جوهر أحمد
تتمتع منطقة القرن الأفريقي بموقع استراتيجي على طول طرق بحرية مهمة مثل البحر الأحمر وخليج عدن، مما يجعل موانئها مراكز رئيسية للتجارة العالمية. وتربط هذه الطرق بين أوروبا وآسيا وأفريقيا، مما يضع موانئ المنطقة كمكونات أساسية لسلاسل التوريد العالمية. وأن تعزيز التعاون في إدارة هذه الموانئ يزيد من النفوذ الإقليمي والأهمية الاقتصادية.
ومن الأمثلة على التكامل الاقتصادي من خلال الموانئ أن ميناء جيبوتي يعمل كمركز رئيسي لإثيوبيا، حيث يتعامل مع كل تجارتها البحرية تقريبًا. ويعد مشروع ممر بربرة تطويرًا مهمًا للبنية الأساسية يهدف إلى ربط إثيوبيا بميناء بربرة، مما يوفر طريقًا تجاريًا بديلاً. ويعد ميناء لامو الكينية جزءًا من ممر” LAPSSET“الذي يهدف إلى ربط جنوب السودان وإثيوبيا وكينيا، وتعزيز التكامل الإقليمي.
ومن ناحية أخرى، لا تستطيع أي دولة في منطقة القرن الأفريقي تحمل تمويل أي مستوى من مؤامرة الحرب. وتعاني المنطقة بالفعل من الجفاف غير المسبوق ونقص الغذاء والأوبئة والعمل الإرهابي فضلاً عن الاتجار بالبشر والأسلحة. من المؤسف أن نرى أن بعض الدول المجاورة تُستخدم كحصان طروادة للقوى المتحالفة لإضعاف وتدمير الجهود الاقتصادية التي تبذلها البلاد.وإذا بدأت إثيوبيا في الوصول إلى الموانئ في المنطقة، فيمكنها بالتأكيد أن تعمل كدولة شريكة يمكن الاعتماد عليها في دحر جميع التحديات الإقليمية المذكورة أعلاه.
ولأكثر من 20 عامًا، ساهمت إثيوبيا في إعادة تأسيس الصومال كدولة واستعادة سيادتها. ومن عجيب المفارقات أن نفس الدولة تتهم البلاد زوراً بانتهاك سلامة أراضيها. وعلى النقيض من هذه التأكيدات، أحبطت قوات حفظ السلام الإثيوبية تحت قيادة “ ATMIS “ هجومين رئيسيين في الصومال شنتهما حركة الشباب. وحتى في ذلك الوقت، وصفت الصومال إثيوبيا بأنها “دولة معادية“.
وأن منطقة القرن الأفريقي منطقة متعددة الثقافات ولها تاريخ مشترك, وأن تقاسم مرافق الموانئ ليس فقط مع إثيوبيا ولكن مع بقية الدول غير الساحلية في القرن الأفريقي سيساعد في ضمان التبادل الثقافي وتعزيز التعليم ونقل التكنولوجيا. إن توجيه المنطقة نحو السعي المشروع للحصول على الموانئ ليس دكتاتوريًا فحسب، بل إنه أيضًا دعوة للحرب في المنطقة.
وأن وصول إثيوبيا إلى الموانئ من شأنه أن يساعد في تعزيز التعاون العلمي والتكنولوجي بين بلدان القرن الأفريقي، ويمكن أن يؤدي إلى التنمية المستدامة، وتحسين الاستقرار الإقليمي، وتعزيز إدارة الموارد. وأن التعاون في هذا المجال لديه القدرة على معالجة التحديات المشتركة مثل تغير المناخ، وانعدام الأمن الغذائي، وإدارة المياه، ونقل التكنولوجيا. وفيما يلي بعض الطرق الرئيسية التي يمكن من خلالها تعزيز هذا التعاون:
ويمكن للبلدان في منطقة القرن الأفريقي أن تتعاون في مشاريع بحثية، وخاصة في مجالات مثل الزراعة، والطاقة المتجددة، والصحة، والقدرة على التكيف مع المناخ. وأن إنشاء مراكز أو شبكات بحثية مشتركة في جميع أنحاء المنطقة من شأنه أن يسمح بتقاسم الموارد وبناء القدرات. على سبيل المثال، يمكن لإثيوبيا وكينيا أن تتقاسما التقنيات لتحسين تقنيات الري للتعامل مع نقص المياه.
ويمكن أيضا أن تكون الموانئ أماكن ممتازة ومنصات إقليمية، ويمكن للدول أن تتقاسم أفضل الممارسات والحلول المبتكرة والأدوات التكنولوجية لتعزيز التعليم والرعاية الصحية والصناعة. يمكن أن يشمل هذا التبادل منصات تبادل المعرفة والمؤتمرات الإقليمية والشراكات مع المؤسسات الدولية لتطوير المهارات المحلية في مجالات مثل التكنولوجيا الحيوية والبنية الأساسية الرقمية.
وأن تحسين البنية الأساسية التكنولوجية، مثل الاتصال بالإنترنت عبر الحدود والاتصالات بين البلدان والموانئ في القرن الأفريقي، من شأنه أن يعزز التعاون في مختلف القطاعات، من الرعاية الصحية إلى التعليم. ويمكن لدول مثل إثيوبيا والصومال وجيبوتي، التي تستضيف موانئ رئيسية، الاستفادة من مواقعها الجغرافية لتحسين تكنولوجيا الخدمات اللوجستية، مما يعود بالنفع على المنطقة الأوسع.
وأن منطقة القرن الأفريقي معرضة بشكل خاص لتأثيرات تغير المناخ, وسيكون النهج العلمي الإقليمي لإدارة النظم البيئية المشتركة، مثل حوض النيل والبيئات الساحلية، أمرًا بالغ الأهمية. ومن الممكن أن يساعد تبادل بيانات الأقمار الصناعية والتعاون في مجال الرصد البيئي في التخفيف من المخاطر مثل التصحر والجفاف.
وأن التعاون التكنولوجي في إدارة الموانئ واستخدام الطاقة في مثل هذه المواقع، وخاصة الطاقة المتجددة، يشكل مجالًا بالغ الأهمية. ومع قيادة إثيوبيا في مجال الطاقة الكهرومائية، بفضل سد النهضة الإثيوبي الكبير، والتقدم الذي أحرزته كينيا في مجال الطاقة الحرارية الأرضية، يمكن للمنطقة أن تستفيد من مبادرات تقاسم الطاقة عبر الحدود، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويعزز التنمية المستدامة.
وأن إنشاء مراكز التميز في المجالات العلمية والتكنولوجية المتعلقة بالعلوم البحرية داخل المنطقة سيكون مفيدًا. ويمكن للدول أن تتعاون في برامج الدرجات العلمية المشتركة، وتبادل الطلاب والباحثين، وإنشاء مراكز بحثية تلبي احتياجات المنطقة بأكملها، مع التركيز على حل التحديات المشتركة.
و لا شك أن المشاركة في هذه الأنواع من التعاون العلمي والتكنولوجي، يمكن لدول القرن الأفريقي تحقيق قدر أكبر من التكامل الإقليمي والتنمية والسلام بدلاً من التخطيط للانخراط في حروب بالوكالة ضد إثيوبيا.