استعدادات  اثيوبيا للتجمع العملاق في أفريقيا

 

عمر حاجي

 

تجري الاستعدادات في إثيوبيا للدورة العادية الثامنة والثلاثين لجمعية الاتحاد الأفريقي، إلى جانب الدورة العادية السادسة والأربعين للمجلس التنفيذي. من المقرر أن تقام هذه التجمعات المهمة في الفترة من 12 إلى 16 فبراير 2025، وستجمع بين القادة الأفارقة لمعالجة القضايا التي تواجه القارة. وستقام القمة تحت شعار “العدالة للأفارقة ولأشخاص من أصل أفريقي من خلال التعويض”، مؤكدة على الحاجة إلى المساواة والعدالة للمجتمعات المهمشة.

ومن المتوقع أن تتناول القمة مجموعة من المسائل الملحة، بما في ذلك استراتيجيات التنمية الاقتصادية التي تهدف إلى تعزيز التجارة بين البلدان الأفريقية، والتصنيع، ومعالجة التفاوتات الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، ستركز المناقشات على السلام والأمن، مع الجهود المبذولة لمكافحة الإرهاب وحل النزاعات التي تزعزع استقرار مناطق مختلفة في القارة.

كما ستكون المناقشة حول تغير المناخ موضوعًا رئيسيًا، حيث يعمل القادة على التكيف مع آثاره وتعزيز ممارسات التنمية المستدامة. علاوة على ذلك، سيتم توضيح دور التكنولوجيا والابتكار كأدوات أساسية لدفع النمو الاقتصادي وتعزيز الخدمات الاجتماعية في جميع أنحاء القارة.

وتتبنى إثيوبيا باعتبارها الدولة المضيفة، نهجًا استباقيًا في تنظيم القمة. وقد أنشأت الحكومة لجنة وطنية للإشراف على الاستعدادات، وضمان حدث سلس وناجح. وفي الصدد، أجرت السفيرة برتوكان أيانو، وزيرة الدولة للشؤون الخارجية ورئيسة اللجنة الوطنية لقمة الاتحاد الأفريقي، مناقشات مع ممثلين أكثر من ثلاثين مؤسسة مشاركة في الاستعدادات.

وأكدت على الأهمية الدبلوماسية لاستضافة قمة الاتحاد الأفريقي في أديس أبابا، مؤكدة على كيفية تعزيز العلاقات المتعددة الأطراف في جميع أنحاء أفريقيا.

وحدد ملاكو بدادا، المدير العام لشؤون المراسم بوزارة الخارجية، استراتيجيات مختلفة لضمان نجاح القمة. وذكر، بأن إثيوبيا تتمتع بسمعة قوية في تنظيم المؤتمرات الوطنية والقارية والدولية بشكل فعال. ولكن من المتوقع أن تكون قمة الاتحاد الأفريقي لعام 2025 مميزة بشكل خاص.

لقد خضعت أديس أبابا، مركز النشاط الدبلوماسي، لتحولات حضرية دراماتيكية، مما عزز من منظر المدينة وجمالها. وقد أدى هذا التطور إلى تنمية ممرات جديدة ومشاريع بنية تحتية، مما أعطى المدينة جاذبية معاصرة تنسجم مع إرثها التاريخي الغني والتقدم الحديث. وبينما تستعد لاستضافة قمة الاتحاد الأفريقي، فإن طاقة أديس أبابا النابضة بالحياة وسحرها العالمي سوف تأسر الزوار بلا شك.

وبصرف النظر عن أهميتها التاريخية، تقدم المدينة اندماجًا فريدًا من نوعه بين الثقافة الأفريقية والرقي الدولي. ويمكن للزوار الانغماس في الأسواق الصاخبة واستكشاف المواقع القديمة والانخراط في مشهد فني مزدهر. وتبرز هذه المدينة الديناميكية بسرعة كمركز عالمي، وتجذب الانتباه والاستثمار الدولي. وباعتبارها المقر الرئيسي لكل من الاتحاد الأفريقي ولجنة الأمم المتحدة الاقتصادية لأفريقيا، عملت أديس أبابا لفترة طويلة كمركز دبلوماسي. كما عززت التطورات الأخيرة في البنية التحتية والسياحية مكانتها كوجهة رئيسية للمؤتمرات والقمم الدولية.

بالإضافة إلى ذلك، يستعد متحف عدوا الذي تم بناؤه حديثًا للاحتفال بالنصر التاريخي في معركة عدوا، وهو رمز للفخر للشعوب الأفريقية. كما تم تدريب العديد من الشباب الإثيوبيين على حسن الضيافة للترحيب بالضيوف، مما يعكس الدفء والكرم الذي تشتهر به البلاد. وتظل سلامة الوفود أولوية قصوى، مما يضمن شعور جميع الحاضرين بالأمان والخدمة الجيدة طوال فترة إقامتهم. ومع استعداد إثيوبيا لاستضافة القمة الثامنة والثلاثين للاتحاد الأفريقي، تقف البلاد على أهبة الاستعداد للعب دور محوري في تشكيل مستقبل القارة، وتعزيز التعاون، وتعزيز العدالة والتنمية لجميع الأفارقة. ويمتد طموح إثيوبيا إلى ما هو أبعد من حدودها، مما يعكس التزامًا عميقًا بتعزيز التعاون والوحدة بين الدول الأفريقية.

