التصديق على اتفاقية الإطار التعاوني يشكل إنجازاً كبيراً

 عمر حاجي

 

يقول الخبراء، إن اتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل تمثل جهداً جماعياً لتصحيح أوجه عدم المساواة التاريخية في استخدام موارد النيل.

وقد دخلت اتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل حيز التنفيذ رسمياً يوم الأحد الماضي، على الرغم من غياب مصر والسودان، فإنها تهدف إلى ضمان الوصول العادل إلى النيل لجميع دول الحوض، وكسر احتكار مياه النهر الذي دام طويلاً من قبل دول المصب.

وأن أحد العناصر الرئيسية لاتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل هو إنشاء لجنة مكلفة بإدارة المياه العادلة. وقد تم تشكيل اتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل التي بادرت إليها إثيوبيا، من خلال مشاورات شملت لجنة من الخبراء بين يناير/كانون الثاني 1997 ومارس/آذار 2000.

وبدلاً من فرض حصص ثابتة من المياه، توفر اتفاقية الإطار التعاوني لنهر النيل إطاراً تعاونياً يعزز التنمية المستدامة والإدارة المتكاملة للمياه. وتهدف الاتفاقية إلى الحفاظ على النهر للأجيال القادمة مع تعزيز الانسجام بين دول الحوض.

وفي هذا السياق، أكد فقيه أحمد نجاش، وهو مفاوض سابق في سد أباي وباحث في الموارد المائية، على أهمية وجود إطار قانوني قوي مثل اتفاقية الإطار التعاوني، مشيرا إلى أن مثل هذه الاتفاقيات لا تحمي مصالح جميع دول الحوض فحسب، بل تشجع أيضًا التعاون وتجذب التمويل للمشاريع المتعلقة بالمياه.

كما تضع اتفاقية الإطار التعاوني الأساس لمفوضية حوض نهر النيل والتي ستعمل بشكل مستقل، وتعزز التنمية الإقليمية وتضمن التعاون السلس بين دول المنبع والمصب.

وأشاد وزير المياه والطاقة الإثيوبي بإصدار اتفاقية الإطار التعاوني باعتبارها خطوة مهمة نحو الإدارة المستدامة للمياه والتعاون الإقليمي. وقد قارن أحمد فقيه، اتفاقية الإطار التعاوني بالاتفاقيات القديمة التي تعود إلى حقبة الاستعمار من عامي 1929 و1959، والتي استفادت منها مصر والسودان في المقام الأول. موضحا بأن اتفاقية الإطار التعاوني تعكس الإرادة الجماعية لدول الحوض العلوي لرفض هذه الترتيبات غير العادلة. وتعزز الاتفاقية الروابط الإقليمية مع إعطاء الأولوية للتوزيع العادل للموارد.

وقد أيد السفير إبراهيم إدريس، مستشار وزير الخارجية لشؤون الموارد العابرة للحدود والمستشار القانوني السابق لفريق التفاوض الإثيوبي بشأن سد أباي قول أحمد فقيه، مؤكدا على أن اتفاقية الإطار التعاوني تعزز حقوق دول المنبع، وتتحدى الهيمنة التاريخية لمصر. وبموجب اتفاقية الإطار التعاوني، فإن موافقة ست دول تجعل الاتفاقية ملزمة قانونًا.

كما انتقد السفير إبراهيم موقف مصر غير المتسق منذ توقيع اتفاقية الإطار التعاوني في عنتيبي عام 2011. ففي البداية، ضغطت مصر على دول المنبع لسحب الدعم، في محاولة لمنع التصديق. ومع ذلك، فشلت هذه الجهود حيث أصبحت جنوب السودان الدولة الحديثة تؤيد مؤخرًا اتفاقية الإطار التعاوني.

واعتمدت مصر تاريخيًا على الاتفاقيات الاستعمارية لتبرير مطالباتها المائية، خاصة ضد مشروع سد أباي الإثيوبي. وأدت قيادة إثيوبيا في التفاوض على اتفاقية الإطار التعاوني إلى تحويل الديناميكيات نحو تقاسم أكثر عدالة للمياه. وباعتبارها أول دولة توقع وتصدق على الاتفاقية، فقد وضعت إثيوبيا سابقا للدول الأخرى لتحذو حذوها.

وأكد فقيه أحمد على أن التصديق على اتفاقية الإطار التعاوني يشكل إنجازاً كبيراً. ولكن إنشاء لجنة في هذا الإطار يتطلب لاستمرار المفاوضات والتحضير. وحث المجتمع الدولي على الاعتراف بشرعية اتفاقية الإطار التعاوني، لأنها تتماشى مع قوانين المياه الدولية.

ويتوقع فقيه بأن تصادق مصر في نهاية المطاف في المستقبل على اتفاقية الإطار التعاوني لحماية مصالحها. ومع ذلك، حذر من أن المقاومة من جانب مصر قد تؤدي إلى تحديات دبلوماسية، وخاصة فيما يتعلق بتشكيل لجنة حوض نهر النيل.

كما أكد السفير إبراهيم على الجهود المكثفة التي بذلتها إثيوبيا من عام 2001 إلى عام 2008 لمواجهة معارضة مصر والسودان. وحدثت لحظة محورية في عام 2008 خلال اجتماع في كينشاسا، حيث حصلت إثيوبيا على الدعم من دول المنبع الأخرى. وبلغ هذا الزخم ذروته في اجتماع شرم الشيخ عام 2010، حيث وافقت العديد من الدول على التوقيع على اتفاقية الإطار التعاوني.

وعلى الرغم من تردد مصر، أن تنفيذ اتفاقية الإطار التعاوني سيستمر، حسب ما ذكره السفير إبراهيم. وأكد على أن مصر ستستفيد من المشاركة، حيث تميل قوانين المياه الدولية إلى تفضيل دول المصب. بحيث إن رفض المشاركة قد يؤدي إلى تهميش مصر في المفاوضات المستقبلية.

وأن اتفاقية الإطار التعاوني تتحدى اتفاقية 1959 القديمة، والتي خصصت 55.5 مليار متر مكعب من المياه لمصر و18.5 مليار متر مكعب للسودان، مما يترك دول المنبع بلا رأي يذكر. وتروج اتفاقية الإطار التعاوني لتوزيع أكثر عدالة للموارد المائية، وتعزيز التعاون بين جميع دول الحوض.

وحث السفير إبراهيم مصر على الانخراط في المفاوضات والتصديق على اتفاقية الإطار التعاوني. وحذر من أن محاولات تقويض الاتفاقية، مثل ممارسة النفوذ من خلال الصومال، لن تسفر عن نتائج إيجابية بل تزيد من التوترات الإقليمية. ورغم أن اتفاقية الإطار التعاوني دخلت الآن حيز التنفيذ قانونيًا، حذر فقيه من التحديات التي تنتظرنا. بحيث إن إنشاء لجنة وظيفية وإدارتها أمر بالغ الأهمية.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai