عمر حاجي
أطلق رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد، مؤخرًا الطائرة المجمعة محليًا والتي تحمل اسم ( شمس/ Tsehay II SUN II) بعد أن أصبحت جاهزة للطيران. وتستمد ( شمس II) من طائرة صغيرة أخرى بنتها الدولة بالتعاون مع خبراء ألمان.
ولا تعد الطائرتان (شمس/ II Tsehay) الطائرتين الوحيدتين اللتين بناهما الإثيوبيون محليًا. وتم بناء طائرة أخرى أيضًا تسمى (إيشيت/ Eshet) وإطلاقها في البلاد قبل بضعة عقود.
وإن محاولات بناء هذه الطائرات محليًا تترك الكثير من الدروس للمهندسين والخبراء في البلاد.
و على الرغم من أنها نسبة صغيرة في صناعة الطيران القارية الضخمة في البلاد، إلا أنها تلعب دورًا كبيرًا في خلق المبادرة أو الإلهام أو الدافع الذي سينمو يومًا ما لتمكين البلاد من الاعتماد على الذات في هندسة الطيران.
ولقد نجحت الدولة بالفعل في تربية شركة الطيران الصغيرة التي تأسست قبل 8 عقود لتصبح اليوم شركة طيران ذات كفاءة عالمية ومسؤولة اجتماعيًا وسياسيًا.
وتعود جذور صناعة الطيران في إثيوبيا إلى أوائل القرن العشرين، عندما حصلت البلاد على أول طائرة لها في عام 1929. كانت هذه الغزوة الأولية في مجال الطيران مدفوعة برؤية الإمبراطور هيلا سيلاسي، الذي أدرك إمكانات السفر الجوي لربط إثيوبيا ببقية العالم وتعزيز مكانة البلاد الاقتصادية والسياسية.
وعلى مدى العقود التالية، واصلت إثيوبيا الاستثمار في بنيتها التحتية للطيران، حيث أنشأت القوات الجوية الإثيوبية في عام 1946 والناقل الوطني، الخطوط الجوية الإثيوبية، في عام 1945.
ويتمتع قطاع الطيران في إثيوبيا بتاريخ غني، وتتميز بالانتصارات والتحديات. وباعتبارها واحدة من أقدم الدول المستقلة في أفريقيا، أدركت إثيوبيا منذ فترة طويلة الأهمية الاستراتيجية للسفر الجوي، وعملت بلا كلل لتطوير قدراتها في مجال الطيران.
وكان تأثير مساعي إثيوبيا في قطاع الطيران بعيد المدى. ولم يعمل استثمار البلاد في بنيتها التحتية للطيران على تسهيل حركة الأشخاص والبضائع فحسب، بل ساهم أيضًا في النمو الاقتصادي والتنمية في البلاد.
ولقد كانت الخطوط الجوية الإثيوبية، على وجه الخصوص، محركًا مهمًا لهذا التقدم، حيث عملت على توليد فرص العمل، وجذب الاستثمارات الأجنبية، وتعزيز السياحة.
ومن الحقائق المذهلة في رحلة الطيران التي خاضتها البلاد أنها لم تتمكن من تأسيس وتشغيل مثل هذه الشركة الضخمة فحسب، بل تمكنت أيضًا من توسيع نطاقها إلى مؤسسة لا تقتصر على خدمات النقل فحسب، بل إنها شرعت في التدريب والصيانة والشراكة المتعددة الجنسيات، من بين أمور أخرى.
ولعبت الخطوط الجوية دورًا حيويًا بشكل خاص في تعزيز تنمية الموارد البشرية في قطاع الطيران في البلاد حيث تقوم بتدريب مئات الموظفين المحليين والدوليين في منشأة التدريب الحديثة وجامعة الطيران، لأن الموارد البشرية هي العمود الفقري لأي صناعة، فيمكن اعتبار نجاح الخطوط الجوية هذا بمثابة السر الرئيسي وراء نجاحها المثالي.
وإلى جانب ذلك، يجب الاعتراف بالخطوط الجوية لجهودها الدؤوبة في إنشاء منشأة الصيانة والإصلاح الخاصة بها والتي يمكنها من إنجاز خدمات واسعة النطاق لكل من شركات الطيران المحلية والأجنبية.
وتلعب منشأة الصيانة والإصلاح دورًا مهمًا ليس في تعزيز المعرفة فقط، بل في وضع الأساس لمحاولات مستقبلية لإنشاء صناعة أكبر.
ومع ذلك، واجه قطاع الطيران في إثيوبيا أيضًا نصيبه العادل من التحديات. فقد أعاق عدم الاستقرار السياسي والتحديات الاقتصادية في البلاد في بعض الأحيان نمو القطاع.
وكان لجائحة كوفيد-19 تأثيرا كبيرا على الصناعة، مما أجبر الخطوط الجوية الإثيوبية على تنفيذ تدابير خفض التكاليف وإعادة هيكلة عملياتها. على الرغم من هذه التحديات، تظل إثيوبيا ملتزمة بالتطوير المستمر لقطاع الطيران.
وقد حددت البلاد أهدافًا طموحة، بما في ذلك توسيع البنية التحتية لمطاراتها وتحديث أسطولها. بالإضافة إلى ذلك، تستكشف إثيوبيا إمكانات التقنيات الناشئة، مثل استخدام الطائرات بدون طيار وتطوير وقود الطيران المستدام، لتعزيز كفاءة واستدامة صناعة الطيران لديها.
وكان جهد إثيوبيا في قطاع الطيران رحلة رائعة، وتميزت بالنجاحات والنكسات. وكان التزام البلاد بتطوير قدراتها في مجال الطيران محركًا رئيسيًا لتقدمها الاقتصادي والاجتماعي. وبينما تواصل إثيوبيا التعامل مع تحديات وفرص قطاع الطيران، تظل مستعدة للعب دور حاسم في مشهد السفر الجوي في المنطقة.