عبد الباقي الاصبحي المتخصص في قضايا القرن الافريقي والبحر الاحمر
إتفقت إثيوبيا والصومال على إضفاء الطابع الرسمي على تعاونهما العسكري من خلال “اتفاقية” من اجل تعزيز جهودهما في مكافحة الإرهاب في الصومال.
وتأتي الاتفاقية في أعقاب محادثات دبلوماسية بين رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد والرئيس الصومالي حسن شيخ محمود في أديس أبابا، إلى جانب المناقشات اللاحقة بين القادة العسكريين في مقديشو.
ومن الواضح أن إثيوبيا والصومال تربطهما علاقة متطورة، مدفوعة بمخاوف أمنية مشتركة، وروابط اقتصادية، وديناميكيات إقليمية.
و تواجه كلتا الدولتين تهديدات كبيرة من الجماعات المتطرفة مثل الشباب، مما دفعهما إلى تعزيز تعاونهما في الجهود العسكرية والاستخباراتية والدبلوماسية، مع التركيز على تعزيز استراتيجيات مكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي.
ونظرًا لهذا، أظهرت إثيوبيا باستمرار التزامها بمكافحة الإرهاب وتعزيز الاستقرار الإقليمي. و خلال أوقات عدم الاستقرار، وخاصة عندما واجهت الصومال تهديدات من حركة الشباب، لعبت إثيوبيا دورًا رئيسيًا في تقديم الدعم العسكري واللوجستي والدبلوماسي.
ومن خلال مشاركتها في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) ومبادرات أخرى، ساعدت إثيوبيا في إضعاف نفوذ حركة الشباب، واستعادة السلام في المناطق التي كانت خاضعة لسيطرة المتمردين، ودعم جهود بناء السلام الأوسع في الصومال.
وكان هذا الالتزام العسكري حيويا في تعزيز السلام، والسماح بإنشاء هياكل الحكم وتسهيل تقديم المساعدات الإنسانية للمجتمعات المتضررة.
وإلى جانب دورها العسكري، لعبت إثيوبيا أيضاً دوراً بناء في المشهد السياسي في الصومال. وإدراكاً منها لحقيقة مفادها أن السلام الدائم لا يمكن تحقيقه بالقوة وحدها، لعبت إثيوبيا دوراً فعالاً في تيسير الحوار السلمي بين الحكومة المركزية في الصومال والسلطات الإقليمية، التي كثيراً ما تختلف وجهات نظرها بشأن قضايا الحكم والحكم الذاتي.
ومن خلال المبادرات الدبلوماسية، أنشأت إثيوبيا منصة لهذه الفصائل للمشاركة في حوار بناء، وتخفيف التوترات والمساهمة في تطوير نظام سياسي أكثر شمولاً وتوحيداً.
وكانت إثيوبيا أيضاً شريكاً مهماً في إصلاحات قطاع الأمن الجارية في الصومال. فقد عرضت الدعم الفني والخبرة لتعزيز المؤسسات الأمنية في الصومال، بما في ذلك الجيش الوطني وقوات الشرطة.
وهذه الإصلاحات حاسمة بالنسبة للصومال للحفاظ على أمنها في الأمد البعيد، والحد من الاعتماد على القوى الخارجية وتعزيز تنمية الحكم المحلي.
وقد أرسى دعم إثيوبيا في هذه المجالات الأساس للسلام والاستقرار الدائمين، وهو أمر ضروري لتحقيق أهداف التنمية الأوسع في الصومال.
ومن خلال الجمع بين الاستراتيجيات العسكرية والدبلوماسية والتنموية، أظهرت إثيوبيا أن النهج الشامل أمر بالغ الأهمية لمعالجة التحديات الأمنية المعقدة في الصومال وتعزيز السلام والاستقرار الدائمين في منطقة القرن الأفريقي.
ومن خلال هذه الإجراءات الملموسة، أظهرت إثيوبيا باستمرار تفانيها في ضمان مستقبل آمن ومزدهر ليس فقط للصومال بل ولمنطقة القرن الأفريقي بأكملها وما وراءها.
باختصار، يمثل الاتفاق الأخير بين البلدين الشقيقين علامة فارقة مهمة في تعزيز جهود مكافحة الإرهاب وتحسين الاستقرار الإقليمي وتعزيز بعثة الاتحاد الأفريقي لدعم واستقرار الصومال.
ويعزز الاتفاق العلاقات الثنائية في معركتهما المشتركة ضد حركة الشباب ويلعب دورًا لا غنى عنه في تأمين السلام والأمن والاستقرار على المدى الطويل في منطقة القرن الأفريقي، عبر القارة الأفريقية وعلى مستوى العالم. كما يساهم بشكل هادف في الجهود الدولية الأوسع نطاقًا – للفوز في النضال ضد الإرهاب والحفاظ على السلام والاستقرار الدوليين.