جوهرأحمد
اختتمت القمة الثامنة والثلاثون للاتحاد الأفريقي هذا الأسبوع في أديس أبابا، إثيوبيا وأصدرت القمة سلسلة من القرارات التي تهدف إلى معالجة التحديات الملحة وتعزيز التقدم الملموس في جميع أنحاء القارة.
وسلطت القمة، التي عقدت تحت رعاية الاتحاد الأفريقي، الضوء على دور إثيوبيا كدولة مضيفة، وحظيت بإشادة واسعة النطاق لتنظيمها وكرم ضيافتها والتزامها بتسهيل الحوار القوي بين الدول الأعضاء.
ومن الاستعدادات الأولية إلى الملاحظات الختامية النهائية، أظهرت إثيوبيا تفانيها في ضمان نجاح القمة. واتخذت البلاد تدابير لوجستية وأمنية كبيرة بينما نظمت أيضًا أحداثًا ثقافية احتفلت بالتراث والتقاليد الغنية لإثيوبيا.
ولم يعزز هذا الجهد تجربة القمة فحسب، بل أكد أيضًا على مكانة إثيوبيا كلاعب محوري في الشؤون القارية. وبعيدًا عن الإجراءات الرسمية، عملت القمة كمنصة أساسية للمناقشات الثنائية، حيث شاركت إثيوبيا بنشاط مع دول مختلفة لتعزيز العلاقات الدبلوماسية.
واغتنم رئيس الوزراء الدكتور آبي أحمد الفرصة للقاء زعماء الدول المشاركة في القمة، مؤكدًا على أهمية التعاون من أجل الاستقرار والتنمية الإقليمية.ومن بين الاجتماعات الرئيسية، أجرى رئيس الوزراء آبي لقاءً مع الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون،حيث أكدا على التزامهما بتعزيز العلاقات الدبلوماسية القوية المتجذرة في التضامن التاريخي والقومية الأفريقية والمصالح المتبادلة في الاستقرارالإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، أجرى رئيس الوزراء آبي مناقشات مع زعماء من زامبيا والسنغال. وأعرب عن حماسه لمحادثاته مع الرئيس السنغالي باسيرو ديوماي فاي، والتي ركزت على تعزيز العلاقات الثنائية.وقال رئيس الوزراء “نحن ندرك أنه على الرغم من التحديات التي نواجهها، فإن أفريقيا تتمتع بفرص هائلة بشرط أن نسترشد بقيادة قوية وبعيدة النظر”.
كما دارت المناقشات مع الرئيس هاكيندي هيشي ليما رئيس زامبيا حول التعاون في القطاعات الحيوية مثل الطاقة والطيران، مؤكدين على ضرورة الوحدة القارية في مشهد عالمي متزايد التعقيد.
وشملت المشاركات الأخرى محادثات مع الرئيس بول كاغامي رئيس رواندا والرئيسة سامية سولوهو حسن من تنزانيا،حيث كانت القضايا الإقليمية والقارية في طليعة المناقشات.
وقد استقطبت القمة العديد من الشخصيات البارزة بما في ذلك جلالة الملك مسواتي الثالث، ملك إسواتيني، الذي أشاد بإنجازات إثيوبيا التنموية في قطاعات متعددة. وفي معرض حديثه عن تجربته الدبلوماسية الرائعة في إثيوبيا خلال القمة الثامنة والثلاثين للاتحاد الأفريقي في إثيوبيا، أعرب مسواتي الثالث عن إعجابه بالتقدم الكبير المحرز في البنية التحتية والتكنولوجيا، قائلاً: “لقد رأيت الكثير من التحسن الكبير في البنية التحتية والتكنولوجيا”. وسلط الملك الضوء على الترحيب الحار الذي حظي به القادة الأفارقة خلال القمة وأشاد بالتنظيم الناجح للحدث.
وأكد على أهمية التعاون بين الدول الأفريقية لضمان التقدم الجماعي والوحدة قائلاً: “إذا مشينا معًا، فإن النجاحات ستكون عظيمة، ولكن في عزلة، يمكن أن تكون النجاحات محدودة“.
وشاركت رئيسة وزراء بربادوس ميا أمور موتلي في القمة، حيث التقت مع رئيس الوزراء الدكتورآبي أحمد وزارت متحف “عدوة” التذكاري. وأكدت على أهمية معركة “عدوة” في تاريخ العالم، مشيرة إلى تمثيلها للقدرة على الصمود في مواجهة الشدائد.
وقالت: “إن انتصار “عدوة” يجسد قوة الشعب الإثيوبي ويرمز إلى الأمل للمجتمعات المهمشة في جميع أنحاء العالم”.
وتحدثت رئيسة الوزراء موتلي بمزيد من التفصيل عن العلاقات التاريخية بين إثيوبيا وبربادوس، معربة عن اعتقادها بأن هذه الروابط ستتعزز في المستقبل. وسلطت الضوء على الحاجة إلى الوحدة والتعاون لمعالجة القضايا الملحة وتحقيق الأهداف الجماعية.
بالإضافة إلى ذلك، خلال الدورة العادية السادسة والأربعين للمجلس التنفيذي للاتحاد الأفريقي، شارك وزير الخارجية الإثيوبي، جيديون تيموثيوس، في سلسلة من المناقشات الدبلوماسية المهمة التي تهدف إلى تعزيز التعاون الثنائي والإقليمي
و اجتمع الوزير جيديون مع رئيس مجلس الوزراء الكيني ووزير الخارجية وشئون المغتربين، موساليا مودافادي. وتركزت مناقشاتهما على التحديات والفرص المشتركة بين البلدين، مسلطين الضوء على أهمية التعاون في معالجة القضايا الإقليمية.
وعلى نحو مماثل، التقى جيديون تيموثيوس مع وزير خارجية زيمبابوي أمون مورويرا لمعالجة الحاجة الملحة إلى استئناف لجنتهما الوزارية المشتركة. وتسعى هذه المبادرة إلى استكشاف سبل جديدة للتعاون وتعزيز العلاقات الثنائية بين إثيوبيا وزيمبابوي.
كما أجرى وزير الخارجية الإثيوبي مناقشات مثمرة مع نظيريه من الجزائر وجنوب السودان أحمد عطاف والسفير رمضان محمد عبد الله جوك على التوالي. وركزت هذه المحادثات على تعزيز الروابط التجارية والاستثمارية والبنية التحتية، فضلاً عن تنسيق الجهود بشأن مختلف المسائل الإقليمية والقارية.
وأكد الوزراء على ضرورة العمل معًا لتعزيز النمو الاقتصادي والاستقرار داخل المنطقة. وكان من أبرز ما شهدته الجلسة انتخاب إثيوبيا لعضوية مجلس السلام والأمن التابع للاتحاد الإفريقي. ويؤكد هذا التعيين المرموق على مساهمات إثيوبيا الكبيرة في السلام والأمن والتنمية في جميع أنحاء القارة الإفريقية، ويؤكد التزامها بالاستقرار الإقليمي.
وبشكل عام، أثبتت المشاركات الدبلوماسية خلال قمة الاتحاد الإفريقي أنها مثمرة بالنسبة لإثيوبيا، حيث عززت علاقاتها مع الدول الإفريقية الرئيسية وعززت دورها كلاعب حيوي في الشؤون الإقليمية والقارية. وبينما تواصل إثيوبيا الإبحار عبرالمناظر الجيوسياسية المعقدة، فإن هذه المناقشات تمهد الطريق لتعاونات مستقبلية تهدف إلى تعزيز السلام والازدهار في أفريقيا.
وقد تناولت القمة، التي اختتمت بحضورالقادة الأفارقة والأمين العام للأمم المتحدة السيد أنطونيو غوتيريش ورؤساء مختلف المؤسسات الدولية، مجموعة من الأجندات القارية الحاسمة. وشملت الموضوعات الرئيسية الإصلاحات المؤسسية للاتحاد الأفريقي، والعدالة التعويضية، والجهود الجارية من أجل حصول أفريقيا على مقعد دائم في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
بالإضافة إلى ذلك، ناقش المشاركون الأمور المتعلقة بالسلام والأمن، وتنفيذ منطقة التجارة الحرة الأفريقية، والأهداف الأوسع للتجارة القارية والتكامل الاقتصادي. ومن بين القضايا المهمة الأخرى التي نوقشت الزراعة وتغير المناخ، وحقوق الإنسان، وتمكين المرأة والشباب.
وفي تطور ملحوظ، انتُخب وزير خارجية جيبوتي محمود علي يوسف رئيسًا جديدًا لمفوضية الاتحاد الأفريقي.وقد تم تكريم الرئيس السابق، موسى فكي محمد، بمنحه لقب فارس لخدمته.
وأرست المناقشات التي جرت والقرارات التي صدرت الأساس لأفريقيا أكثر اتحادًا وتعاونًا.وأكد القادة على أهمية القيادة القوية والرؤى في تسخير الفرص الهائلة التي تتمتع بها القارة للتصدي لتحدياتها.
ولا شك أن القمة لم تساهم على تعزيز الشراكات القائمة فحسب، بل مهدت الطريق أيضًا أمام تعاونات جديدة تهدف إلى تعزيز التنمية والسلام والازدهار في جميع أنحاء إفريقيا. ومع استضافة إثيوبيا الناجحة للقمة، أثبتت البلاد مرة أخرى التزامها بأن تكون رائدة وفي طليعة الحوار البناء والمنشود إقليميا وقاريا ودوليا.