تتمتع إثيوبيا بتراث عريق بعضها مسجلة في اليونسكو والبعض الآخر في صدد التسجيل ، وتعتبر إثيوبيا من هذا الجانب الأولى في إثيوبيا من حيث تسجيل تراثها ضمن السجل العالمي للتراث.
ومن بين التراث المسجل في قائمة يونسكو تعتبر احتفالية فتشي تشامبلالا (الاحتفال بالعام الجديد ) المسجلة في عام 2015 ، وقد احتفل بفعاليات هذا اليوم خلال الأسبوع الماضي ، ونريد في هذا العدد من زاوية الثقافة والسياحة أن نسلط الضوء على هذه الاحتفالية.
تقع منطقة سيداما على بعد 275 كم من أديس أبابا وتمتلك العديد من الثقافات الجميلة والموروثات القيمة التي تعود إلى القرن 25 بالإضافة إلى إشتهارها بإنتاج البن وتمتعها بالغابات القديمة علاوة على أن التقويم السيدامي يعتبر أحد المعالم الثقافية الفريدة التي تتمتع بها المجموعة اللغوية ( سيداما).
يتم حسب التقويم الذي يتبع نظام العد من قبل علماء الفلك التقليديين الذين يسمون محليا ب (أيانتو) وهؤلاء العلماء ورثو هذه الطريقة من أجدادهم حيث يجتمعون إلى وقت متأخر من الليل من أجل دراسة مواقع القمر والنجوم .
وبعد مشاورات طويلة فيما بينهم يتفقون على موعد بداية العام الجديد الذي يسمونه محليا ( فتشي تشامبلالا) ويقدمون قرارهم الأخير إلى موتي (زعيم الشيوخ) الذي يقوم بدوره بإبلاغ المجتمع.
عند اقتراب موعد بداية العام الجديد يقوم النساء والرجال بالإستعداد للإحتفال على حد سواء , ويقوم النساء بقطع المور الكاذب والذس سيمى محليا (قتشو) ويطبخون منه طعاما مميزا يسمى (برسامي) والذي يصنع بخلط الموز الكاذي مع اللبن والسمن النقي وهذا النوع من الطعام يعد من الأطعمة التقليدية للشعب السيدامي ويقوم بإعداده عدد كبير من النساء لتقديمه في الإحتفال للأصدقاء والجيران.
يقوم الرجال من جانبهم بإعداد الطعام لمواشيهم، ولا يكلفون بأي عمل آخر خلال موسم العيد.
إلا أنهم يشتركون مع النساء في إعداد أنفسهم لحدث الرقص الكبير في الأسبوع والذي يسمى (تشامبلالا)
ومنها يختارون شريكة حياتهم في المستقبل ويقضي الفتيات أوقاتهن بتجميل أنفسهم إستعدادا لهذا الحدث.
عندما يتبقى يوم واحد لحلول العام الجديد يتجول الأطفال في القرى ويغنون قائلين (أيدي تشامبالالا) والذي يعني كل عام وأنتم بخير ويزغرد الشيوخ من أكواخهم ويرحبون بهم ويدخلونهم في الأكواخ لتناول الخبز المحلي المصنوع من الموز الكاذب (قوتشو) المغموس بالزبدة.
عشية العام الجديد تسمى (فتشي) ويقال أن هذا الاسم كان يطلق على امرأة كانت تقوم بإعداد الطعام وترفيه المجتمع كل عام وفي يوم من الأيام تركت ممارسة هذه الأنشطة وما كان من المجتمع إلا أن يسموا عشية العيد باسم هذه المرأة السيدامية تخليدا لذكراها.
بعد تنبؤ الشيوخ لموعد حلول العام الجديد يستضاف الشيوخ لتناول اللحوم المدخنة من الماعز وبعدها يقوم الشيوخ بجمع أجود أنواع الحطب ويغطونها بأوراق الشجر الجميلة ومن ثم يجعلون أعضاء المجتمع وحيواناتهم أن يعبرو هذه الأخشاب تفاؤلا بمستقبل مشرق و يستمر الغناء والرقص والفعاليات الثقافية المختلفة في الليل حتى اليوم التالي , يوم العام الجديد (تشامبالالا).
اليوم الأول من العام الجديد يعتبر اليوم الذي يعرض فيه السيداميين عاداتهم وتقاليدهم بأبهى صورها ويتجمع الشبان على شكل مجموعات على أساس العمر والجنس .
وتتميز كل مجموعة عن غيرها بملابسها التقليدية وطريقة غناها ورقصها,ويتميز الشيوخ والرجال الرفيعي المستوى بلبسهم جلود النمرويتدرعون بدرع مصنوع من الجلد الذي يتم دهنه بالسمن لجعله قويا إضافة إلى لبسهم الأقراط لإظهار مكانتهم في المجتمع.
يرتدي النساء الأكبر سنا زيا تقليديا منسوجا يتسم بالحشمة ويدهن شعرهن يسمن ممزوج بالأعشاب المعطرة و سر نضارة وجوه الرجال والنساء السيداميين راجع إلى استخدامهم للسمن.
وهذا ما يجعلنا نتساءل لماذا لا يستخدم السمن كمكون لمستحضرات التجميل الحديثة .
تذهب الفتيات متأنقة إلى دائرة الإحتفال لشبان جودو لكي تتمكن من اختيار شريكة حياتها أو ليتم اختيارها من قبل الشبان .
ومن ثم يقوم الفتيات بتقديم الغناء والرقص الذي يسمى (هورا) ومن ثم يتسلل الفتيات إلى الشبان الذين يرقصون رقصا مميزا يسمى ( كتلا) ويرمون العصي عليهم.
يرتدي الشبان من جانبهم أروع أنواع الزي ويدخلون في المسابقة (أ) لكي يظفروا بشريكة حياة تناسبهم حاملين عصا صغيرة لعرض الفتاة التي اختارونها ويعرضون رقصهم بشكل جيد لكي يستهوون قلوب الفتيات اللاتي يرغبوهن.
ربما لا تستجيب الفتاة لطلب الشاب لأول مرة ولكن بناءا على مثابرته وروح الدعابة التي يتحلى بها ترضخ لطلبه وتقبل العصا معلنة بقبولها لهذه العلاقة.
بعد أداء رقصاتهم التقليدية بطريقة منفصلة يقوم الرجل باختيار المرأة التي تناسبه وتقوم المرأة ايضا باختيار الرجل الذي يناسبها على حد سواء , وليس غريبا أن تختار المرأة السيدامية شريكة حياتها.
ومن ثم يقوم الشبان والشابات بأداء الرقص بملامسة الذقن بعضهم البعض.
تستمر فعاليات الإحتفال يالعام الجديد لمدة أسبوعين والآن حان الوقت إلى الإجتماع الأسري حيث يتم تعريف العرائس الشبان إلى المجتمع ومن ثم يقومون بترحيب الضيوف الذين حضروا معا للمشاركة في هذا الإحتفال.
إن منطقة سيداما تتمع بالعديد من المعالم الرائعة مثل (تشامبلالا) وإن تسجيل هذا التراث في منظمة اليونسكو كأحد المهرجانات الإحتفالية في إثيوبيا لديه دور كبير في تعزيز السياحة في البلاد.