علاقات متجددة من أجل الاستقرار الإقليمي

عمر حاجي

في خطوة مهمة نحو تعزيز العلاقات الثنائية، تحرز إثيوبيا والصومال خطوات كبيرة في استعادة وتعزيز علاقاتهما الدبلوماسية. فبعد إعلان أنقرة الأخير، أعادت الدولتان التمثيل الدبلوماسي الكامل في عاصمتيهما. ويمثل هذا الحدث نقطة تحول حاسمة في علاقتهما التي اتسمت بالتوتر والخلاف على مدار معظم العام الماضي.

وكانت العلاقة بين إثيوبيا والصومال محفوفة بالتحديات، وخاصة فيما يتعلق بالنزاعات الإقليمية والخلافات السياسية وكانت معارضة الصومال لمذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال نقطة خلاف بارزة.

وكان لهذا الخلاف آثار متتالية، مما أدى إلى التوتر بين الدولتين  وفي منطقة شرق إفريقيا الأوسع أيضا. وكانت آثار هذا التوتر بعيدة المدى، حيث أثرت على التجارة والأمن والجهود التعاونية الحيوية للاستقرار الإقليمي.

وقد ساعدت المحادثات الدبلوماسية الأخيرة بين الدولتين التي عقدت في أنقرة في فتح صفحة جديدة من التعاون والتفاهم.

وقبل أسبوعين، شرعت وزيرة الدفاع الإثيوبية المهندسة عائشة محمد في زيارة رسمية إلى الصومال. وخلال زيارتها، أكدت الوزيرة محمد إلتزام إثيوبيا الثابت بالمساهمة في السلام والاستقرار داخل الصومال. كما أكدت على أن مكافحة الإرهاب تظل مجالًا أساسيًا للتعاون بين البلدين.

وأعربت الدولتان عن التزامهما بالتعاون في بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) واتفقتا على تعزيز العلاقات الثنائية من خلال زيادة تبادل الزيارات والمناقشات رفيعة المستوى.

وفي أعقاب زيارة وزيرة الدفاع، زار الرئيس الصومالي حسن شيخ محمود إثيوبيا في 11 يناير 2025. وتشير هذه الزيارة إلى تطور كبير في العلاقة بين البلدين الجارين.

وخلال الاجتماع، ناقش الزعيمان سبل مواصلة تنسيق الجهود لتحسين العلاقات الإقليمية وتعزيز التفاهم المتبادل والتقدم المشترك.

 كما ناقشت الدولتان الحاجة إلى مواصلة وتعزيز التعاون الأمني ​​بين البلدين و علاوة على ذلك، يمكن أن يؤدي تحسين العلاقات الثنائية إلى تقليل خطر استغلال القوى الخارجية للانقسامات بين إثيوبيا والصومال. إن الجبهة الموحدة من شأنها أن تمكن المنطقة من التفاوض من موقع قوة في المحافل العالمية.

إن الالتزام بالثقة المتبادلة والتعاون والاحترام بين البلدين يحمل في طياته القدرة على تحويل علاقتهما إلى حجر الزاوية للسلام والتنمية في منطقة القرن الأفريقي.

لقد شاب هذه المنطقة منذ فترة طويلة الصراع وعدم الاستقرار، مما يجعل إنشاء علاقات متناغمة من أجل الاستقرار الإقليمي  من اهم الاجندات التي تحتاجها المنطقة في الوقت الحالي.

وأن أحد الجوانب الرئيسية لهذه العلاقة المتجددة هو الالتزام المشترك باستعادة وتعزيز العلاقات الثنائية من خلال التمثيل الدبلوماسي الكامل. وأن التركيز على إنشاء حضور دبلوماسي كامل في عواصم كل منهما هو خطوة عملية تهدف إلى تحسين الاتصالات وتعزيز العلاقات الوثيقة بين الدولتين. كما يمهد الطريق للمناقشات والتعاون المستمرين بشأن قضايا مختلفة.

ويظل الأمن مصدر قلق بالغ الأهمية لكل من إثيوبيا والصومال، وخاصة في ضوء التهديدات التي تشكلها الجماعات المسلحة المتطرفة مثل حركة الشباب.

ولا تعمل هذه الجماعات على زعزعة استقرار القرن الأفريقي فحسب، بل إنها تشكل أيضًا تحديات عبر الحدود التي تتطلب استجابة تعاونية.

كما أن الالتزام بتعزيز التعاون بين الأجهزة الأمنية يعكس الاعتراف بالطبيعة العابرة للحدود الوطنية لهذه التهديدات. وإن الاستراتيجيات الفعّالة قد تشمل تبادل المعلومات الاستخباراتية المشتركة، والعمليات العسكرية المنسقة، ومبادرات بناء القدرات. وتشكل مثل هذه التدابير أهمية حيوية للتخفيف من تأثير الجماعات المتطرفة وتعزيز المشهد الأمني ​​العام في المنطقة.

ويتماشى التركيز على الثقة المتبادلة والاحترام كشرط أساسي للاستقرار مع هدف أوسع نطاقاً يتمثل في تعزيز النظام الإقليمي السلمي.

و إثيوبيا التي تم الاعتراف بها كمساهم رئيسي في جهود حفظ السلام في الصومال في إطار بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال وبعثة الانتقال الأفريقية في الصومال، يمكنها الاستفادة من مواردها العسكرية واللوجستية لدعم أولويات الأمن في الصومال.

ولا يعمل هذا التعاون على تعزيز جهاز الأمن في الصومال فحسب، بل يعزز أيضًا دور إثيوبيا كقوة استقرار في المنطقة. وبعيدًا عن الأمن، يؤكد البيان المشترك على الأهمية الحاسمة لتوسيع التعاون الاقتصادي والتجارة والاستثمار.

وقد تم تحديد تطوير البنية الأساسية كعامل تمكين حيوي لهذا التكامل الاقتصادي. ومن خلال تحسين روابط البنية الأساسية، مثل شبكات الطرق والممرات التجارية، يمكن لإثيوبيا والصومال تسهيل الترابط الاقتصادي بشكل أكبر وتعزيز الوصول إلى الأسواق.

ويوفر اقتصاد إثيوبيا غير الساحلي والموقع الساحلي الاستراتيجي للصومال فرصًا فريدة من نوعها لتحقيق المنفعة المتبادلة. ويفتح التركيز على التعاون الاقتصادي القوي آفاقًا للمشاريع المشتركة في القطاعات الرئيسية مثل الزراعة والطاقة والنقل، والاستفادة من الموارد المشتركة، مثل إمكانات الطاقة المتجددة في إثيوبيا ومرافق الموانئ في الصومال. ويمكن أن تفتح الباب أمام النمو الإقليمي.

على سبيل المثال، يمكن لقدرة إثيوبيا على إنتاج الطاقة المتجددة وتزود الصناعات الصومالية بالطاقة، في حين يمكن للموانئ الصومالية أن تعمل كبوابات أساسية للصادرات الإثيوبية. بحيث إن هذا الارتباط المتجدد بين إثيوبيا والصومال يحمل وعدًا هائلاً لمستقبل المنطقة. ومن خلال إعطاء الأولوية للتعاون ومعالجة المخاوف الأمنية المشتركة، يمكن لكلا البلدين أن يساهما بشكل كبير في السلام والاستقرار والازدهار في منطقة القرن الأفريقي.

وقد أكد الزعيمان على أهمية تكثيف التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين بلديهما. من خلال إعطاء الأولوية للحوار والتعاون. ولا يمكن لإثيوبيا والصومال معالجة تحدياتهما فحسب، بل المساهمة في منطقة أكثر سلامًا وازدهارًا أيضا. ويمكن أن يكون هذا الاختراق الدبلوماسي نموذجًا للدول الأخرى التي تواجه نزاعات مماثلة، مما يوضح أهمية الحوار في تحقيق السلام والاستقرار الدائمين في شرق أفريقيا.

على الرغم من التطورات الإيجابية، فإن التحدي الحقيقي يكمن في تحويل هذه الالتزامات إلى أفعال ملموسة. ولهذا، يجب أن تؤدي العلاقات الدبلوماسية المتجددة إلى اتفاقيات ومبادرات ملموسة تعالج القضايا الأساسية التي ابتليت بها العلاقة التاريخية. كما يجب على كل من الدولتين أن تتغلب على تعقيدات تفاعلاتهما مع تعزيز روح الثقة والاحترام المتبادلين.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai