عربو موحي
في كل عام، تعود على المسلمين أيام عظيمة هي من أحب الأيام إلى الله، وهي العشر الأُوَل من شهر ذي الحجة، أحد الأشهر الحرم، التي اختصها الله بمزيد من الفضل والثواب، وجعلها ميدانًا للطاعات وموسمًا للتقرب من الرحمن.
شهر ذو الحجة هو الشهر الثاني عشر في التقويم الهجري، وهو من الأشهر الحُرُم، التي قال الله تعالى فيها:
“إنَّ عدّة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض، منها أربعة حرم…” [التوبة: 36]وهذه الأشهر الأربعة هي: ذو القعدة، ذو الحجة، المحرم، ورجب.
عن ابن عباس رضي الله عنه، قال النبي صلى الله عليه وسلم:”ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيام”، يعني أيام العشر. قالوا: يا رسول الله، ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: “ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء”.
وفي هذا الحديث الشريف، دلالة قاطعة على عظمة العشر الأُوَل من ذي الحجة، وعلو منزلتها في ميزان الأعمال.
و يقول الشيخ محمد الزين زهر الدين، رئيس مكتب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية في إثيوبيا، في حديثه لـ”صحيفة العلم “:”العشر من ذي الحجة هي موسم جامع للعبادات؛ فيها الصلاة، والصيام، والصدقة، وتلاوة القرآن، والتكبير، والحج، والدعاء، والإحسان إلى الخلق”.
ومن السنن المحببة في هذه الأيام: الصيام، وبالأخص صيام يوم عرفة، اليوم التاسع من ذي الحجة، لغير الحاج. فقد ورد في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
“صيام يوم عرفة أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله والسنة التي بعده” [رواه مسلم].
ذروة هذه الأيام هي فريضة الحج، الركن الخامس من أركان الإسلام، الذي يقصده المسلمون من شتى بقاع الأرض إلى بيت الله الحرام، امتثالًا لأمر الله:
“وأذّن في الناس بالحج يأتوك رجالًا وعلى كل ضامر يأتين من كل فج عميق” [الحج: 27].
وتتوج هذه الرحلة العظيمة بـالوقوف بعرفة، الركن الأعظم من الحج، والذي يوافق هذا العام [ضع هنا التاريخ الصحيح وفقًا للتقويم الهجري والميلادي الحالي، مثل: يوم السبت 8 يونيو 2025].
ويقول العلماء إن يوم عرفة هو يوم المغفرة والعتق من النار، وإنه اليوم الذي يُباهي الله فيه ملائكته بعباده الواقفين في عرفات.
ثم يأتي اليوم العاشر، وهو عيد الأضحى المبارك، ويسمى أيضًا يوم النحر، حيث تُقدَّم الأضاحي تقربًا إلى الله، واتباعًا لسنة النبي إبراهيم عليه السلام.
ويقول الشيخ محمد الزين:”عيد الأضحى ليس فقط شعيرة ذبح، بل هو رمز للفداء والطاعة والتضحية، ورسالة بأن الإيمان يُترجم بالفعل، لا بالقول”.
في ختام حديثه، دعا الشيخ محمد الزين المسلمين إلى استثمار هذه الأيام في مصالحة الله ومصالحة الناس، قائلاً:”إنها فرصة لا تتكرر إلا مرة في السنة، وعلى المجتمعات المسلمة أن تجعل منها أيام سلام، ورحمة، وتواصل، وصدقة، لا مجرد طقوس”