ويتجلى هذا الالتزام في مشاركة إثيوبيا الاستباقية مع دول جيرانها في جميع أنحاء القارة، مما يدل على استعدادها للعمل معًا لتحقيق أهداف مشتركة. كما أن أحد أهم جوانب دور إثيوبيا في تعزيز السلام هو استعدادها للتضحية بقواتها في مختلف الدول الأفريقية. من خلال المساهمة ببعثات قوات حفظ السلام، ولعبت إثيوبيا دورًا حاسمًا في استقرار المناطق المتضررة من الصراع. حيث إن هذا التفاني غير الأناني لا يُظهِر قيادة إثيوبيا فحسب، بل يسلط الضوء أيضًا على فهمها للترابط بين السلام والازدهار في جميع أنحاء إفريقيا. لقد أدت جهود إثيوبيا إلى نجاحات ملحوظة، ساعدت في تخفيف حدة العنف واستعادة النظام في الدول التي تواجه الاضطرابات.

ومن خلال المبادرات الدبلوماسية والدعم العسكري، وضعت البلاد نفسها كحجر الزاوية في جهود بناء السلام في القارة. وتؤكد التضحيات التي قدمتها قوات حفظ السلام الإثيوبية على رؤية أوسع للأمن تتجاوز المصالح الوطنية، وتهدف بدلاً من ذلك إلى الرفاهية الجماعية للدول الأفريقية. ومع استمرار إثيوبيا في التعامل مع جيرانها وخارجها، فإنها بمثابة تذكير قوي بإمكانية التعاون في تحقيق السلام. حيث إن الالتزام بالازدهار المشترك ليس مجرد طموحن بل هو هدف ملموس يمكن أن يؤدي إلى أفريقيا أكثر استقرارًا وازدهارًا للجميع.

ومن خلال تعزيز الشراكات واتخاذ إجراءات حاسمة، تمهد إثيوبيا الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا، حيث تعمل الدول جنبًا إلى جنب للتغلب على التحديات وبناء قارة متناغمة. وأن التزامها بالتنمية الإقليمية يحتل مركز الصدارة، حيث تقود الدولة الجهود الرامية إلى دمج شبكات الطاقة في شرق إفريقيا. ويعد هذا المشروع الطموح بإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية، وتعزيز التعاون، وأمن الطاقة في جميع أنحاء المنطقة. وأن القدرة المزدهرة للطاقة الكهرومائية في إثيوبيا التي يغذيها سد النهضة الإثيوبي الكبير ومشاريع أخرى، على وشك أن تصبح حجر الزاوية في إمدادات الطاقة الإقليمية.

وقد أبرمت البلاد بالفعل اتفاقيات لتصدير الطاقة مع العديد من الدول المجاورة، بما في ذلك السودان وجيبوتي وكينيا. وتستفيد اليوم، دول كل من جيبوتي والسودان وكينيا من صادرات إثيوبيا من الكهرباء. وهناك خطط إضافية جارية أيضًا لتوسيع هذا النطاق إلى أوغندا وجنوب السودان وتنزانيا ودول أخرى في جميع أنحاء المنطقة، مما يمثل معلمًا مهمًا في استراتيجية تكامل الطاقة في المنطقة.

وفي تطور ملحوظ، أعلنت البلاد أيضًا عن خطط لتصدير ما يقرب من 100 ميغاواط من الكهرباء إلى تنزانيا عبر كينيا. وبصرف النظر عن الاتفاقيات الثنائية، تشارك إثيوبيا بنشاط في المبادرات الإقليمية التي تهدف إلى إنشاء أسواق موحدة للكهرباء. ويشمل هذا المسعى توحيد لوائح الطاقة، وتعزيز البنية التحتية للشبكة، وتعزيز تجارة الطاقة عبر الحدود.

يعتقد الخبراء أن شبكة الطاقة المتكاملة إقليميًا لن تحفز التنمية الاقتصادية فحسب، بل ستساهم أيضًا في التخفيف من آثار تغير المناخ من خلال تشجيع تبني مصادر طاقة أكثر نظافة. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يعزز المشروع أمن الطاقة، ويضمن إمدادات طاقة أكثر موثوقية ومرنة لجميع الدول المشاركة.

ويُنظر إلى ريادة إثيوبيا في التكامل الإقليمي للطاقة على أنها خطوة مهمة نحو شرق إفريقيا أكثر ازدهارًا وترابطًا، وأشيد بالتزام البلاد بتسخير مواردها من الطاقة لصالح المنطقة بصورة أوسع باعتبارها نموذجًا للتعاون بين دول إفريقيا.

 

 

 

 

 

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai