عمر حاجي
إن المهرجانات الثقافية والدينية هي إحدى المنصات التي تساعد في تعزيز القيم الاجتماعية والثقافية لمجتمع معين، وتحديد هوياته الفريدة. لأن لديها القدرة على تصوير القيم والمعايير الحقيقية للمجتمع والتي تنتقل من جيل إلى جيل، بما في ذلك أسلوب حياتهم الفريد، والأزياء الثقافية، والطعام، والطقوس، تجمع الناس من خلفيات مختلفة. كما تعزز التفاهم الثقافي بين مختلف المجموعات، والشعور بالتماسك.
وعلاوة على ذلك، فإن المهرجانات الثقافية والدينية حاسمة في التحفيز الاقتصادي للمجتمعات المحلية والبلد بشكل عام، من خلال خلق فرص العمل للمواطنين ورجال الأعمال المشاركين في صناعة السياحة مثل تشييد الفنادق والنقل وإعداد الطعام والقطاعات الأثرية، فضلاً عن زيادة تدفق عدد كبير من السياح من أنحاء العالم، فإنها تولد كمية كبيرة من العملات الأجنبية.
وفي هذا السياق، فإن الشهر الأول من السنة الإثيوبية، مسكرم (سبتمبر) هو أحد الأوقات التي يتم فيها الاحتفال بعديد من المهرجانات في الشوارع وبألوان زاهية. ومن بين هذه المهرجانات التي تقام في شهر سبتمبر، مهرجان إنقوتاتاش وهو(مهرجان رأس السنة الإثيوبية)، ومهرجان دمرا، وهو احتفال يقام عشية عيد مسقل (لاكتشاف الحقيقي للصليب الذي صلب فيه المسيح)، ومهرجان إريتشا وهو (مهرجان تقديم الشكر من قبل شعب أورومو).
وتستعد إثيوبيا حاليًا للإحتفال بهذه المهرجانات، في حين أن هذه المهرجانات الثقافية والدينية الفريدة من نوعها على الأبواب، لاستقبال تدفق كبير من السياح المحليين والأجانب. كما ذكرت وزارة السياحة مؤخرًا، بأنه تم تنفيذ واستكمال العديد من الاستعدادات لرفع تجارب الزوار الدوليين الذين يتدفقون إلى البلاد للمشاركة في الاحتفالات القادمة (مهرجانات دمرا ومسقل وإريتشا) إلى مستوى أكثر إثارة لا يُنسى، وكذلك لإطالة إقامتهم.
وفقًا للوزارة، فإنه تم إعداد العديد من الباقات لتمديد مدة إقامة السياح القادمين من بلدان مختلفة إلى إثيوبيا. وتهدف هذه المبادرة إلى تزويد الزوار بتجربة أكثر إثراءً وتميزًا وتعزيز المهرجانات الثقافية والدينية الفريدة والمتميزة في إثيوبيا. كما يهدف قرار إطالة إقامة الزوار أيضًا إلى تعزيز التقدير العميق للثقافة والتقاليد المحلية من خلال السماح للسائحين بقضاء مزيد من الوقت في البلاد. تأمل الوزارة في تشجيعهم على استكشاف الوجهات السياحية في البلاد من المواقع التاريخية والعجائب الطبيعية، بما يتجاوز الاحتفالات المباشرة. ولا تفيد هذه المبادرة السياح فحسب، بل تسمح أيضًا للشركات المحلية بالازدهار، مما يساهم في النمو الاقتصادي الشامل لقطاع السياحة.
وفي هذا الصدد، أطلع وزير الدولة للسياحة، سلشي جرما، مؤخرًا على مجموعة غنية من مناطق الجذب السياحي الطبيعية والبشرية. ولم تستفد إثيوبيا بشكل كامل من إمكاناتها السياحية بالمستوى المطلوب بسبب نقص البنية الأساسية الكافية. حيث سلط سلشي الضوء على الحاجة الملحة لتحسين المرافق السياحية لضمان استفادة البلاد من بركاتها المتنوعة بشكل هادف.
وعقب الإصلاح الأخير، أولت الحكومة الاهتمام الواجب لقطاع السياحة وصنفته كواحد من الركائز الأساسية الخمسة للاقتصاد الإثيوبي. ونتيجة لذلك، تم تقديم وتنفيذ العديد من المبادرات التي تعمل على تقدم القطاع على نطاق واسع. حيث إن الجهود لا تركز على تطوير وجهات سياحية جديدة في جميع أنحاء البلاد فحسب، بل تركز أيضًا على تعزيز سلامة الوجهات السياحية القائمة وجعلها أكثر راحة للزوار. ويهدف هذا النهج المزدوج إلى خلق بيئة أكثر جاذبية للسياح وتحفيز النمو في الصناعة، مشيرا إلى أن شهر سبتمبر هو شهر نابض بالحياة حيث يتم الاحتفال بالعديد من المهرجانات الدينية وغير الدينية، حيث إن هذا الموسم يجذب عددًا كبيرًا من الزوار الأجانب.
ولهذا السبب، أكد على أهمية الاحتفال بهذه المهرجانات الثقافية والدينية الإثيوبية الفريدة بطريقة تحافظ على قيمها، وبالتالي تعزيز التراث الغني لإثيوبيا للزوار القادمين من مختلف البلدان حول العالم، إلى جانب خلق تبادل ثقافي وتفاهم أعمق. بالإضافة إلى جعل الاحتفالات الثقافية والدينية العامة مؤشرًا على السلام والوحدة. كما صممت الحكومة أيضًا خدمات باقات العطلات التي تمكن الزوار من إطالة إقامتهم. ولهذه الغاية، تعمل الوزارة بالتعاون مع الدول والجهات الفاعلة في القطاع بشدة للترويج للمعالم السياحية الإثيوبية الواقعة في جميع أنحاء البلاد وتعزيز ظهورها.
وفي إطار التطلع إلى المستقبل، أعلن جرما أيضًا عن أهداف طموحة لقطاع السياحة، موضحا عن هدف لجذب أكثر من مليون سائح أجنبي في جميع أنحاء العالم في السنة المالية الإثيوبية الحالية. ويتم تنفيذ أنشطة مختلفة لإطالة أمد الإقامة. ولإطالة إقامة الضيوف الذين يأتون إلى إثيوبيا للترفيه أوالمؤتمرات أو المعارض أو أي غرض آخر.
وأكد وزير الدولة، على الأنشطة التي تم تنفيذها في الترويج لموارد السياحة في إثيوبيا في مختلف الفعاليات الدولية، وأن الجهود المبذولة لتوسيع عائدات السياحة في إثيوبيا على المستوى الدولي ستتعزز وتستمر في السنوات القادمة لتضع البلاد كلاعب رئيسي في أسواق السياحة العالمية. وتتماشى هذه الجهود مع استراتيجية الحكومة الأوسع لتعزيز السياحة ووضع البلاد كوجهة سفر رئيسية. ومع التعافي المستمر من آثار الوباء العالمي، فإن جذب المزيد من الزوار أمر ضروري لتنشيط صناعة السياحة.
وتحرص وزارة السياحة على الاستفادة من احتفالات المهرجانات الثقافية والدينية في البلاد في سبتمبر كفرصة مثالية لعرض مواهب البلاد الفريدة وكرم ضيافتها لجمهور عالمي. بالإضافة إلى ذلك، ابتكرت الوزارة أنشطة ترويج مختلفة للترويج لمعالم البلاد وتعزيز تجربة الزوار وتحسين مكانة البلاد في صناعة السياحة العالمية، وبالتالي الحصول على مكافآت اقتصادية كبيرة. وتشمل هذه الأنشطة جولات إرشادية وعروضًا ثقافية وفعاليات طهي تسلط الضوء على التراث الغني للمنطقة. ومن خلال خلق بيئة غامرة، تهدف الوزارة إلى ترك انطباع دائم لدى الزوار، وتشجيعهم على مشاركة تجاربهم مع الأصدقاء والعائلة، وتضخيم الجهود الترويجية من خلال الكلام الشفهي.
وتثبت تجارب العديد من البلدان حول العالم أن تمديد إقامة السائحين يمكن أن يفيد بشكل كبير صناعات السياحة لديها. بينما تسعى الدول إلى التعافي والازدهار في بيئة ما بعد وباء كوفيد 19، فإن فهم الآليات التي تسمح بمشاركة أطول للزوار يمكن أن يوفر رؤى قيمة. لا تعمل هذه الاستراتيجية على تعزيز تجربة الزوار فحسب، بل لها أيضًا آثار اقتصادية عميقة على المجتمعات المحلية. كما تشير بعض المصادر، فإن دولًا مثل تايلاند وإسبانيا، تعمل كأمثلة رئيسية للتأثير الإيجابي لإقامات السياح الطويلة. وفي تايلاند، أدت مبادرات الحكومة لتشجيع الزيارات الأطول إلى زيادة الإيرادات للشركات المحلية وقطاع الضيافة.
ومن خلال تقديم مجموعة جذابة، بما في ذلك خصومات الإقامة الطويلة والتجارب الثقافية الغامرة، نجحت تايلاند في جذب السياح الذين يتوقون لاستكشاف معالمها المتنوعة. حيث إن إطالة مدة إقامة الزوار تسمح لهم بالتعمق أكثر في العادات والتقاليد المحلية والمأكولات والمناظر الطبيعية، مما يخلق تجربة سفر أكثر ثراءً. وبالمثل، نفذت إسبانيا استراتيجيات لتشجيع السياح على البقاء لفترة أطول، وخاصة في مناطق مثل كاتالونيا والأندلس. واستغلت البلاد تاريخها الغني وثقافتها النابضة بالحياة ومناظرها الطبيعية الخلابة من خلال الترويج للمهرجانات والأحداث الموسمية التي تجذب الزوار على مدار العام. ومن خلال إنشاء مسارات ذات طابع خاص تعرض المأكولات والفنون والتاريخ المحلي. ونجحت إسبانيا في تمديد متوسط إقامة السائحين، مما أدى إلى زيادة الإنفاق على أماكن الإقامة وتناول الطعام والترفيه.
وفي هذا الصدد، فإن مساعي وزارة السياحة فيما يتعلق بإطالة إقامة الزوار الأجانب هي خطوة استراتيجية تسفر عن نتائج واعدة ليس لإثراء تجارب السياح فحسب، بل لدعم الاقتصاد المحلي أيضا. ومع الاستعدادات، أن تكون الاحتفالات القادمة أحداثًا رائعة تعرض أفضل ما في الثقافة الغنية والضيافة في البلاد. ومع خروج العالم من الأوقات الصعبة، تعمل هذه المبادرة كمنارة أمل، وتدعو الزوار لاستكشاف والتواصل والاحتفال في بيئة جميلة.