اللاجئون في إثيوبيا نموذج للنمو الشامل

*نهج إثيوبيا الكريم تجاه اللاجئين يعزز السلام والتكامل الإقليمي

 

جوهرأحمد

لطالما عُرفت إثيوبيا بالتزامها بكرم الضيافة، لا سيما تجاه اللاجئين الباحثين عن الأمان وحياة أفضل. ومع تزايد عدد النازحين الذين يجدون ملاذًا آمنًا داخل حدودها، تتخذ إثيوبيا خطوات هامة لدمج هؤلاء السكان في أنظمتها الوطنية. وهذا الدمج ليس مجرد استجابة إنسانية؛ بل هو نهج استراتيجي لتعزيز التماسك الاجتماعي والتنمية الاقتصادية والاستقرار الوطني.

ويُعدّ دمج اللاجئين في برامج التسجيل المدني والبرامج الاجتماعية حجر الزاوية في استراتيجية إثيوبيا. فمن خلال منح اللاجئين إمكانية الوصول إلى الخدمات العامة الأساسية، تُعزز الحكومة هويتهم القانونية وتضمن ظهورهم في الإطار الوطني. ويُعدّ هذا الدمج أمرًا بالغ الأهمية، إذ يسمح للاجئين بالمشاركة الكاملة في المجتمع، والحصول على الموارد، وبناء مستقبل لأنفسهم ولأسرهم.

ومن أكثر المبادرات تأثيرًا إنشاء برامج سوق العمل التي تُمكّن اللاجئين من بدء مشاريع صغيرة. ومن خلال توفير الدعم والموارد اللازمة، تُمكّن هذه البرامج اللاجئين من تحقيق الاعتماد على الذات والمساهمة في الاقتصاد المحلي. ولا تُعزز هذه الروح الريادية التمكين الشخصي فحسب، بل تُحفّز أيضًا النمو الاقتصادي في المجتمعات المضيفة. فعندما يُنشئ اللاجئون مشاريعهم، فإنهم يخلقون فرص عمل ويُحفّزون الابتكار. مما يعود بالنفع على أنفسهم وعلى جيرانهم.

وفي هذا الاطار قالت المديرة العامة لدائرة اللاجئين والعائدين، طيبة حسن، لوكالة الأنباء الإثيوبية بأن النهج الكريم الذي تتبعه إثيوبيا تجاه استضافة عدد كبير من اللاجئين سيمكّنها من تحقيق مكاسب دبلوماسية كبيرة وتعزيز السلام والتكامل الإقليمي.

وفي مقابلة حصرية مع وكالة الأنباء الإثيوبية، أوضحت المديرة العامة أن إثيوبيا تستضيف حاليًا حوالي 1.2 مليون لاجئ، لتحتل المرتبة الثانية في أفريقيا والسابعة عالميًا من حيث عدد اللاجئين.

وأضافت أن اللاجئين في إثيوبيا يأتون في الغالب من دول مجاورة تربطها روابط لغوية وثقافية قوية بالمجتمعات المحلية التي تستضيفهم.

وأشارت المديرة العامة أيضًا إلى التزام إثيوبيا المثالي باستضافة اللاجئين من خلال الالتزام بالقوانين والمعايير الدولية.

غالبًا ما يندمج اللاجئون في إثيوبيا بشكل وثيق مع المجتمع المحلي، ويتمتعون بفرص متنوعة مثل العمل وحرية العيش خارج المخيمات.

يندمج اللاجئون في إثيوبيا بشكل أساسي مع المجتمعات المحلية، ويتمتعون بفرص متنوعة، بما في ذلك فرص العمل وحرية العيش خارج المخيمات. وتُعد ظروفهم العامة أفضل بكثير مقارنةً بظروف العديد من الدول المضيفة الأخرى. ونتيجةً لذلك، حظيت إثيوبيا بتقدير دولي لنهجها التقدمي في دعم اللاجئين.

وأكدت المديرة العامة أن الحكومة ملتزمة باستضافة اللاجئين بكرامة ورعاية، وهو ما يعززه تقاليد الشعب الإثيوبي العريقة في الضيافة والدفء والكرم.

ومن جانبه أشاد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، بسياسة إثيوبيا لإدماج اللاجئين “ماكاتيت”، باعتبارها خطوةً مهمةً نحو حلول مستدامة للاجئين على الصعيد العالمي، وحثّ المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته المشتركة في دعم الدول المضيفة للاجئين مثل إثيوبيا.

وفي كلمته خلال فعالية رفيعة المستوى، أكد غراندي على كرم إثيوبيا العريق وقيادتها في تنفيذ سياسات استشرافية للاجئين.

وأقرّ المفوض السامي، الذي يزور إثيوبيا باستمرار، بمكانة البلاد الفريدة في منطقة مضطربة، حيث تستقبل باستمرار تدفقات كبيرة من اللاجئين.

وأشاد قائلًا: “لطالما كانت إثيوبيا، كما أتذكر منذ صغري عندما كنت موظفًا ميدانيًا في هذه المنطقة… مضيفًا كريمًا للغاية“.

كما أشار المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى تطور نهج إثيوبيا في استضافة اللاجئين.

وقال لم أرَ استمرار الكرم فحسب، بل رأيتُ أيضًا نموًا في السياسات والنهج الاستشرافية تجاه اللاجئين. ورأيتُها تنمو بطريقة رائدة للغاية،.

وأبرز غراندي الدور المحوري لإثيوبيا في إرساء الميثاق العالمي للاجئين عام 2018 حيث شاركت في عقد المنتدى العالمي الأول للاجئين عام 2019.

وأكد أن إثيوبيا دولة نموذجية في تطبيق مبادئ الميثاق العالمي، لا سيما من خلال نهجها الشامل “ماكاتيت“.

وأكد غراندي: “عندما يتوفر هذا المزيج من الموارد والسياسات، يُؤتي ثماره. وهذا ما حدث في إثيوبيا، وهذا ما يُمثله هذا النهج الذي تُسمونه ماكاتيت (الشمول) “.

وأشاد مفوض المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بشكل خاص باتساع نطاق مبادرة ماكاتيت، التي تتجاوز الخدمات التقليدية كالصحة والتعليم لتشمل فرص العمل، والوثائق اللازمة، والاتصال الرقمي، وتخصيص الأراضي للمستوطنات، مبتعدةً بذلك عن بيئات المخيمات التقليدية.

واختتم المفوض السامي كلمته بحثّ المجتمع الدولي على تحمل مسؤوليته المشتركة في دعم الدول المضيفة للاجئين مثل إثيوبيا، مشددًا على ضرورة استمرار الدعم المالي والتنموي.

وأبرز بشكل خاص الدور المحوري للبنك الدولي في هذا المسار الجديد للمساعدات، ودمج دعم اللاجئين في مبادرات التنمية الأوسع.

وأشار غراندي إلى أن “هناك مسارًا جديدًا للمساعدات ناشئًا، وهو أمر أعتقد أنه بالغ الأهمية”، مؤكدًا أن “الترابط” بين المساعدات الإنسانية والإنمائية قائمٌ بنشاط في إثيوبيا.

وشجع إثيوبيا على مشاركة نموذج “ماكاتيت” مع الدول الأخرى وتطبيق مناهج شاملة مماثلة لمواجهة تحديات النزوح الداخلي.

وأخيرًا، أعرب عن امتنانه العميق لإثيوبيا قائلًا: “شكرًا جزيلاً لإثيوبيا، وعندما أقول إثيوبيا، فأنا أعني كل شيء، وليس فقط الحكومة. شكرًا جزيلاً لإثيوبيا، على ما تقومون به“.

إن الطريقة المثالية لإيواء عدد كبير من اللاجئين لن تساعد إثيوبيا فقط على تحقيق مكاسب دبلوماسية كبيرة، وتعزيز مكانتها على الساحة العالمية، بل ستعزز أيضًا صورة إثيوبيا عند عودة اللاجئين إلى أوطانهم.

وعلاوة على ذلك، أكدت أن جهود إثيوبيا في استضافة اللاجئين ورعايتهم تُعزز الروابط بين الشعوب، وتدعم السلام الإقليمي، وتعزز التكامل الاقتصادي مع الدول المجاورة.

ومن شأن هذا النهج أن يعزز الروابط بين الشعوب ويعزز السلام والتكامل التنموي في المنطقة.

وبصفتها دولةً بارزةً في المنطقة، تحملت إثيوبيا مسؤوليةً حيويةً في دعم الدول المجاورة واستقبال طالبي اللجوء، بما يتماشى مع القوانين والمعايير الدولية، مع السعي الحثيث لإيجاد حلول مستدامة.

ويُعد الحصول على خدمات التعليم والصحة عنصرًا أساسيًا آخر في نهج إثيوبيا لدمج اللاجئين. فمن خلال ضمان التحاق اللاجئين بالمدارس وتلقيهم الرعاية الطبية، تستثمر الحكومة في مستقبل هؤلاء الأفراد. وُيزود التعليم اللاجئين بالمعرفة والمهارات، مما يعزز فرصهم في التوظيف ويُمكّنهم من المساهمة بشكل هادف في المجتمع. وفي الوقت نفسه، يُعد الحصول على الخدمات الصحية أمرًا أساسيًا للرفاهية العامة للاجئين، إذ يُساعد على الوقاية من الأمراض ويضمن لهم حياة صحية ومنتجة.

وتسعى الحكومة بنشاط إلى إقامة شراكات مع المنظمات الدولية والدول المانحة والقطاع الخاص. ومن خلال تعزيز ثقافة المسؤولية المشتركة، تُؤكد إثيوبيا أن التحديات التي يواجهها اللاجئون لا تقتصر على الدول المضيفة فقط. فالمساهمات المالية من القوى العالمية ضرورية، لأنها تُمكّن من تنفيذ برامج ومبادرات مستدامة تعود بالنفع على اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.

وإلى جانب ذلك، تُعدّ السياسات الشاملة أمرًا بالغ الأهمية لضمان عدم تهميش اللاجئين، بل دمجهم في النسيج الاجتماعي للدولة. ويدعو نهج إثيوبيا إلى التعاون بين مختلف الجهات المعنية  بما في ذلك الحكومات المحلية والمجتمع المدني,ومنظمات المجتمع المدني، والقطاع الخاص. وتُعزز هذه الاستراتيجية متعددة الجوانب فعالية مبادرات دعم اللاجئين، وتضمن تصميمها بما يتناسب مع الاحتياجات الخاصة لمختلف فئات السكان.

في حين تواصل إثيوبيا التعامل مع تعقيدات إدماج اللاجئين، فإنها لا تزال ملتزمة بتعزيز بيئة من الكرامة والاحترام والفرص. ومن خلال تلبية احتياجات اللاجئين بشكل شامل – من خلال التسجيل المدني، والحصول على الخدمات الأساسية، والتمكين الاقتصادي، وتدابير السلامة – تُقدم البلاد مثالاً يُحتذى به للآخرين. تتطلب رحلة التكامل المستدام جهدًا متواصلًا، ولكن بالتعاون والتفاني، تُمهد إثيوبيا الطريق لمستقبل أكثر إشراقًا لكل من اللاجئين والمجتمعات المضيفة على حد سواء.

ولا شك  أن  نهج إثيوبيا الشامل تجاه إدماج اللاجئينيُ عد دليلاً على التزامها بكرم الضيافة والمسؤولية المشتركة. فمن خلال توفير مسارات للاجئين للازدهار، لا تدعم البلاد المحتاجين فحسب، بل تُثري أيضًا مجتمعها واقتصادها. ومن خلال التعاون والابتكار المستمرين، تعمل إثيوبيا من أجل مستقبل مستدام لا يقتصر فيه اللاجئون على البقاء على قيد الحياة فحسب، بل يزدهرون أيضًا. ولهذا السبب، رحبت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بإثيوبيا.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai