المنظومة تعزز قيم التراحم والتسامح والمحبة

سمراي كحساي

سيتم الاحتفال بالذكرى الـ 1498 لمولد النبي محمد في إثيوبيا الأسبوع القادم من خلال  تلاوات من القرآن الكريم  بالإضافة إلى حلقات الذكر  التي تعرف في اثيوبيا بـ”المنظومة” ويؤديها مدّاحون؛ حيث يستخدمون آلة الطبل خلال مدحهم للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم والصحابة.

و المنظومة  هي أنشودة إسلامية صوفية للإثيوبيين، تهدف أساسًا إلى مدح الله والصلاة على النبي محمد  وهي شائعة في احتفالات المولد النبوي الشريف ورمضان.

وتشهد “المنظومة” انتشاراً واسعاً وتعتبر من الأنشطة التي تحيي ليالي رمضان؛ خاصة أنها طريقة مميزة لمسلمي إثيوبيا في مدح النبي صلى الله عليه وسلم، وتؤدى بطريقة جماعية وفق طقوس معينة في الجلوس والوقوف معاً.

ويتم تأليفها باللغات المحلية كالأمهرية والتجرينية والأورومية والصومالية والعفرية وغيرها من اللغات المحلية الاثيوبية ، ويمكن سماعها في المحلات التجارية بل إن أغلب المسلمين يحتفظون بها على هواتفهم الجوالة.

وتنتشر في العاصمة الإثيوبية محلات بيع أسطوانات “المنظومة” وتباع بصورة واسعة في رمضان والاحتفالات الدينية مثل المولد النبوي الشريف.

وتتباين طرق إلقاء المنظومة، فبعض المداحين يفضلون ضرب الطبول والتصفيق، خاصة في الأفراح وبعد صلاة العيد، والبعض الآخر يلقي مدائحه دون ضرب الطبلة والتصفيف، وتسمى محلياً “أنجورجورو”، وتتميز هذه “المنظومة” بجو روحاني وتسمع في أماكن هادئة.

ويعتبر المداحون أن تقديم “المنظومة” في رمضان فرصة للتقرب إلى الله تعالى، بذكر نبيه صلى الله عليه وسلم، والتغني بشمائله ومعرفة سيرته العطرة وتذكير الناس بخصال الصحابة.

وقال الباحث الأكاديمي والمؤرخ الإثيوبي آدم كامل إن تاريخ “المنظومة” في إثيوبيا يعود إلى مئات السنين، عندما كان 65% من سكان الحبشة يعيشون في الأرياف و35% في المدن، وأسهمت “المنظومة” بتلك الفترة في تعليم علوم الدين في “الخلاوي” (المدارس القرآنية) والقرى والمناطق الطرفية من إثيوبيا.

وأضاف: “لجأ المعلمون والمشايخ وقتها إلى تلحين علوم الدين، لصعوبة تعليم اللغة العربية، وكانوا يسمون هذا اللحن (التوحيد)؛ حيث يقدمون المادة الدينية في قالب شعري لتسهيل فهمه، واستمر ذلك حتى وصل هذا النوع من الشعر إلى مرحلة كتابة اللفظ الأمهري بالحروف العربية، فضلًا عن ترجمة الكلمات العربية إلى الأمهرية”.

وتابع كامل بقوله: “أنتج العديد من المداحين الإثيوبيين عدداً كبيراً من المنظومة في الثناء والتعاليم الأخلاقية بالعديد من اللغات المحلية”.

ووفقا للصحفي والمترجم عادل محمد  فان المدائح والقصائد الدينية التي يتم تأليفها محبة في رسول الله – صلى الله عليه وسلم – لها محبوها ومستمعوها، ولها شيوخ ومداحون برزوا ولمعت أسماؤهم فيها، وعادة ما تختلف مسميات المدائح الدينية حسب كل منطقة، وفي إثيوبيا تحمل هذه المدائح الدينية اسم “المنظومة”.

وتشتهر هذه المدائح الدينية المسماة بـ”المنظومة” في إثيوبيا ولها شيوخها ومداحوها، وعادة ما يسمع المارة داخل حي “ميركاتو” الذي يعتبر أكبر سوق تجاري حيوي بإثيوبيا، خاصة بالقرب من مسجد الأنور العتيق أو أنور العتيق المعروف هناك باسم “أنور مسجد ” الذي يعد أكبر مسجد في إثيوبيا، ويعتبر هو المركز الديني الرئيسي للمسلمين في العاصمة وما حولها.

ونظرا لأن هذه المنظومة هي قصائد تمت كتابتها في حب النبي – صلى الله عليه وسلم – فهي تحمل معاني وقيمًا دينية عظيمة كالتراحم والتسامح والمحبة وغيرها.

ولهذه المدائح المسماة بـ”المنظومة” تاريخ طويل حيث كانت تستخدم في السابق لغرض تعليمي، حيث كان المعلمون يقومون كنوع من التسهيل على طلابهم بتلحين المادة الدينية وعلوم الدين بشكل مبسط ملحن حتى يسهل على الطالب حفظها، وكان يسمى هذا اللحن بـ”التوحيد”.

ومن المتعارف عليه في إثيوبيا، أن مثل هذه المنظومات عادة ما يتم إنشادها في بعض المناسبات كحفلات الزواج والاحتفالات الدينية كالاحتفال بالمولد النبوي الشريف ويوم عاشوراء وغيرها من الأعياد والمناسبات المختلفة، حتى أنها أصبحت أبرز ما يميز ليالي شهر رمضان المعظم.

وعادة ما يتم استخدام آلات كالطبول والدفوف المختلفة حيث يتم قرعها أثناء تقديم المنظومة مع التصفيق، ويقف المنشد في منتصف المجلس إذ يتخير له مكانا بارزا ويلتف حوله الناس مرددين بعضا من مقاطع المنظومة .

ولهذه المنظومة الإثيوبية شيوخ اشتهروا بهذا اللون من المديح، وعادة ما يعرفون باسم المنطقة التي جاءوا منها، ويأتي على رأس هؤلاء الشيوخ: “شيخ جاني” و”شيخ داني” و”شيخ إنييي”، نسبة إلى مناطقهم التي يعيشون بها، كما أشتهر آخرون كمادحين، منهم: “محمد أول”، و”محمد قاضي”، و”شيخ محمد نور”.