انتصار مزدوج: 14 عامًا من سد النهضة الإثيوبي الكبير و7 سنوات من القيادة الثاقبة

جوهرأحمد

لعقود، كان جميع الإثيوبيين تقريبًا ينتحبون على النهر الذي لم يُروّض قط في وطنهم، بل كان مصدر ازدهار للدول الأخرى. وقد ركّزت معظم الأغاني والقصائد التي أُلّفت لنهر “النيل “أباي على طبيعته القاسية.

ولكن قبل 14 عامًا، سمع جميع الإثيوبيين خبرًا غير متوقع مفاده أن “إثيوبيا وضعت حجر الأساس لبناء سد يُمكن استخدامه كمصدر للوحدة والازدهار”. كان هذا الخبر أكثر من مُفاجئ لجميع الإثيوبيين.

كما أثار هذا الخبر شكوكًا لدى معظم الإثيوبيين، إذ شعروا بنقص الموارد المالية الكافية لبناء السد. إلا أن هذا الشكوك تبددت على الفور، وبدأ كل إثيوبي يُبذل جهودًا حثيثة لإنجاحه.

لطالما اعتُبرت إثيوبيا بمثابة سقف أفريقيا بفضل موقعها الجغرافي وتضاريسها التي وفرت لها وفرة من الأمطار التي يمكن استخدامها إما للإنتاج الزراعي أو لتوليد الطاقة الكهرومائية. ومع ذلك، حالت عدة عوامل دون استغلال الدولة الأمثل لهذا المورد الطبيعي لتحقيق التقدم الاقتصادي.

وكانت العقبات المالية والفنية والدبلوماسية أبرزها. ومع ذلك، مع فكرة سد النهضة الإثيوبي الكبير، بدأ الإثيوبيون يأملون في مستقبل أفضل وأدركوا الحاجة إلى مشاريع كهرومائية واسعة النطاق لمعالجة مشكلة الطاقة.

ويُعتبر سد النهضة الإثيوبي الكبير بلا شك أهم مشروع في تاريخ إثيوبيا الحديث، ويمثل رمزًا للفخر الوطني. وشُيّد السد لتسخير الإمكانات الهائلة لنهر النيل الأزرق، مما عزز بشكل كبير قدرة إثيوبيا على توليد الكهرباء.

وفي حين أن السد يجسد طموحات إثيوبيا، إلا أنه لم يخلو من الخلاف، لا سيما فيما يتعلق بدول المصب، السودان ومصر. وفقد أعربت الدولتان عن مخاوف لا أساس لها بشأن الأمن المائي والآثار المحتملة على نهر النيل.

ومع ذلك، وبفضل الجهود الدبلوماسية التي بذلتها الحكومة والاهتمام العام بنجاح إنجازه، شهدت السنوات الماضية نتائج فعّالة.

وفي بلد يعيش فيه الكثير من المواطنين تحت خط الفقر، حشد سد النهضة الإثيوبي الكبير الدعم الشعبي والعمل الجماعي. وناشدت الحكومة الإثيوبية المواطنين للتبرع ماليًا لتمويل بناء السد، مما أدى إلى مشاركة شعبية واسعة في جمع التبرعات.

لم تكن هذه الدعوة للدعم المالي مجرد وسيلة عملية لدعم المشروع، بل كانت أيضًا دعوةً توحيديةً استغلت رغبةً عميقةً في التقدم والاكتفاء الذاتي.

واستقطبت حملات جمع التبرعات مساهماتٍ من جميع شرائح المجتمع، بما في ذلك مجتمعات الشتات حول العالم التي ترى في سد النهضة جزءًا لا يتجزأ من مستقبل إثيوبيا. وقد عزز هذا الدعم واسع النطاق شعورًا بالفخر والانتماء لدى المواطنين، مما عزز التزامهم بجهود التنمية الوطنية.

وفي حين احتشد الشعب الإثيوبي خلف هذا المشروع الطموح، إلا أن قضايا مثل الفساد والخيانة الداخلية شكلت تحدياتٍ كبيرةً أمام تقدم سد النهضة، ساهمت ماليًا ومعنويًا في نجاحه.

