سمراي كحساي
جاءت الزيارة الرسمية للرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إلى أديس أبابا، تلبية لدعوة من رئيس الوزراء آبي أحمد، بهدف «تعزيز التعاون»، في ضوء «اتفاق أنقرة» الهادف لإنهاء التوترات بين البلدين منذ نحو عام.
و تلك الزيارة التي تُعدّ الأولى بعد نحو شهر من توقيع إعلان تفاهمات بوساطة تركية في 11 ديسمبر الماضي يراها خبراء تحدثوا لصحيفة العلم أنها ضمن مساعي محاولات التقارب على مستوى أعلى، متوقعين زيارة مماثلة من آبي أحمد إلى مقديشو لتعزيز مسار التوصل لتفاهمات بين البلدين.
وفي هذا الاطار قال الباحث والمحلل السياسي عبد الشكور عبدالصمد إن اتفاقية أنقرة التي تمت برعاية تركيا ووقع عليها كل من إثيوبيا والصومال ستعمل على تعزيز التعاون بين الطرفين وان علاقات البلدين و الشعبين الجارين لايمكن الفصل بينهما.
واضاف أن اللجان التنفيذية التي تناقش الجوانب الفنية لتطبيق هذا الإتفاق على أرض الواقع يمكنها ان تتوصل إلى نتائج مرضية تقدم مصالح الطرفين على المستوى الإستراتيجي .
واشار عبد الشكور الي ان اتفاقية أنقرة تنص على السماح لإثيوبيا بالوصول الدائم والمستمر والآمن إلى الميناء وان هذه الخطوة إيجابية ومنطقية جدا وهي تخدم مصلحة المنطقة ككل وتساهم في الأمن الإقليمي وسيترتب عليها تعزيز الإستقرار الأمني والإقتصادي والنهضة الإقتصادية والتنموية المستدامة لكل المنطقة ويجب أن نأخذها بهذا الإتجاه وفيها أيضا قطع الطريق على من يريد جعل المنطقة منطقة صراع وتنافس غير شريف وخدمة لمصالح الآخرين بعيدا عن شعوب المنطقة .
وقال:”أعتقد أن الإتفاقية تستجيب لمطالب إثيوبيا وفي نفس الوقت لمطالب الصومال وتعززعلاقة البلدين أمنيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا ,وفيها أعتراف أيضا بالدورالإثيوبي الفعال والبناء في الحفاظ على الصومال ومصالحه والعمل على استعادة الصومال لمكانته ولدوره الإيجابي في المنطقة والإقليم والعالم”.
واضاف أن اتفاقية أنقرة قطعت الطريق أمام الدور المصري السلبي في الإقليم وهي التي غابت عن هذه المنطقة أكثر من ثلاثين سنة لأنها لم تحقق الأهداف التي تريدها , وبا لتالي عندما غرق الصومال في أزماته الأمنية والإقتصادية والسياسية اثناء الصراع المرير بين مكونات المجتمع الصومالي لم تكن مصر موجودة ولم تسع ان تستغل إمكاناتها وأدواتها ليستعيد الصومال عافيته لكنها اليوم تأتي عندما بدأ يستعيد الصومال عافيته ومكانته.
وقال إن الإتفاقية تعيد الأمور إلى نصابها وتحجم الدور المصري السلبي عن التأثير غير البناء في علاقات دول المنطقة.
ويرى الباحث والمحلل السياسي عبد الشكور عبدالصمد أن الدور المصري لن يستطيع عرقلة استمرار تنفيذ المذكرة وإشعال العداوة بين دول المنطقة وشعوبها لأن الكل ماعدا بعض المنتفعين من علاقة مصر الذين يتبنون موقفها يؤمنون بالترابط وبالعمل المشترك و بالتكامل الذي يخدم مصلحةالجميع .
وقال إن ماتقوم به مصر بالدرجة الاولي هو للإستهلاك الإعلامي داخل مصر وبالدرجة الثانية هي ردة فعل على نجاح إثيوبيا في تنفيذ الرؤية الإستراتيجية القائمة على عقيدة الدبلوماسية الجديدة التي تقوم على الحفاظ ورعاية مصالح دول الجوار .
واشار الي ان تركيا عملت عل الإصلاح بين الحكومة الإثيوبية والصومالية ولم تسع إلى توتير العلاقات وتسميم الأجواء كما تفعل مصر وتمنى أن تقتدي مصر بهذ الدور الإيجابي لتركيا وتأخذ بنفس الخطوات سواء في القرن الإفريقي أوفي ليبيا أو في السودان أو في أماكن أخرى في الإقليم.
ومن ناحيته قال البروفيسور أحمد زكريا، الباحث في التاريخ والثقافة إن علاقات الصومال وأثيوبيا علاقات تاريخية وعلاقة تلاحم وتراحم بين القوميات الصومالية والأثيوبية علما أن الشعبين علاقتهما أزلية في شتى المجالات.
واضاف ان العادات والتقاليد بين البلدين متشابه وخاصة مع قومية الأورومو حيث ان 60% من اللغة والملامح متداخلة جدا .
واشار الي ان الشعب الأثيوبي والصومالي هم اخوة وان الآلاف من الصوماليين يعيشون ويمارسون ويزاولون أعمالهم في ثيوبيا بلدهم الثاني بعد الصومال كما ان هنالك الكثير من الطلاب الصوماليين الذين يدرسون في جامعات أثيوبيا ،بما فيها جامعة أديس أبابا.
واضاف أن أثيوبيا لعبت دورا بارزا وكانت أول دولة أرسلت قوات حفظ السلام في الصومال وقد سعت أثيوبيا وبذلت جهودا كبيرة لأجل إستعادة السلام والإستقرار في الصومال وهي التي شاركت في مجال الأمن وحتي الآن تلك القوة ظلت ولاتزال موجودة في الصومال لأجل حماية المواطنين الصوماليين من حركة الشباب.
وقال انه لايمكن للمصريين خلق التنافر والعدواة بين الشعببين الأثيوبي والصومال ولايمكن للمصريين التدخل بين الشعب الصومالي والأثيوبي وان كلا البلدين لهما مصالح مشتركة .
وأضاف البورفيسور انه إذا حصلت أثيوبيا على المنفذ البحري سيتحقق لدول القرن الإفريقي الكثير من الفوائد وخاصة مع الصومال وان هذا جزء لايتجزء من التكامل الإقتصادي بين هذه الدول.
واشار الي ان التبادل التجاري بين البلدان المجاورة عبر تصدير منتجات بعضهم البعض ،سيعمل على تعزيز التكامل الإقتصادي بين دول القرن الإفريقي.
وقال ان مشاركة أثيوبيا في حفظ السلام العالمي بقوات الدفاع الأثيوبية في كل من الصومال ،وبوروندي وغيرها يجعل أثيوبيا فريدة من نوعها في القرن الإفريقي في تعزيز التكامل والنمو الإقتصادي وتحقيق الأمن والسلام والإستقرار في هذا المجال .
واضاف أن زيارة الرئيس الصومالي الي اثيوبيا تمثّل خطوة ومحاولة مهمة لتعزيز التعاون و التنسيق المشترك في قضايا الأمن لمواجهة التحديات الإقليمية مثل الإرهاب، خاصةً مع تزايد نشاط حركة الشباب في الصومال، كما أنها تأتي في وقتٍ تسعى فيه الدول الأفريقية لتعزيز التكامل الإقليمي، كوسيلةٍ لتحقيق التنمية والاستقرار.