* باعتبارها موطنًا للتراث العالمي تحتل إثيوبيا مكانة عالية في مجال السياحة
جوهرأحمد
من الكنائس القديمة الخلابة المنحوتة في الصخر في لاليبيلا إلى قلعة أكسوم الرائعة وجبال الشمال وغيرها، تقف إثيوبيا على أكتاف عالية في التراث من صنع الإنسان والطبيعي. تعد الدولة التاريخية موطنًا لثقافات رائعة وفسيفساء تجذب السياح بأعداد كبيرة. وباعتبارها موطنًا للتراث المادي والمعنوي المدرج في اليونيسكو، فإن البلاد تحتل أيضًا مكانة جيدة في الصفوف الأولى من حيث الإمكانات السياحية الغنية.
ويساهم التراث أيضًا في تاريخ العالم وحضارة البشرية, ومع ذلك، يواجه التراث المعترف بها دوليًا بعض التهديدات التي تتطلب أعمال صيانة وإعادة تأهيل عاجلة ومضنية.
وتعيق عوامل مثل الموارد المالية المحدودة والبنية الأساسية غير الكافية ونقص المهنيين المهرة جهود الحفظ الفعالة. وتتعرض العديد من المواقع التاريخية للخطر بسبب التدهور البيئي والإهمال، وكلها تهدد بمحو قرون من التاريخ والمواقع الثقافية المهمة. وأن الافتقار إلى السياسات القوية وأطر الإدارة يؤدي إلى تفاقم هذه القضايا، مما يجعل العديد من المواقع عرضة للتدهور.
وتستفيد إثيوبيا بشكل كبير من الاستفادة من أصولها الثقافية لجذب السياحة وخلق فرص العمل وتعزيز المجتمع. وأن النهج الشامل الذي يدمج الحفاظ مع ممارسات التنمية المستدامة أمر ضروري لضمان الحفاظ على تراث إثيوبيا الغني للأجيال القادمة.
ومنذ بداية الإصلاح في عام 2018، قطعت الحكومة الإثيوبية شوطا واسعا لتعزيز قيمة تراثها الثقافي، بهدف جذب الاهتمام والاستثمار الأجنبي. ستؤدي هذه الميزة ليس فقط إلى حماية التراث الثقافي الغني لإثيوبيا ولكن أيضًا إلى تقديمه على الساحة العالمية، وتعزيز التقدير والتعاون الدولي. ووفقًا لأعمال الحفاظ على التراث، تعمل الحكومة على إعادة تأهيل بعض التراث بدعم من اليونيسكو ومن بعض الدول وعلى رأسها فرنسا.
وفي هذا السياق حافظت إثيوبيا وفرنسا على علاقة دبلوماسية قوية، وروابط ثقافية عميقة. وساهمت هذه الرابطة بتبادل الأفكار والممارسات المتعلقة بالحفاظ على التراث الثقافي والترويج له. وتدرك كلتا الدولتين أهمية التراث الثقافي كوسيلة لتعزيز هويتهما وتعزيز التفاهم المتبادل. ومن خلال تبادل الخبرات، يمكن لإثيوبيا وفرنسا التعاون في استراتيجيات تحمي تراثهما الفريد وتحتفل به.
ويمكن أن يؤدي هذا التعاون إلى مشاريع مشتركة وتبادل ثقافي وبرامج تعليمية تؤكد على أهمية الحفاظ على المواقع التاريخية والتقاليد والتعبير الفني. و تعمل هذه الشراكة على إثراء المشهد الثقافي لكلا البلدين وتعمل كأداة دبلوماسية قويةتعزز السلام والتضامن من خلال القيم الثقافية المشتركة.ون العلاقة بين إثيوبيا وفرنسا مبنية على تاريخ من التعاون والاحترام المتبادل والالتزام بالتقدم.
وأثناء زيارة رسمية قام بها مؤخرًا إلى إثيوبيا، أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على أهمية إثيوبيا كمهد للحضارة الإنسانية المبكرة ، وسلط الضوء على الروابط التاريخية بين البلدين وتعاونهما في مشاريع مهمة.
وفي معرض حديثه عن المبادرات السابقة، أشار الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى أنه في عام 2019، التزمت الدولتان بالحفاظ على التراث الثقافي من خلال برنامج علمي، وأعلن أن مشروع حماية التراث الفريد في لاليبيلا يقترب من الاكتمال.
وتؤكد زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على الشراكة المتعمقة بين إثيوبيا وفرنسا، والتي ترتكز على التاريخ المشترك والالتزام المتبادل بالحفاظ على الثقافة والتنمية الاقتصادية. وبينما تشق إثيوبيا طريقها نحو التحديث، فإن التعاون مع فرنسا سيعلب دورا حيويا في تعزيز النمو والاستقرار.
واستكشفت المناقشات خلال الزيارة مزيدا من فرص التعاون في التعليم والتبادل الثقافي. ويوضح التزام إثيوبيا بتعزيز علاقتها التاريخية مع فرنسا التركيز على بناء شراكات طويلة الأجل مع القوى العالمية. ومن المتوقع أن تعمل المبادرات الناشئة عن هذا الحوار على تعزيز التفاهم المتبادل وتسهيل نقل المعرفة.
وفي هذا الصدد أشاررئيس الدكتور أبي أحمد إلى عدد من فرص التعاون في قطاعات مختلفة بما في ذلك تعزيز الاستثمارات الفرنسية وتعزيز الروابط التعليمية والثقافية. وأكد على أهمية مواصلة تطوير العلاقات التاريخية الطويلة بين البلدين.ومن المتوقع أن تساعد الاستثمارات الفرنسية إثيوبيا في تحقيق النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل وتحسين البنية التحتية.
وأكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون على التزام فرنسا بدعم مشاريع التنمية في إثيوبيا، بما في ذلك مبادرات الصحة والزراعة والبنية التحتية. كما أقر بسعي إثيوبيا للوصول إلى البحر، معربًا عن دعم فرنسا لهذا الهدف.لقد دعمت فرنسا باستمرار التنمية الاجتماعية والاقتصادية في إثيوبيا.
وأعرب رئيس الوزراء الإثيوبي الدكتورأبي أحمد عن تقديره للحكومة الفرنسية لمساعدتها في تجديد القصر الوطني والمساعدة في ترميم كنائس لاليبيلا المنحوتة في الصخر، وهي أحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو. ويسلط مثل هذه التعاون الضوء على نجاح إثيوبيا الدبلوماسي في تأمين الشراكات الدولية للحفاظ على معالمها التاريخية.
لاليبيلا، التي تشتهر بكنائسها الـ 11 المنحوتة في الصخر في القرنين الثاني عشر والثالث عشرالتي تجسد التألق المعماري والروحي لإثيوبيا.وأن الدعم الذي تقدمه الحكومة الفرنسية لإعادة تأهيل لاليبيلا يعكس الروابط القوية التي تجمع البلدين .
وتتعزز العلاقات الثقافية من خلال وجود التحالف الفرنسي في أديس أبابا ودير داوا، الذي يعزز اللغة والثقافة الفرنسية، فضلاً عن مدرسة “ليسيه جبر ماريام”، وهي مدرسة فرنسية في إثيوبيا. كما يتعاون البلدان في التعليم العالي، حيث يقدمان منحًا دراسية فرنسية للطلاب الإثيوبيين ويشاركان في التعاون العلمي من خلال المركز الفرنسي للدراسات الإثيوبية (CFEE)، مع التركيز على علم الآثار والبحث البيئي.
ولا تربط البلدين علاقات ثقافية فحسب، بل لديهما أيضًا تعاون عسكري قوي. مع اتفاقية دفاعية تم توقيعها في مارس 2019 تسهل الدعم المتبادل.
وتساعد فرنسا إثيوبيا في إعادة بناء أسطولها البحري وتوفير تدريب للضباط الإثيوبيين في الأكاديمية البحرية الفرنسية. وتعمل الدولتان على تعزيز جهود حفظ السلام من خلال المركز الدولي للتدريب على حفظ السلام الإثيوبي والتعاون في مكافحة الإرهاب والأمن الإقليمي في القرن الأفريقي.
و أعرب الرئيس ماكرون عن تفاؤله بشأن التعاون المستقبلي لدعم التحديث الاقتصادي في إثيوبيا. وأكد على التزام فرنسا بالمساعدة في تنفيذ اتفاقية بريتوريا، وهي إطار حيوي لضمان السلام والاستقرار في إقليم تجراي.
وبالإضافة إلى التعاون العسكري، تتعاون فرنسا وإثيوبيا في قطاعي البيئة والرعاية الصحية، ودعم المبادرات المتعلقة بتغير المناخ، ومشاريع الطاقة الخضراء، والبنية التحتية الصحية. كما تعمل الدولتان معًا للترويج للمواقع التاريخية في إثيوبيا، مثل لاليبيلا، كجزء من تنمية السياحة.
ولا شك أن إثيوبيا تشق طريقها نحو التحديث والتنمية، مما يؤدي إلى زيادة نفوذها الدبلوماسي. وأن تركيز البلاد على التعددية والتعاون الإقليمي والتقدم الاقتصادي يجعلها قائدة صاعدة في الشؤون الدولية. وأن النجاح الدبلوماسي لإثيوبيا محوري لمستقبلها وتعزيز عالم أكثر سلامًا وازدهارًا. وبينما يحتفلان البلدان بمرور 127 عامًا على العلاقات الدبلوماسية، تؤكد إثيوبيا وفرنسا على تفانيهما في تعزيز هذه الروابط للأجيال القادمة.