سمراي كحساي
تُمثل الزيارة الرسمية للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى إثيوبيا في 11 يناير 2025 علامة فارقة مهمة في العلاقات المتطورة بين البلدين الجارين.
وتعكس الزيارة والبيان المشترك الناتج عنها رؤية مشتركة لتعزيز المشاركة الدبلوماسية والتعاون الاقتصادي والاستقرار الإقليمي.
وأشار المؤرخ آدم كامل إلى أن الالتزام المتجدد بالعلاقات الثنائية الصحية بين إثيوبيا والصومال، بعد التقارب الأخير بينهما، أشعل الآمال في منطقة أكثر استقرارًا.
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة العلم، قال المؤرخ آدم كامل إن التزام البلدين الشقيقين باستعادة وتعزيز العلاقات الدبلوماسية أمر مشجع.
وأشار إلى أن الحفاظ على السلام والاستقرار في إثيوبيا أمر حيوي لبناء السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي الأوسع. وان اتفاق المصالحة والسلام بين البلدين يشكل علامة فارقة لتحقيق هذه الغاية.
وقال إن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين هي دليل على التزامهما باستعادة والحفاظ على السلام والاستقرار في جميع أنحاء منطقة القرن الأفريقي.
وترمز زيارة الرئيس حسن شيخ محمود إلى إثيوبيا إلى فصل جديد في العلاقات بين إثيوبيا والصومال، يتميز بعلاقات دبلوماسية متجددة، وتعاون أمني معزز، ورؤية مشتركة للتكامل الاقتصادي.
ويسلط البيان المشترك الضوء على نهج عملي لمعالجة التحديات المشتركة مع وضع الأساس للاستقرار الإقليمي والازدهار على المدى الطويل.
ومن خلال الالتزام بالثقة المتبادلة والتعاون والاحترام، تتمتع إثيوبيا والصومال بالقدرة على تحويل علاقتهما إلى حجر الزاوية للسلام والتنمية في منطقة القرن الأفريقي.
ومع ذلك، فإن ترجمة هذه الالتزامات إلى نتائج قابلة للتنفيذ سوف تتطلب إرادة سياسية مستدامة .
إعادة الالتزام بتعزيز العلاقات
يؤكد البيان المشترك على الالتزام المتبادل باستعادة وتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التمثيل الدبلوماسي الكامل.
وهذا يشير إلى تنشيط الحوار السياسي بعد سنوات من العلاقات المتقلبة التي تشكلت بفعل التوترات التاريخية والنزاعات الإقليمية والتعقيدات الإقليمية.
وتشير الزيارة إلى تجديد الثقة بهدف إرساء الأساس للتعاون المستدام. إن التركيز على “التمثيل الدبلوماسي الكامل” في عواصم البلدين هو خطوة عملية نحو تعزيز التواصل وتعزيز العلاقات الوثيقة على مستوى الدولة.
التعاون الأمني ومعالجة التهديدات المشتركة
تواجه كل من إثيوبيا والصومال تحديات أمنية كبيرة، وخاصة من جانب الجماعات المسلحة المتطرفة مثل حركة الشباب، التي تعمل عبر الحدود وتزعزع استقرار منطقة القرن الأفريقي.
وإن تعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية يجسد إدراكًا عميقًا للطبيعة العابرة للحدود التي تتسم بها التهديدات.
ويمكن أن تسهم مشاركة المعلومات الاستخباراتية، والتنسيق في العمليات العسكرية، وتطوير القدرات بشكل فعّال في الحد من تأثير الجماعات المتطرفة.
وإن التركيز على الثقة المتبادلة والاحترام كمتطلبات أساسية للاستقرار يتماشى مع الهدف الأوسع المتمثل في تعزيز النظام الإقليمي السلمي.
ويمكن لإثيوبيا، من خلال دورها كمساهم رئيسي في حفظ السلام في الصومال في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال/قوة حفظ السلام في الصومال، الاستفادة من مواردها العسكرية واللوجستية لدعم أولويات الأمن في الصومال.
ومن الجدير بالذكر، أنه قبل وصول نظام الحكومة المركزية المستقر الحالي إلى السلطة في البلاد، جرت أكثر من 17 محاولة لإعادة الحكومة المركزية في الصومال وفشلت.
وفي كل هذه الأوقات، لم تفقد إثيوبيا الأمل أبدًا واستمرت في العمل بلا هوادة لتوفير كل الدعم الدبلوماسي بما في ذلك استضافة المفاوضات.
ومن خلال التدقيق في كل هذه العوامل الأساسية وما حدث في الصومال خلال العقود الثلاثة الماضية، يتبين لنا أنه لا يمكن لأي دولة أخرى أن تكون شريكاً أكثر موثوقية ومسؤولية في ضمان السلام في الصومال.
وعلاوة على ذلك، فإن العلاقات الثقافية بين البلدين أيضًا، وقوات حفظ السلام الإثيوبية وشعب الصومال تساعد أيضا على العمل جنبًا إلى جنب من أجل تحقيق سلام دائم في الصومال.
التعاون الاقتصادي والطريق إلى الازدهار المشترك
يسلط البيان الضوء على أهمية توسيع التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار، مع ربط البنية الأساسية كعامل تمكيني حاسم.
وإن توسيع روابط البنية الأساسية، مثل شبكات الطرق والممرات التجارية، من شأنه أن يسهل التكامل الاقتصادي ويحسن القدرة على الوصول إلى الأسواق.
و اقتصاد إثيوبيا غير الساحلي وموقع الصومال الاستراتيجي مع إمكانية الوصول إلى المحيط الهندي يمثلان فرصة لتحقيق المنفعة المتبادلة.
كما أن التركيز على التعاون الاقتصادي القوي يفتح آفاقًا للمشاريع المشتركة في قطاعات مثل الزراعة والطاقة والنقل. وإن الاستفادة من الموارد المشتركة، مثل إمكانات الطاقة المتجددة في إثيوبيا ومرافق الموانئ في الصومال، من شأنها أيضا أن تفتح الباب أمام النمو الإقليمي.
بناء إطار تعاوني
وتعكس مناقشات الزعيمين بشأن الاستقرار الإقليمي وتأكيدهما على إعلان أنقرة التزامهما بإطار أوسع للتعاون الإقليمي.
ومن خلال الالتزام بتسريع المفاوضات الفنية بموجب إعلان أنقرة، تشير الدولتان إلى نيتهما في تفعيل الاتفاقيات التي تعطي الأولوية للسلام والتنمية والتضامن في منطقة القرن الأفريقي.
وعلاوة على ذلك، فإن تحسين العلاقات الثنائية من شأنه أن يقلل من خطر استغلال القوى الخارجية للانقسامات بين إثيوبيا والصومال.
كما أن التعاون المشترك سيعزز قدرة المنطقة على التفاوض من موقع قوة في المحافل العالمية.