عمر حاجي
إن منطقة البحر الأحمر تعتبر مركز جذب انتباه جميع الدول وهناك العديد من الدول التي لا تنام للسيطرة على المنطقة بقدر استطاعتها.
ومن المعروف أن إثيوبيا التي تتمتع بكثافة سكانية كبيرة، وقعت اتفاقا مع أرض الصومال التي تتمتع بالحكم الذاتي من اجل استخدام منفذ بحري لها في المنطقة.
كما أن حركة الحصول على ميناء بحري لا تقتصر على نقل البضائع فقط، كما يعتقد الكثيرون، بل يتفق الخبراء في هذا المجال على أنه يعتبر مسالة وجود.
وقال أحد المثقفين، هو المؤرخ السيد دانياو جبرو: إن إثيوبيا دولة شاركت في قضية النيل والبحر الأحمر، وأن التركيز الرئيسي لكليهما هو في إثيوبيا.
مضيفا أن المجتمع الدولي يعتبر إثيوبيا دولة مؤثرة مقارنة بالدول الأخرى و ربما تكون إثيوبيا دولة لديها القدرة على التأثير على الوضع العام في شرق أفريقيا ولهذا السبب ينظر إليها العالم باهتمام، وأحياناً ينظر إليها بعضهم بخوف.
وقال أستاذ جامعة أداما للعلوم والتكنولوجيا، الدكتور طلاهون إردونو، انه ليس لإثيوبيا أي دور في البحر الأحمر حاليا، منذ ان فقدت منفذها البحري.
واضاف انه كان لدينا الكثير من الموارد في ميناء عصب كما كان لدينا قوة بحرية قوية جدًا، مشيرا إلى أن نفوذ إثيوبيا في منطقة البحر الأحمر كان كبيرًا.
ووفقا للدكتور طلاهون، فإن جميع الموانئ المحيطة بنا تقريبا مملوكة للدول الأعضاء في جامعة الدول العربية ولا ينبغي أن ننسى أن إريتريا هي أيضًا عضو مناوب في جامعة الدول العربية. ولذلك فإنه من الضروري أن نحتاج إلى ميناء خاص بنا.
ولذلك يتعين علينا التخطيط والتحرك لتنفيذ كل ما يتعين علينا القيام به للحصول على المنفذ ولا يمكن في الوقت الحالي أن يكون لنا أي تأثير على البحر الأحمر اذا لم نمتلك المنفذ.
وأضاف دانياو قائلا: إن الماء هو الأجندة الأولى للسياسة العالمية، لأن الماء هو الذهب الأزرق للقرن الحادي والعشرين، وأعظم من النفط والذهب، ويمكن استبدال الموارد الأخرى بمصادر أخرى لكن الماء مورد لا يمكن تعويضه.
وربما في القرن الحادي والعشرين إذا اندلعت الحرب العالمية الثالثة، فإن المياه ستكون نقطة البداية حسبما قال العديد من المثقفين.
والسبب هو أن شعوب العالم متعطشة للمياه و كما تعلمون فإن 71% من سطح الأرض عبارة عن ماء. ويمكن استخدام 3.5% فقط من المياه بشكل مباشر. وأن 96.5% من المياه غير صالحة للاستخدام المباشر. وحتى لو كانت المياه موجودة، فمن الممكن استغلالها بتكلفة كبيرة.
وقال دانياو: إن 3.5% من طاقة العالم عبارة عن ماء. ومن بين 3.5 في المائة من المياه يوجد 61 في المائة منها في مناطق القطب الشمالي والقطب الجنوبي غير المأهولة.
وإن هذا يعني أن العالم يفتخر بالأنهار العابرة للبلاد مثل تلك الموجودة في إثيوبيا، والتي لا تزيد حصتها على واحد وخمسة بالمئة. فإن العالم يواجه أزمة خطيرة في إدارة المياه واستخدامها وإدارتها. ولهذا السبب تتقاتل الدول على المياه بشكل مباشر وغير مباشر. ومن المتوقع أن يؤدي نقص المياه في المستقبل إلى مذبحة كثير من الناس في العالم، مشيرا إلى أن سياسة المياه تمثل أجندة كبيرة في العالم.
وقال: إنه إذا نظرنا إلى إثيوبيا، فهي دولة تقع في قلب القضيتين وقد أصبحت قضية النيل والبحر الأحمر هي التي تحدد السياسة الخارجية والداخلية لإثيوبيا لأول مرة.
وقد تفاقمت سياسة إثيوبيا الخارجية وعلاقاتها الخارجية ومشاكلها وصراعاتها الداخلية في أصل قضية النيل والبحر الأحمر. ولذلك، فإن إثيوبيا لم تستخدم هذه الموارد بكثرة. وخاصة أن ماء النيل لم تستخدمه. والحقيقة أنه لم تكن لدينا القدرة على استخدامه إلا مؤخراً، والمحاولات التي تمت كانت قليلة.
وقال: إن قضية أخرى هي البحر الأحمر، ومن المعروف، أن جزءًا معينًا من البحر الأحمر كان مملوكًا لإثيوبيا، مع أن الناس يربطون بين قضية مينائنا والبضائع، إلا أنه من الظلم أن نخسر البحر الأحمر. وأن العالم بما في ذلك نحن، لا يهتم بالبحر الأحمر فحسب، بل أنه يعتبر مسألة وجود أيضا.
وقال جبرو: إن الأمر لا يتعلق بالميناء فحسب، بل تحتاج إثيوبيا حاليًا إلى بوابة بحرية بهدف الحفاظ على وجودها كدولة.
ولذلك، لا بد من أن نفهم أن قضية البحر الأحمر ليست قضية ميناء، بل أن البحر الأحمر هو منطقة مهمة يمكن أن تخلق أزمة اقتصادية وسياسية عالمية أو تجعلها سلمية. وقد فقدت إثيوبيا هذا البحر بالخطأ، لكن في الوقت الحاضر لا بد من مواجهة قضية البحر الأحمر، مثل باقي الدول.
ونحن نفعل هذا من أجل السلام في بلدنا، وعندما نتأمل البحر الأحمر نجد أن فيه بركات كثيرة وخصوصا، يعد النقل المائي أرخص وسيلة لنقل البضائع والمواد الخام من مكان لآخر.
وإذا تم نقل البضائع والموارد الخام في العالم عن طريق المياه، فإن المحور الرئيسي هو البحر الأحمر. بإضافة ذلك، فإن المنطقة تعتبر موقعا استراتيجيا.
وإن هذه المنطقة التي يعيش فيها عدد كبير من سكان العالم، هي مكان يتم فيه تداول الكثير من السلع، حيث توجد الموارد الخام الهائلة لأفريقيا، ولها أسواق كبيرة ومن الممكن تحقيق فوائد كبيرة في الأعمال التجارية عندما يتم النقل عبر هذا البحر.
ووفقا للمؤرخ جبرو، فإن الاهتمام بالبحر الأحمر على المستوى الدولي يمكن تصنيفه في ثلاث طرق. الأولى، هي الدول التي لا تنام أربعاً وعشرين ساعة في حالة البحر الأحمر، والثاني، منهم ينامون أربعًا وعشرين ساعة يوميًا، والثالثة، مثيرة الشغب حول البحر الأحمر.
وعند شرح عن دول أربع وعشرين ساعة الأولى، تلاحظ أنها لا ترفع أعينها عن المنطقة، وتنتشر جميعها بدرجة معقولة وتستأجر موانئ وقواعد عسكرية في منطقة البحر الأحمر من جيبوتي إلى الصومال.
وهذا ليس بحثًا عن ميناء بحري، بل إنها مسألة سعي واحتلال لموقع استراتيجية للقوة السياسية والاقتصادية والعسكرية. والسبب هو أن الدول المطلة على البحر الأحمر تركت موانئها ممتلئة.
وهذه الدول التي لا تنام هي الدول القادرة على تدمير اقتصاديات أفريقيا وآسيا واستغلال قوة العمل الهائلة والاستفادة من الأسواق.
وقال المؤرخ : إن من ينامون أربعاً وعشرين ساعة يومياً هم دول المنطقة وعندما يذكر السودان والصومال واليمن كأمثلة، يصفهم بالنعاس وإثيوبيا تطالب حاليا بالوحدة. وسنحترم مصالحنا من خلال تعزيز وحدتنا من خلال مبدأ العطاء والأخذ.
وعندما تقول إثيوبيا ذلك، تنظر إليها الدول المختلفة بقلق وأما المصنفون في المرتبة الثالثة فهم الغارقون في مشكلة المنطقة. أولئك الذين يزعجون العالم باستخدام الطائرات بدون طيار في المنطقة.
هناك أيضًا عناصر تمس المنطقة. ولهذا السبب، يعتبر البحر الأحمر أرضًا خصبة للقراصنة. ونتيجة لذلك، فإن المنطقة مزدحمة. المثال على ذلك، اليمن بلد محطم. وكذلك الصومال، والسودان بلد غير مستقر أيضا في حالة من الفوضى. بالإضافة إلى ذلك، فإن البحر الأحمر هو منطقة الصراع العربي الإسرائيلي، حيث بينهما خلاف قوي.
و قال دانياو: إن دول هذه المنطقة المضطربة تواجه تهديدًا وجوديًا. ولذلك، يجب علينا أن نكون قادرين على حماية مصالحنا لكوننا المالك الحقيقي حتى يمكن نقل بضائعنا ومواردنا الخام بأمان عبر البحر. والثاني، هو أننا يجب علينا أن نكون قادرين على إنشاء قوتنا الخاصة في البحر الأحمر حتى لا تتمكن أي دولة من مهاجمتنا.
والسبب في ذلك، هو أن البحر الأحمر ليس مجرد ميناء، بل هو مسألة وجود لإثيوبيا. ولذلك، فإن الموقف الذي اتخذه رئيس الوزراء بأننا بحاجة إلى منفذ إلى البحر، هو موقف حاسم أيضًا، وهذا هو الشيء الصحيح.
وقال: نحن أصحاب البحر الأحمر، ولذلك يجب إعادة ملكية البحر الأحمر التي سلبت منا ولذلك، ندعوا جميع الإثيوبيين بأن ينضموا إلينا، فإنه إذا لم تكن لدينا حصة في البحر الأحمر، فلن نتمكن من الحصول على وجود مستدام.