وأعاقت هذه العوامل إلى حد كبير الجهود الرامية إلى تحقيق كامل إمكانات السد، لا سيما قبل الإصلاحات السياسية التي مثّلت نهاية نظام الجبهة  الثورية الديمقراطية للشعوب الإثيوبية  وقد بشر ظهور النظام السياسي الجديد بعهد جديد، عهد وعد بتغيير المشهد السياسي والاقتصادي للبلاد، وفي قلب هذه التغييرات التحويلية رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد وهو قائد ذو رؤية ثاقبة مثّل صعوده إلى السلطة في عام 2018 نقطة تحول في تاريخ إثيوبيا.

وبعد توليه السلطة، قدّم الدكتورآبي أحمد منظورًا جديدًا للتحديات التي تواجهها الأمة، محليًا ودوليًا. وكان لقيادته دور فعال في معالجة القضايا التي عانت منها تاريخيًا مشاريع كبرى مثل سد النهضة.

ومنذ توليه منصبه، اتخذ رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد خطوات جريئة لتعزيز الجهود الدبلوماسية المتعلقة بسد النهضة الإثيوبي الكبير. وإدراكًا منه لأهمية التعاون والحوار في نجاح هذا المشروع الضخم، وعزز الحوار مع الدول المجاورة، وخاصة السودان ومصر، اللتين لطالما أعربتا عن مخاوفهما بشأن تأثير السد على مواردهما المائية.

ومن خلال إطلاق مناقشات ثنائية والتواصل مع الجهات المعنية الدولية، عمل رئيس الوزراء آبي على وضع إطار عمل لإدارة المياه بشكل تعاوني من شأنه أن يخفف من حدة التوترات الإقليمية.

وإلى جانب ذلك، التزمت إدارة رئيس الوزراء بمحاربة الفساد، وهي خطوة حاسمة نحو ضمان الاستخدام الفعال للموارد المخصصة للسد والبنية التحتية المرتبطة به.

ومن خلال إعطاء الأولوية للشفافية والمساءلة، تهدف الحكومة إلى استعادة ثقة الجمهور وحشد الدعم لسد النهضة الإثيوبي الكبير. ويتجلى هذا الالتزام في مختلف التدابير التي نفذها حزب الازدهار، بما في ذلك تشديد اللوائح وآليات الرقابة التي تهدف إلى الحد من ممارسات الفساد في المشاريع العامة.

وفي ظل قيادة الدكتورآبي أحمد قطعت إثيوبيا أشواطًا كبيرة في الإصلاح السياسي والاقتصادي. سعى رئيس الوزراء إلى تحرير الاقتصاد، وجذب الاستثمارات المحلية والأجنبية، التي تُعدّ أساسيةً لنجاح إنجاز سد النهضة الإثيوبي الكبير والتنمية الشاملة للبلاد. ولتحقيق ذلك، شرعت الحكومة في تنفيذ خطة طموحة تُركّز على النمو المستدام، وخلق فرص العمل، وتطوير البنية التحتية.

وتتجاوز رؤية رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد لإثيوبيا مجرد سد النهضة، إذ يسعى إلى تسخير إمكاناته كمحفّزٍ لتحول اقتصادي أوسع، بما يضمن استفادة البلاد من الطاقة التي يُنتجها.

 وأن نجاح إنجاز سد النهضة الإثيوبي الكبير لا يقتصر على توفير الكهرباء لملايين الإثيوبيين فحسب، بل يُمكّن أيضًا من ترسيخ مكانة إثيوبيا كمركز إقليمي للطاقة، مع إمكانية تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة، وبالتالي خلق فرص اقتصادية.

وفي الختام، يُجسّد سد النهضة الإثيوبي الكبير طموحات إثيوبيا ونضالها. وبينما شكّل الفساد والخيانة تهديدًا تاريخيًا لتقدمها، فإن الإصلاحات السياسية التي بدأها رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد أعادت الأمل للمشروع.

لقد أرست قيادته في تعزيز الحوار الإقليمي وتنفيذ الإصلاحات أسسًا قيّمة تُمكّن إثيوبيا من تحقيق مستقبل مزدهر.

ولا شك أن الطريق أمامنا سيكون محفوفًا بالتحديات، ولكن بروح وطنية موحدة والتزام بالشفافية والتعاون، تقف إثيوبيا على أهبة الاستعداد لتحقيق حلمها في دولة حديثة وغنية بالطاقة، وسد النهضة حجر الزاوية فيها.

ومع اقتراب السد من الاكتمال، يراقب العالم بفارغ الصبر، منتظرًا بزوغ فجر فصل جديد في مسيرة إثيوبيا الحافلة.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai