قيم التعاطف والتضامن والوقوف إلى جانب المحتاجين في شهر رمضان لاتزال راسخة في إثيوبيا

 

جوهرأحمد

في عالمٍ منقسم لأسباب سياسية أو دينية أو اقتصادية، لا تزال روح التضامن والوقوف إلى جانب المحتاجين في إثيوبيا راسخة. ولا تزال ثقافة التضامن والمحبة الراسخة متأصلةفي إثيوبيا. وتتجلى هذه القيم الجوهرية بأشكالٍ متنوعة، كمشاركة الطعام والملابس والموارد مع المحتاجين، وهي جزءٌ من هذا التضامن. ومع استمرار إثيوبيا في استضافة اللاجئين من مختلف أنحاء العالم، لم تعد ثقافة المشاركة سمةً ثقافيةً مميزةً فحسب، بل أصبحت أيضًا سمةً أساسيةً تُعرّف إثيوبيا وشعبها.

وأن توفير المأوى للاجئين ليس أمرًا جديدًا على إثيوبيا، بل هو ثقافةٌ عريقةٌ تُمارس على مستوى المسؤولين الحكوميين أو الأفراد. فالأشخاص الذين فروا من وطنهم لأسباب سياسية أو اقتصادية يُرحّب بهم دائمًا في إثيوبيا. وكما تشهد حالة اللاجئين من اليمن وسوريا، كان الإثيوبيون، ولا يزالون، مُرحّبين بهم.

وأن مشاركة الطعام أوالملابس مع اللاجئين تتجاوز مجرد تلبية احتياجاتهم اليومية، بل لديها دورٌ أساسي في تعزيز الشعور بالتكاتف والتراحم والانتماء الاجتماعي، مما يُساعدهم على الشعور بالرضا في أوطانهم. هذا ما تسعى إثيوبيا وشعبها إلى تنميته وهوشعورٌ بالتضامن والتآزر.

ونعيش الآن في شهر رمضان، حيث تستمتع الجاليات المسلمة بصيامها مع الإخوة والأخوات. ولا يقتصر شهر رمضان المبارك على الامتناع عن الطعام والشراب من الفجر حتى الغسق, بل يُجسّد مبدأ التضامن والمشاركة الضروريين لتعزيز الشعور بالانتماء للمجتمع. وكما تُشير العديد من الوثائق، يُمثّل رمضان تذكيرًا مؤثرًا بأهمية التعاطف والتراحم، لا سيما تجاه الأقل حظًا.

و يتضامن الإثيوبيون  على المستويين الفردي والحكومي مع المحتاجين  في شهر رمضان المبارك في كل ركن من أركان البلاد، ورغم أن اللاجئين يعيشون بعيدًا عن وطنهم الأم، إلا أنهم يستمتعون بالصيام والصلاة مع إخوانهم من المجتمع الإثيوبي المسلم ، ويختبرون جوهر التراحم مع إخوانهم وأخواتهم المسيحيين. في إطار هذه المبادرة الكريمة للتضامن والتراحم، بادر مكتب رئيس الوزراء إلى مشاركة الجالية المسلمة في أديس أبابا وجبات الطعام خلال شهر رمضان المبارك على مدار السنوات الماضية.

وإدراكًا منه لأهمية مشاركة الطعام مع اللاجئين، استضاف رئيس الوزراء الدكتور آبي أحمد برنامج إفطار لـ 200 لاجئ من مختلف البلدان في القصر الوطني، تجسيدًا لروح التضامن والمحبة والإنسانية المشتركة خلال شهر رمضان.

وتعكس هذه المبادرة ليس فقط التزامًا بمبادئ الكرم التي يجسدها رمضان، بل أيضًا جهدًا أوسع نطاقًا لتعزيز الوحدة والسلام بين الناس. ومن خلال تنظيم برامج إفطار جماعية، حيث تجتمع العائلات لتناول الإفطار معًا، تتخذ الحكومة خطوات أساسية لتعزيز الروابط المجتمعية والتأكيد على أهمية التعاطف والدعم الجماعي.

و لا تلبي جهود تقديم الطعام الجماعي هذه الاحتياجات العاجلة لمن قد يجدون صعوبة في تحمل تكاليف وجبات الطعام خلال شهر الصيام فحسب، بل تُمثل أيضًا تعبيرًا حيويًا عن حسن النية والشمولية. أكدت تجمعات الأفراد من خلفيات متنوعة على أهمية الشمولية والوحدة والمسؤولية الجماعية في معالجة الأزمات الإنسانية العالمية.

و هذا الحدث يُذكرنا بالتزام إثيوبيا الراسخ بدعم المجتمعات النازحة، ومنحها الأمل والكرامة في ظل التحديات التي تواجهها. وكما أشار مكتب رئيس الوزراء، أتاح هذالحدث  للاجئين الذين  شاركوا في برنامج الإفطار فرصة زيارة القصر الوطني الذي تم تجديده حديثًا.

في سياق متصل، أُقيم برنامج إفطار رمضان السنوي الكبير في أديس أبابا يوم الأحد بحضور جموع غفيرة من المسلمين. وخلال هذا الحدث، اجتمع آلاف المسلمين لتناول إفطار جماعي.

وأكد  الدكتور الشيخ إبراهيم توفا رئيس المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الإثيوبية، ، في كلمته خلال الحفل، على أن شهر رمضان المبارك يُمثل فرصة ثمينة لتعزيز التعاون وترسيخ الوحدة الوطنية.مضيفا  أن هذا الحدث يُمثل رمزًا قويًا للتضامن والوئام والسكينة داخل المجتمع الإسلامي، مُظهرًا القوة التي تنبع من الوحدة في جميع أنحاء البلاد.

وفي الوقت نفسه، أُقيم برنامج إفطار رمضان أيضًا في مدينة دري داوا، رمزًا للوحدة والتضامن والمحبة.

وأكد السيد خضير جوهر عمدة مدينة دري داوا ، في كلمته خلال الحفل، أن دري داوا مدينة ينعم سكانها بالسلام التام، ويعيشون معًا في حب واحترام أكبر.وأضاف السيد خضيرأن مشاريع التنمية الجارية، بما فيها مشاريع تطوير الممرات التي بدأت بالفعل في المدينة، تحتاج إلى مزيد من الدعم، معربًا عن امتنانه لكل من ساهم بنصيبه في نجاح برنامج الإفطار.

حضر برنامج الإفطار آباء غدا، وأوغاز، وأتباع الديانة الإسلامية، وضيوف مدعوون، بمن فيهم كبار قادة إدارة المدينة.

وفي اليوم نفسه، وقبل موعد الإفطار، استضافت إدارة المدينة غداءً لأتباع الديانة المسيحية احتفالًا بالصوم الكبير (آبي صوم)، وهو موسم صيام يحتفل به أعضاء الكنيسة الأرثوذكسية الإثيوبية.

أقيم برنامج الغداء في منزل رئيس البلديةالسيد خضير جوهر، بهدف تعزيز الوحدة والترابط داخل مجتمع دري داوا. وحضر البرنامج قادة دينيون، وكبار قادة الإدارة.

وفي الواقع، وكما أشار الدكتور الشيخ إبراهيم توفا  فإن لشهر رمضان المبارك دورًا محوريًا في تعزيز التعاون والوحدة الوطنية. ويُتيح هذا الشهر الفضيل تجربة فريدة للأفراد والمجتمعات للالتقاء، متجاوزين بذلك الاختلافات ومعززين روح التعاون التي تُعدّ جوهرية لإثيوبيا.

و لا يُعدّ موسم الصيام فرصةً للتأمل والنمو الروحي فحسب، بل يُمثّل أيضًا رمزًا قويًا للتضامن والوئام والسكينة داخل المجتمع. وكما يُلاحظ من برنامج مشاركة الطعام الذي نظّمه مكتب رئيس الوزراء مؤخرًا للاجئين المسلمين في إثيوبيا، فإن الممارسات الجماعية للصيام والصلاة والعطاء الخيري قد خلقت جوًا من الدعم والتفاهم المتبادل يتجاوز حدود الدين.

ولاشك ، رسالة رمضان تدعو إلى التعايش السلمي والاحترام المتبادل بين مختلف الجماعات في عالمٍ غالبًا ما يسوده الانقسام والشقاق. وبينما نُدرك تعاليم هذا الشهر الفضيل، يُصبح من الضروري إدراك أهمية التعاون والشمول في جهودنا لبناء مجتمع متناغم. ومن خلال تعزيز ثقافة التعاطف، يُمكننا تنمية روح التعاون التي تُغذي روابط الصداقة والاحترام بين جميع الإثيوبيين، متجاوزين بذلك الانقسامات الدينية والثقافية.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai