019، قام الرئيس ماكرون بزيارته الرسمية لافتتاح كنائس لاليبيلا المرممة إلى إثيوبيا. وخلال هذه الجولة، وقّعت فرنسا وإثيوبيا اتفاقيات تعاون متعددة، شملت على وجه الخصوص خططًا لترميم كنائس لاليبيلا المنحوتة في الصخر والقصر الوطني. وقد أظهرت زيارة ماكرون إلى لاليبيلا، قبل بدء أعمال الترميم، التزام فرنسا بالحفاظ على التراث الثقافي الغني لإثيوبيا.

وفي فبراير 2023، ركزت زيارة  رئيس الوزراء الدكتور آبي إلى فرنسا على تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية. وسلطت المناقشات الضوء على تطلع إثيوبيا إلى الوصول الآمن والدائم إلى البحر، إلى جانب أهمية الاستقرار الإقليمي في منطقة القرن الأفريقي. وتعتبر هذه المحادثات حيوية في الوقت الذي تسعى فيه إثيوبيا إلى تعزيز مشهدها الاقتصادي وتأكيد نفسها كلاعب رئيسي في المنطقة.

وخلال زيارة الرئيس ماكرون التالية لإثيوبيا في ديسمبر 2024، أكد مجددًا التزام فرنسا بدعم الإصلاحات الاقتصادية الإثيوبية ومبادرات إعادة هيكلة الديون.وشدد ماكرون على الحاجة الملحة لحل هذه القضايا بسرعة لتعزيز الاستقرار الاقتصادي والنمو داخل إثيوبيا. يعكس هذا الحوار المستمر الاحترام المتبادل والالتزام بالشراكة التي عززتها الدولتان على مر الزمن.

و في 22 مايو 2025خلال زياته إلى فرنسا واصل رئيس الوزراء آبي جهوده لتعزيز المشاركة الدولية من خلال جولة في مختلف الصناعات في باريس. وتؤكد زياراته على الدور الحاسم لتبادل المعرفة في تسريع التحول الرقمي لإثيوبيا ووضع البلاد كمركز مستقبلي للابتكار والتكنولوجيا في أفريقيا.

وأكد مكتب رئيس الوزراء على أن تركيز الدكتورآبي كان موجهًا بشكل خاص نحو التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي خلال تواجده  في فرنسا. قام رئيس الوزراء  الدكتو آبي بجولة في “ Station F،” وهي حاضنة أعمال شهيرة تابعة للقطاع الخاص للشركات الناشئة في مجال التكنولوجيا وأكبر منشأة للشركات الناشئة في العالم. وعلى الرغم من أن منظومة الشركات الناشئة في إثيوبيا لا تزال في طور النمو، إلا أنها تُظهر إمكانات هائلة مدعومة بجيل شاب ذي معرفة تقنية وتواصل رقمي متزايد.

وتهدف مبادرات الحكومة، مثل استراتيجية “إثيوبيا الرقمية 2025″، إلى تهيئة بيئة مواتية للشركات الناشئة، لا سيما في قطاعات مثل التكنولوجيا المالية، والتكنولوجيا الزراعية، والتجارة الإلكترونية.

بالإضافة إلى الاستراتيجية الرقمية، تم طرح إطار تشريعي شامل يُعرف باسم “إعلان الشركات الناشئة” لإنشاء آليات قانونية ومؤسسية داعمة للشركات الناشئة.

ويعالج هذا الإطار التحديات الحرجة، بما في ذلك محدودية الوصول إلى التمويل والحواجز التنظيمية، مما يعزز بيئة مواتية للابتكار.وتضمن جدول أعمال رئيس الوزراء أيضًا زيارة إلى مقر شركة نوكيا فرنسا في باريس، وهو مركز محوري للبحث والتطوير في التقنيات المتقدمة مثل الجيل الخامس والسادس، والأمن السيبراني، والذكاء الاصطناعي، والشبكات البصرية.

وعُلم أن جولته أتاحت له رؤى قيّمة حول تقنيات استشعار الألياف وتوفير الطاقة، وهي ضرورية لتطوير البنية التحتية في إثيوبيا والتعاون بين القطاعات. وبالإضافة إلى ذلك، زار رئيس الوزراء مركز تاليس للأبحاث والتكنولوجيا في فرنسا، وهو مركز أبحاث متعدد التخصصات يُمثل محورًا أساسيًا لجهود مجموعة تاليس البحثية العالمية. يُركز المركز على مجالات متقدمة مثل الفضاء والدفاع والذكاء الاصطناعي، بما يتماشى مع تطلعات إثيوبيا للارتقاء بمشهدها التكنولوجي.

تُبرز هذه الزيارات مجتمعةً أهمية التعاون الدولي وتبادل المعرفة في تعزيز التحول الرقمي في إثيوبيا. كما تُؤكد طموح البلاد في أن تصبح مركزًا رئيسيًا للابتكار والتكنولوجيا في أفريقيا.

وفي إطار التزامه الدبلوماسي، زار رئيس الوزراء الدكتور آبي أحمد أيضًا روما، إيطاليا، لتعزيز التعاون بين البلدين.وركزت هذه الزيارة على المصالح الاقتصادية المشتركة، وأهداف الأمن الإقليمي، والروابط الثقافية. ومن خلال تعزيز هذه الروابط، يهدف البلدان إلى التعاون بشكل أكثر فعالية ومواجهة التحديات المشتركة.

واستقبلت رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني، نظيرها الإثيوبي الدكتور آبي أحمد في العاصمة روما، في زيارة رسمية تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية الممتدة منذ زمن طويل بين إثيوبيا وإيطاليا.

وناقش القادة سبل توسيع التعاون الثنائي من خلال تقييم المشاريع القائمة، واستكشاف مجالات جديدة للشراكة، لا سيما في ما يتعلق بجذب المزيد من الاستثمارات وتعزيز العمل المشترك في المحافل متعددة الأطراف.

ومنذ توليه منصبه، حرص رئيس الوزراء آبي أحمد على توطيد العلاقات مع القادة الإيطاليين المتعاقبين. وكان قد التقى رئيسة الوزراء ميلوني في روما عام 2022 بعد فترة وجيزة من تسلمها المنصب، حيث دار الحديث آنذاك حول السلام والاستقرار في القرن الإفريقي، بالإضافة إلى دعم إيطاليا لمسيرة التنمية في إثيوبيا.

شهدت العلاقات بين البلدين تطوراً ملموساً، إذ قامت رئيسة الوزراء ميلوني بزيارة إلى إثيوبيا في عام 2023، تلاها عدد من اللقاءات في كل من إيطاليا وساحات دولية متعددة الأطراف.

وتُعدّ إيطاليا شريكاً استراتيجياً في تنمية إثيوبيا إذ تواصل دعمها لقطاعات محورية تشمل الصناعة والصحة، والزراعة، وحماية التراث الثقافي.

كما تساهم الشركات الإيطالية ومؤسسات التعاون الإنمائي الإيطالي بفعالية في تنفيذ مشاريع تنموية داخل البلاد.

وأكد الزعيمان، في ختام محادثاتهما، رؤيتهما المشتركة لتحقيق تنمية مستدامة وتعزيز بيئة استثمارية جاذبة، بما يخدم المصالح المتبادلة للبلدين.

 وخلال زيارته، التقى رئيس الوزراء آبي ببييترو ساليني، الرئيس التنفيذي لمجموعة ويبيلد، في روما لمناقشة التقدم المحرز في المشاريع الوطنية الكبرى التي يبنيانها معًا.وفي منشور على وسائل التواصل الاجتماعي، أكد  الكتورآبي على أن سد النهضة الإثيوبي الكبير، مصدر فخر لإثيوبيا وأفريقيا، على وشك الاكتمال، وأن التقدم المتسارع في سد كويشا، وشراكة ساليني، كان له دور حيوي في تسهيل تحقيق هذه الأهداف.

وأشار إلى أنهما ناقشا المعالم الرئيسية للمشروع، وسبل تسريع التسليم، وأهمية الاستدامة والابتكار في عملهما. وقال إن شراكتهما تُظهر التزامًا مشتركًا بإنشاء مشاريع تحفز النمو الاقتصادي وتدعم التنمية طويلة الأجل في البلاد.ومن خلال هذه المساعي الدبلوماسية، لا يعزز رئيس الوزراء مكانة إثيوبيا الدولية فحسب، بل يعزز أيضًا أهمية التعاون والتفاهم بين الدول.

ولاشك أن تواصل إثيوبيا مع الدول  الصديقة عبر العلاقات الإقليمية والعالمية المعقدة في الوقت الراهن فإن الشراكات التي أبرمتها مع دول مثل فرنسا وإيطاليا وغيرها من الدو ستلعب دوراً حاسماً في مسيرتها نحو التنمية المستدامة والاستقرار.

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai