كيف يمكن للشراكة بين إثيوبيا وأرض الصومال إعادة تشكيل الديناميكيات الإقليمية

* رئيس جامعة جيجيغا:حصول إثيوبيا على ميناء بحري يعزز المنافع المتبادلة والعلاقات التجارية في المنطقة بأكملها

* نائب رئيس البعثة لأرض الصومال:إنشاء إثيوبيا لقاعدة بحرية في أرض الصومال يساهم بشكل كبير في تهدئة باب المندب

 

جوهر أحمد

من الجدير بالذكر أن توقيع مذكرة التفاهم بين إثيوبيا وأرض الصومال يلعب دورًا كبيرًا في مساعدة تقدم اقتصاد البلاد وتسهيل مسار أعمال الاستيراد والتصدير في المستقبل.

فقد واصلت  بعض الجهات التي لديها كراهية عميقة تجاه الاتفاقية الذهاب إلى أقاصي الأرض لعرقلتها .وعلى الرغم من أن أعداء إثيوبيا يعرفون تمامًا أن الاتفاقية لا تضر بأي دولة، إلا أنهم يهدفون إضافة الوقود إلى النيران ووضع الملح على الجرح وإشعال المنطقة  التي كانت مضطربة أصلا نتيجة لاستفحال أنشطة الإرهاب خاصة في الصومال .

بينما يحرك أعداء إثيوبيا اللدودون والألداء السماء والأرض لتشويه سمعة مبادرة إثيوبيا وأرض الصومال الرائدة، استمرت جهودهم دون جدوى. وعلى الرغم من احتمال عدم ادخارهم أي جهد لخداع المجتمع الدولي بأخبارهم المضللة المعتادة، إلا الهدف المنشود تحول إلى عقبة لا يمكن تحقيقه .

ومن المؤسف أن أعداء إثيوبيا يعملون ليلا ونهارا لتشويه التطورات الإيجابية التي تشهدها البلاد، وذلك من خلال تجاهلهم للواقع القائم على الأرض. وبما أن إثيوبيا لا تنوي إيذاء أي دولة، فإن الحكومة الصومالية لابد أن تتعاون مع إثيوبيا تعاونا وثيقا بطريقة سلمية وتبذل قصارى جهدها للوصول إلى حل للمشاكل التي تواجهها من خلال المناقشات على المائدة المستديرة.

ونظراً لأن الحرب لايستفيد أحد  فإن الحكومة الصومالية لابد أن تنأى بنفسها عن الأعمال التي تحض على الحرب. ومن الواضح أنه إذا استمر الوضع على هذا النحو، فإن منطقة القرن الأفريقي سوف تتحول بكل تأكيد إلى مرتع للإرهابيين. وأن إثيوبيا تبذل كل ما في وسعها بهدف حل القضية سلمياً، فلابد للحكومة الصومالية أن تسعى من جهتها أيضاإلى تحقيق السلام في منطقة القرن الأفريقي دون تردد.

وفي هذاالسياق قال خبير في العلوم الاجتماعية :إن اتفاق إثيوبيا مع أرض الصومال هو استمرار لسياسة إثيوبيا لخارجية الودية وليس انتهاكا لسيادة الآخرين كما تدعي بعض الجهات التي تسعى إلى استغلال الخلاف الإثيوبي الصومالي لتحقيق مآربها الخاصة      مشددًا على الحاجة الماسة لإثيوبيا  لتأمين ميناء بحري.

و انتقد الخبراء الشكوك والتفسيرات المبالغ فيها لمذكرة التفاهم للشراكة والتعاون بين إثيوبيا وأرض الصومال، وأشادو الاتفاقية بأنها إجراءات بناءة ومفيدة للبلدين ومن شأنها أن تخدم المنطقة بأكملها أيضا.

وفي هذاالسياق صرح الدكتورعبدو محمد محلل التاريخ والشؤون الدولية بجامعة ديلا لصحيفة الإثيوبيان- هيرالد أن البلاد لم تخترع شيئًا جديدًا وأن اتفاقها مع أرض الصومال هو جزء لا يتجزأ من ثلاثة عقود من سياستها الخارجية تجاه هرجيسا.

وكانت إثيوبيا وأرض الصومال تقيمان علاقات تجارية ودبلوماسية أخرى خالية من ردود الفعل ووجهات النظر الخارجية. وأوصى المحلل قائلاً: “إن  إثيوبيا  تحتاج إلى النظر إلى ردود الفعل الجارية بعناية من منظور الدبلوماسية والسلام“.

وصرح السيد فيقادو دريبا أيضا وهوأستاذ القانون بجامعة هواسا أن الخطوط الجوية الإثيوبية كانت تطير إلى هرجيسا وأن البلاد لديها حصة في ميناء بربرة، لذا فإن مذكرة التفاهم الأخيرة ليست ظاهرة جديدة. ومن الطبيعي أن يتوصل الطرفان إلى اتفاق متبادل طالما أنه لا يؤثر على الآخرين.

وقال السيد فيقادو دريبا: إن إثيوبيا تحتاج إلى دراسة ردود الفعل التي أعقبت توقيع مذكرة التفاهم بعناية وصياغة آليات الاستجابة المناسبة والاستمرار في إيضاح الموضوع.ولا ينبغي لأي كيان خارجي أن يملي على إثيوبيا متى ومع من ينبغي لها أن تدخل في اتفاقيات. الأمر متروك لإثيوبيا لاتخاذ القرار بشأن سياستها الخارجية. وأن سعي البلاد للعودة إلى البحر له أساس تاريخي وقانوني وجيوسياسي. ويمكن تحقيق مصالحها من خلال وسائل مختلفة. الاتفاق المتبادل هو أحد تلك الوسائل .

في الواقع، استمرت بعض الجهات  التي تكن العداوة لإثيوبيا ونموها وتطورها في إرباك المجتمع الدولي بأكاذيب مضللة ومكشوفة لا تعكس الواقع الملموس.على الرغم من أن منافسي إثيوبيا يعرفون دور إثيوبيا في استعادة السلام والهدوء في القرن الأفريقي عبر القتال ضد حركة الشباب الإرهابية وغيرها من الجماعات المسلحة  في الصومال إلا أنهم استمروا في غض الطرف عن الحقيقة المجردة مرارًا وتكرارًا.                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                                           

ومن الجدير بالذكر أنه في غياب قوة حفظ السلام الإثيوبية، فإن تحقيق السلام والهدوء في القرن الأفريقي سيكون أصعب بالفعل. وما لم تقف جميع دول جوار الصومال في انسجام لاستعادة السلام في القرن الأفريقي، فإن المنطقة ستنتقل إلى المجهول وتشكل خطراً على كل شيء يطفو على السطح في القرن الأفريقي.

ومن جانبه قال الدكتوربشير عبد الله محمود رئيس جامعة جيجيغا :إن تحقيق سعي إثيوبيا للحصول على ميناء بحري من شأنه أن يعزز المنافع المتبادلة والعلاقات التجارية في المنطقة بأكملها. وفي حديثه في حلقة نقاشية نظمتها جامعة جيجيجا ومعهد الشؤون الخارجية، قال الدكتوربشير مؤخرًا :إن سعي إثيوبيا للحصول على ميناء بحري له أهمية قصوى للتكامل التجاري في المنطقة.

وأشار الدكتوربشير إلى أن حصول إثيوبيا على ميناء بحري أمر حيوي لكي تعمل دول المنطقة معًا لتحقيق منافع اقتصادية، و أشار إلى أن الميناء البحري مهم للحد من التكلفة العالية لصادرات وواردات السلع وجذب الاستثمار الأجنبي.وأن الحصول على ميناء بحري لإثيوبيا أمر بالغ الأهمية أيضًا لتعزيز الأنشطة التجارية خاصة في الجزء الشرقي من البلاد ولصالح الشعب. وأكد أنه لتحقيق هذه الغاية، ستنفذ الجامعة أنشطة بحثية ودبلوماسية لتحقيق جهود البلاد للحصول على ميناء بحري.

وما دامت إثيوبيا لها الحق في السعي إلى الحصول والوصول إلى الموانئ البحرية وإبرام صفقة بشأن شؤونها الاقتصادية والسياسية، فيتعين على الصومال أن تنأى بنفسها عن بذل أي جهد لدفع المنطقة إلى مشاكل أخرى غير المشاكل التي تعاني منهاأصلا .

ولا يمكن الإنكار أن اتفاقية الموانئ تمنح إثيوبيا فوائد متعددة الأوجه دون أدنى شك. وبصرف النظر عن آثارها الاجتماعية والاقتصادية، فإن وصول إثيوبيا المباشر إلى الموانئ من شأنه أن يعطي الضوء الأخضر لمنطقة القرن الأفريقي المليئة بالجماعات الإرهابية, فإن فإن الإتفاقية من شأنها أن تحد أيضًا من الجهود االمضادة  سيئة النية التي يبذلها خصوم إثيوبيا.

و في الصدد ذاته  قال الدكتورمولوجيتا دببي المحاضر في العلوم السياسية في جامعة الخدمة المدنية الإثيوبية: إنه إذا استعادت إثيوبيا منفذًا بحريًا، فإن منطقة البحر الأحمر ستكون أكثر سلامًا نسبيًا بسبب دور إثيوبيا  الفعال في الاستقرار الإقليمي.وأكد أن الأمن البحري عبر البحر الأحمر يتطلب التعاون، وهو ما تدعو إليه إثيوبيا حاليًا. “وإذا حققت إثيوبيا طموحاتها في تأمين منفذ بحري وإنشاء قاعدة عسكرية ساحلية، فإنها ستساهم بشكل كبير في حفظ السلام البحري. كما أن الصراعات على طول الساحل ستكون أكثر قابلية للإدارة“.

وباعتبارها دولة تتعاون مع القوى العالمية في مهام حفظ السلام، فإن مشاركة إثيوبيا في الساحة البحرية ستعكس شراكاتها القائمة، وفقًا للدكتورمولوجيتا.

ويتميز تاريخ إثيوبيا بحفظ السلام وليس العدوان لذلك، فإن وجودها على طول الساحل لن يكون عاملاً مزعزعًا للاستقرار وأن مكافحة الإرهاب في منطقة القرن الأفريقي لن تحقق ثمارها  بدون الوجود البحري لإثيوبيا.

وتنشط قوات حفظ السلام الإثيوبية في العديد من النقاط الساخنة في منطقة القرن الأفريقي. وسيكون دور إثيوبيا أكثر أهمية إذا سُمح لها بنشر قواتها على الأقل في قاعدة ساحلية و يجب على البلدان المعارضة لتطلعات إثيوبيا إعادة النظر في إمكانية التعاون. مع عدد سكان يزيد عن 120 مليون نسمة، فإن افتقار إثيوبيا إلى الوصول إلى البحر قد يؤدي إلى أزمات داخلية من شأنها أن تؤثر سلبًا على الدول المجاورة.

وبصرف النظر عن تعزيز المنافع الثنائية، فإن مذكرة التفاهم التي وقعتها إثيوبيا وأرض الصومال ستكون حجر الزاوية في جلب السلام إلى منطقة القرن الأفريقي المضطربة وتسريع التكامل الاقتصادي، حسبما ذكرت سفارة أرض الصومال في إثيوبيا.

وفي مقابلة حصرية مع صحيفةالإثيوبيان- هيرالد صرح نائب رئيس البعثة الدكتور برخد محمود كاريي  مؤخرا أن إنشاء إثيوبيا لقاعدة بحرية في أرض الصومال من شأنه أن يساهم بشكل كبير في تهدئة باب المندب، أحد أكثر طرق التجارة ازدحامًا على مستوى العالم، ومنع القرصنة المتفشية.

وبعد الاستفادة من ساحل يبلغ طوله 20 كيلومترًا فإن مذكرة التفاهم تخدم الهدفين المزدوجين المتمثلين في معالجة سعي الأول الطويل الأمد للحصول على الموانئ البحرية والمساهمة في السلام البحري في منطقة القرن الأفريقي. بالإضافة إلى  ذلك، تعتبر الاتفاقية خطوة جريئة اتخذت لإنشاء اقتصاد قوي وأكد برخد أن العلاقات الاقتصادية بين البلدين ينبغي أن يكررها الآخرون.

ولاشك أن مذكرة التفاهم هي جزء من الخطة الكبرى التي تهدف إلى تحويل العلاقات التاريخية بين الجانبين إلى آفاق جديدة وتعزيز العلاقات الشعبية والتجارية.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai