عمر حاجي
أعلنت إثيوبيا عن برنامج إصلاح الاقتصاد الكلي يهدف إلى إنشاء إطار حديث وسليم لسياسة الاقتصاد الكلي. والهدف هو دعم استقرار الاقتصاد الكلي واستدامته، وتشجيع الابتكار، وخلق بيئة مواتية للاستثمار والأعمال، وزيادة القدرة التنافسية. ويشير البيان الصادر عن مكتب رئيس الوزراء إلى أن الإصلاحات ستعزز الإنتاج المحلي والإنتاجية وقدرة الحكومة على تقديم خدمات عالية الجودة بكفاءة.
وفي أعقاب هذا الإعلان، أوضح البنك الوطني الإثيوبي عن تحسين نظام إدارة النقد الأجنبي. وسيعمل الإصلاح على نقل إثيوبيا إلى نظام صرف أجنبي تنافسي قائم على الأسواق، ومعالجة عدم الاستقرار والتشوهات في الاقتصاد الكلي التي طال أمدها. ويعد هذا التغيير جزءًا من برنامج إصلاح اقتصادي أوسع سيتم تنفيذه في المستقبل.
وبموجب النظام الجديد سيتم تحديد أسعار صرف العملات الأجنبية بين البنوك وعملائها في الأسواق. وسيركز دور البنك الوطني الإثيوبي على استقرار السوق، مع استمرار الالتزام بتحويل العملات الأجنبية إلى البنك. ويسمح هذا الإصلاح للمصدرين والبنوك التجارية بالاحتفاظ على العملة الأجنبية التي يكسبونها، مما يحسن بشكل كبير المعروض من النقد الأجنبي للقطاع الخاص. كما يعمل الإصلاح أيضًا،على تحرير سوق الصرف الأجنبي أمام واردات السلع والخدمات، مما يزيد حصة المصدرين من عائدات النقد الأجنبي من 40% إلى 50%.
وقد تم إلغاء قواعد ولوائح الصرف الأجنبي السابق التي كانت تستخدمها البنوك لمختلف السلع الواردة. بالإضافة إلى مكاتب صرف العملات الأجنبية التي أنشأتها البنوك، سيتم إنشاء مكاتب صرف أجنبي خاص غير المصرفية. وستحصل هذه الكيانات غير المصرفية على تراخيص تشغيل لشراء وبيع النقد بالعملات الأجنبية بأسعار الأسواق. وسيتم قريبا إصدار لائحة منقحة لإزالة القيود المفروضة على السلع المستوردة بالعملة الأجنبية. كما تم إلغاء القوانين المتعلقة بإدارة حسابات العملات الأجنبية المفتوحة من قبل المؤسسات الأجنبية والمستثمرين الأجانب والإثيوبيين.
ويُسمح الآن للمقيمين في إثيوبيا بفتح حسابات بالعملة الأجنبية لإيداع التحويلات المالية، ورواتب ودخل الإيجار بالعملة الأجنبية، والأرباح الأخرى. كما يمكنهم استخدام هذه الحسابات لتسديد مدفوعات الخدمة الخارجية. وقد تم رفع سقف سعر الفائدة الذي كان مفروضا في السابق على القروض الأجنبية من قبل الشركات الخاصة أو البنوك. ويمكن الآن للمستثمرين الأجانب المؤهلين المشاركة في أسواق الأوراق المالية الإثيوبية.
وتتمتع الشركات في المناطق الاقتصادية الخاصة بحقوق خاصة لاستخدام العملات الأجنبية، بما في ذلك الاحتفاظ الكامل بأرباح العملات الأجنبية. وتم إلغاء اللوائح الصارمة المتعلقة بحجم الأموال النقدية بالعملة الأجنبية التي يحملها المسافرون الذين يدخلون إثيوبيا أو يغادرونها. وستعمل هذه الإصلاحات في إدارة النقد الأجنبي على تعزيز تنمية إثيوبيا وعلاقاتها العالمية. وهي تتماشى مع توجهات سياسة الحكومة المبينة في الوثائق الرئيسية مثل الخطة الرئيسية العشرية وبرنامج الإصلاح الاقتصادي للسكان الأصليين.
وعلى الرغم من أن الإصلاح واجه تأخيرات، فإن بداية سنة مالية جديدة والمناقشات الناجحة مع شركاء التنمية الأجانب خلقت فرصة لإحراز التقدم. وسيستفيد من هذا الإصلاح ملايين الإثيوبيين المشاركين في قطاعات كسب النقد الأجنبي، بما في ذلك المزارعين والرعاة والتجار وعمال المصانع ورجال الأعمال ومتلقي التحويلات المالية. وسيضمن الإعادة المناسبة واستخدام عائدات النقد الأجنبي، وتشجيع التصنيع المحلي، وجذب المستثمرين الأجانب، وزيادة الاستثمار الأجنبي المباشر، ومواءمة النظام التجاري في إثيوبيا مع الدول المجاورة.
وتوفر إثيوبيا العديد من الفرص الاستثمارية بسبب عدد سكانها وقوتها العاملة الماهرة ومواردها الوفيرة. ومع ذلك، فإن نظام إدارة النقد الأجنبي الصارم أعاق هذه الفرص. ومن خلال إنشاء نظام أفضل، تهدف إثيوبيا إلى إزالة الحواجز أمام الاستثمار الأجنبي، وتشجيع إضفاء الطابع الرسمي على الاقتصاد، وتسريع النمو والازدهار. كما يمثل تنفيذ إصلاح النقد الأجنبي، إلى جانب التدابير الكلية الأخرى، فرصة فريدة لإثيوبيا للتغلب على العقبات وتحقيق تقدم اقتصادي كبير في السنوات المقبلة.
ووفقا لتحليل الاقتصاد الكلي الذي أجرته المنظمة المالية العالمية، من المتوقع أن يكون لتدابير الإصلاح في إثيوبيا تأثير كبير على مختلف جوانب الاقتصاد. ومن المتوقع أن تؤدي هذه التدابير إلى تسريع النمو، وخفض التضخم، وزيادة القدرة المالية، وتوسيع الصادرات والاستثمار الأجنبي، وتعزيز الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبي. وهناك توقعات أيضًا، أن ينمو اقتصاد إثيوبيا بمعدل ثمانية بالمائة على مدى السنوات الأربع المقبلة نتيجة لهذه الإصلاحات.
كما أنه من المتوقع أن يظل التضخم قريباً من 10%، وأن تصل الإيرادات الضريبية إلى 11% من الناتج المحلي الإجمالي، وأن ينخفض الدين الحكومي إلى 35% من الناتج المحلي الإجمالي، وترتفع قيمة تجارة التصدير والاستيراد إلى 20 مليار دولار. بالإضافة إلى ذلك، من المتوقع أن يرتفع الاستثمار الأجنبي المباشر إلى 8 مليارات دولار، وأن تتجاوز الاحتياطيات العالمية 10 مليارات دولار.
وتشير هذه التوقعات إلى مستوى التحول الاقتصادي الذي يمكن أن يحدث في السنوات المقبلة نتيجة للإصلاحات المذكورة أعلاه.