الروح الشجاعة مستمرة لحماية السيادة الوطنية!!

 

عمر حاجي

 

كان السعي إلى السيادة موضوعًا مركزيًا في سجلات السياسة العالمية، حيث تسعى الدول جاهدة لحماية استقلالها من التهديدات الخارجية. وعلى مر التاريخ، اجتمعت الدول لدعم بعضها البعض في أوقات الأزمات، وخاصة عندما تتعرض سيادتها للهجوم. ويحمل هذا السرد أهمية خاصة للعديد من الدول الأفريقية خلال عصر الاستعمار الأوروبي، باستثناء واحد ملحوظ، وهي إثيوبيا.

وتبرز إثيوبيا باعتبارها الدولة الأفريقية الوحيدة التي قاومت بنجاح الاستعمار من قبل الغزاة الإيطاليين. حيث إن شجاعة وصمود الأجداد والأمهات الإثيوبيين في كفاحهم ضد الهيمنة الأجنبية أصبحت أسطورية. لقد ضمنت تضحياتهم بقاء إثيوبيا دولة ذات سيادة مما يسمح للأجيال القادمة بوراثة بلد خالٍ من الحكم الاستعماري. وقد ملأ هذا الإنجاز الرائع إثيوبيا بهوية تاريخية فريدة من نوعها، فبدلاً من الاحتفال بيوم الاستقلال، تحتفل إثيوبيا بيوم النصر تكريمًا لانتصارات أسلافها.

إن الروح الشجاعة للشعب الإثيوبي تمتد إلى ما هو أبعد من حدوده. وعلى مر التاريخ قدمت إثيوبيا دعمها لمختلف الدول خلال أوقات الحاجة، مما جسّد التزامها بالتضامن بين شعوب أفريقيا. ومن الأمثلة المهمة على هذا الدعم ما حدث عندما ساعدت إثيوبيا كوريا الجنوبية خلال فترة صعبة، مما أظهر استعدادها لتوسيع نطاق المساعدة عبر المحيطات والقارات. بالإضافة إلى مساهماتها التاريخية، عملت إثيوبيا بلا كلل لتعزيز السلام والأمن في منطقة القرن الأفريقي.

وتؤكد التضحيات التي قدمتها القوات الإثيوبية في الصومال على مدى العقد الماضي على هذا الالتزام. وكان وجودهم فعالاً في استقرار المنطقة، وكانت مساهماتهم في إعادة تأسيس فيلا الصومال لا تقدر بثمن. وعلى الرغم من هذه الجهود، اختارت بعض الدول تجاهل دعم إثيوبيا الثابت. وبدلاً من ذلك، اصطفت مع خصوم إثيوبيا، وخانت الثقة التي بنيت من خلال سنوات من التعاون.

وفي الآونة الأخيرة، ظهرت التوترات بين إثيوبيا والصومال، حيث ورد أن مصر تحاول استغلال الموقف لتحقيق أجندتها الخاصة. ويوضح هذا التلاعب كيف يمكن للديناميكيات الجيوسياسية تشويه رواية التضامن والدعم التي دافعت عنها إثيوبيا.

وقد أثارت أجندة القاهرة، التي يُزعم أنها تحت ستار حفظ السلام في الصومال، انتقادات من الصوماليين أنفسهم. يُنظر إلى إعلان مصر عن نفسها كصانعة سلام في الصومال، على الرغم من عدم وجودها خلال الأوقات الحرجة، على أنه أمر مشكوك فيه. ويُنظر إلى مشاركة مصر بتشكك بسبب تحدياتها الإقليمية الخاصة. وعلى العكس من ذلك، فإن إثيوبيا ليست مجرد جارة لكنها أيضًا حليف وثيق ووطن ثانٍ للعديد من الصوماليين.

وفي هذا الصدد،  ناقش الدكتور جزاتشو أسرات مع صحيفة الإثيوبيان هيرالد، وهو الباحث الأول في الشؤون الأفريقية بمعهد الشؤون الخارجية مساهمات إثيوبيا الكبيرة في عمليات السلام، على المستوى الإقليمي والعالمي. وأكد على الجهود الموثقة جيدًا للقوات الإثيوبية في الصومال، حيث تم نشرها لأكثر من 15 عامًا، وضحت بحياتها لتعزيز السلام في المنطقة. ولعبت القوات الإثيوبية دورًا حاسمًا في مكافحة الجماعات الإرهابية مثل الشباب، والتي تشكل تهديدات ليس للصومال فقط، بل أيضًا للاستقرار الإقليمي. مؤكدا على أن مساهمات القوات الإثيوبية في حفظ السلام ليست موضع نقاش، لقد كانت فعالة وناجحة في مهمتها.

وفيما يتعلق بانتقال بعثة الاتحاد الأفريقي الانتقالية في الصومال (ATMIS) إلى ولاية جديدة، أوضح الحاجة الملحة إلى نقل سلس للمسؤوليات. كما أن هذا الانتقال يجب أن يتجنب خلق فراغ أمني يمكن أن يمكّن الجماعات الإرهابية في المنطقة. وقال: إنه يجب إدارة التحول من ATMIS إلى الولاية الجديدة بعناية للحفاظ على الاستقرار ومنع عودة الشباب.

كما تناول جيزاتشو التوترات الجيوسياسية الناشئة عن التحركات الدبلوماسية الأخيرة من قبل الصومال ومصر، قائلاً: إن هذه الإجراءات لا تساعد على التكامل والتعاون الإقليميين. مؤكدا أنه في حين تقدر إثيوبيا التعاون وحسن النية بين الدول، إلا أنها لا تستطيع المساومة على مصالحها الوطنية، مشيرا إلى أن كل دولة لها أولوياتها الخاصة عندما يتعلق الأمر بالدفاع عن أراضيها وأمنها الوطني.

وحث القادة الإقليميين على الانخراط في “الصدق الفكري” والعمل على بناء الثقة، والانتقال إلى ما هو أبعد من المظالم التاريخية لتعزيز العلاقات الأقوى. واختتم حديثه قائلاً: إن لكل دولة سيادتها ومبادئ المساواة، وإثيوبيا مستعدة للدفاع عن مصالحها الوطنية إذا تعرضت للتهديد. وفي هذا المشهد المعقد، يدعو جيزاتشو إلى نهج تعاوني للأمن الإقليمي المتجذر بقوة في الاحترام المتبادل والتفاهم.

وعلى نحو مماثل، أكدت تصريحات المسؤولين الحكوميين والباحثين الأخيرين على التزام إثيوبيا بالسيادة الوطنية والدفاع عن النفس. ومع تصاعد التوترات في منطقة القرن الأفريقي، وخاصة فيما يتعلق بالتدخل العسكري المحتمل لمصر في الصومال، تؤكد إثيوبيا على استعدادها للدفاع عن نفسها ضد أي تهديدات خارجية.

وقد تم التأكيد على أنه في حين أن الصومال، كدولة ذات سيادة، تحتفظ بالحق في الدخول في اتفاقيات ثنائية مع دول أخرى، فإن إثيوبيا لن تتنازل عن أمنها القومي حسب ما ذكرته وزارة الخارجية، خلال إحاطة إعلامية حديثة. كما أكدت الوزارة، على إلتزام إثيوبيا بحل جميع النزاعات الدبلوماسية مع الحكومة الصومالية سلميا.

كما شارك بفيقادو بوغالي، الباحث في معهد الشؤون الخارجية لمنطقة القرن الأفريقي، في حوراه  مع صحيفة إثيوبيان هيرالد، مخاوفه بشأن نشر قوة حفظ سلام في الصومال بعد انتهاء ولاية بعثة الانتقال الأفريقية في الصومال (ATMIS). وقد دعت إثيوبيا باستمرار إلى إجراء مفاوضات سلمية لحل سوء التفاهم مع الحكومة الصومالية. وأوضح المسؤولون، أنه إذا تم استفزاز إثيوبيا، فإنها على أهبة الاستعداد للرد بحزم صارم، وحماية مصالحها الوطنية وسيادتها.

وتدعو الحكومة الإثيوبية الدول الأخرى إلى الامتناع عن اتخاذ إجراءات من شأنها أن تزيد من زعزعة استقرار المنطقة. وتتمتع إثيوبيا بإرث تاريخي من الشجاعة والمرونة، وتظل ملتزمة بحماية سيادتها ضد أي تهديدات.

في حين تواصل إثيوبيا مسيرتها نحو الإزدهار، فإن التطورات الأخيرة في مشروع سد النهضة الإثيوبي الكبير الذي تم توسيعه الآن إلى أربع وحدات تشغيلية توضح تصميم البلاد على التقدم اقتصاديًا واستراتيجيًا. وتظل إثيوبيا منفتحة على التعاون مع الدول الأخرى، ومع ذلك، تؤكد بقوة أن أي محاولات لتقويض تقدمها لن يتم التسامح معها أبدا.

وإن التزام إثيوبيا بحفظ السلام في المنطقة ثابت، ومتجذر في شعور عميق بالمسؤولية والمصلحة الوطنية. كما تؤكد قيادة البلاد على أهمية الدبلوماسية مع الاستعداد للدفاع عن سيادتها ومصالحها الوطنية ضد أي تهديدات قد تنشأ في المنطقة.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai