*علماء الحفريات القديمة يصفون إثيوبيا بأنها “أرض المنشأ” حقًا
سمراي كحساي
لا احد يشكك في الإمكانات السياحية التي تتمتع بها إثيوبيا و لقد رأينا دولاً ذات جاذبية أقل كثيراً تستفيد اقتصادياً بشكل هائل من معالمها السياحية حتى وإن لم تكن كثيرة ومتنوعة مثل ما تمتلكه اثيوبيا.
و تدرك الحكومة الإثيوبية أن السياحة هي أصل اقتصادي ضخم يجب استغلاله إلى أقصى حد، وقد أدرجت السياحة ضمن القطاعات التي نحتاج إلى توسيعها والاستفادة منها على أفضل وجه و في الواقع، تُعَد السياحة واحدة من الركائز الخمس لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المحلي.
و من نواح عديدة، تتمتع إثيوبيا ليس فقط بالعجائب الطبيعية نظراً لمناظرها الطبيعية المتنوعة للغاية وأنواع الحيوانات البرية و الطيورالتي لا تُحصى ولكن أيضاً نظراً لآثارها الدينية والثقافية المتنوعة، وقوانينها، وقلاعها، وغيرها من القطع الأثرية الرائعة التي تشهد على آلاف السنين المجيدة من تاريخ شعوبها وقادتها العظماء كما ورثناها.
علاوة على ذلك، يعتبر العلماء إثيوبيا أيضًا “مهد البشرية” و موطن “لوسي” أول أشباه البشر الذين عاشوا قبل ملايين السنين و”سلام” الهيكل العظمي البشري الآخر الذي أعجب به علماء الآثار وعلماء الحفريات باعتباره أقدم بقايا بشرية كاملة.
ولهذا السبب غيرت الحكومة الإثيوبية الشعار القديم المستخدم للترويج للسياحة من أرض “ثلاثة عشر شهرًا من أشعة الشمس” إلى “أرض الأصول”.
وأكد علماء الحفريات أن أول إنسان ظهر وعاش في إثيوبيا وهذا في حد ذاته عبارة جذابة يمكن استخدامها لجذب السياح إلى البلاد.
ومن المعروف أن السياح يعشقون ويستمتعون بزيارة الاشياء النادرة التي يمكن أن تكون تاريخية وثقافية وجغرافية وطبيعية.
و اسم “أرض الأصول” يصف إثيوبيا بشكل مناسب، كما قال علماء الحفريات البشرية الذين زاروا البلاد.
ويتم الاحتفال بالذكرى الخمسين لاكتشاف أحفورة لوسي بفعاليات مختلفة في أديس أبابا.
وقد زار إثيوبيا أكثر من 240 باحثًا من 34 دولة كجزء من هذا الحدث.
وقام المشاركون خلال اقامتهم بزيارة الي متحف عدوة التذكاري وحديقة الوحدة وشاهدوا القطع الأثرية والحفريات القديمة في البلاد.
وجاءت احتفالية الحكومة الإثيوبية باليوبيل الذهبي لمستكشف شبيه الإنسان (لوسي)، التي شهدها متحف عدوة بأديس أبابا الإثنين الماضي تذكيراً لا يغيب فيه المغزى حول البحث المتصل عن أصل الإنسان وتدرج نشأته.
وقال رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد بالمناسبة إن “اكتشاف لوسي كان حدثاً رائداً أسر المجتمع العلمي، والعالم بأسره، حيث قدم رؤى لا تقدر بثمن حول تطور الحياة على الأرض”. وأضاف “لقد أجاب عن عدد من الأسئلة بينما دفع أيضاً إلى استفسارات جديدة لا تزال تدفع البحث والاستكشاف”، معتبراً بلاده حاضنة لأصل الجنس البشري ومنبع النيل”.
وأكد الزوار الذين تحدثوا لوكالة الأنباء الإثيوبية أن اسم إثيوبيا “أرض المنشأ” يصف البلاد بشكل مناسب بسبب أهميتها في أصول الإنسان وتاريخها القديم.
وتحدثت البروفيسورة مارغريت لويس، الباحثة في قسم الأحياء بجامعة ستوكتون بالولايات المتحدة، عن الأبحاث التي أجريت في إثيوبيا، وخاصة في ولاية عفار منذ عام 1997.
وقالت إن إثيوبيا هي بالتأكيد أرض أصول الكثير من الأشياء، مستشهدة بمساهمة اكتشاف لوسي لأنه غير بالفعل فهمنا للتطور البشري وأصول البشر.
ووفقا لها، فإن اكتشاف لوسي يحكي حقيقة كيف يبدو هذا العالم اليوم من حيث فهم تغير المناخ والبيئة المتغيرة.
ومن جانبه أكد عالم الأنثروبولوجيا التنزاني البروفيسور جاكسون نجاو أن إثيوبيا يشار إليها على نحو مناسب باسم “أرض المنشأ” استنادا إلى الدراسة الجيولوجية للدورات الزمنية والتسلسلات العمرية.
ومن ناحية أخرى، أشادت الدكتورة مريم بوندولا، من قسم الآثار بجامعة تنزانيا، وطالبة السنة الثالثة ريبيكا موريوكي من كينيا، بنهج إثيوبيا في الحفاظ على التراث.
وشددوا على أن الحفاظ على التراث ونقله لا يغرس الفخر في الأجيال الحالية فحسب، بل يسهل أيضًا التعلم من الماضي.
وتم اكتشاف البقايا البشرية التي يبلغ عمرها 3.2 مليون عام، والمعروفة باسم لوسي أو دينكنش، في 24 نوفمبر 1974، في اقليم عفار في موقع يسمى “هدار”.
و إقليم عفار ضمن أهم الأقاليم ويقع في الشمال الشرقي، ويمتد على مساحة 27 ألف كيلومتر مربع، متاخماً لدولتي إريتريا وجيبوتي.
ويعرف بمنخفض عفار وهو جزء من وادي الصدع العظيم، وأدنى نقطة في إثيوبيا، وواحدة من أدنى معدلات الانخفاض في أفريقيا، يتكون الجزء الجنوبي من وادي نهر أواش، الذي يصب في سلسلة من البحيرات على طول الحدود بين إثيوبيا وجيبوتي.
ويشتهر عفار بالغرائب والجماليات السياحية والجيولوجية النادرة، فعلى بعد بضعة كيلومترات من العاصمة سمرا يوجد بركان “عرت علي” أو (مملكة الجن)، كما تعرف المنطقة محلياً، وهناك بركان دالول المخروطي الذي لا ينطفئ لهيبه، وجبل الدخان، وتضم المنطقة بحيرة أفريرا، وصحراء الملح، والينابيع الكبريتية.
و أطلق المكتشفون اسم لوسي على المستحثة (بقايا الآثار) الأحفورية، وهو الاسم الذي استخدمته فرقة البيتلز البريطانية في أغنيتها “لوسي في السماء”، وكان فريق المستكشفين ينشدونها أثناء عملهم في الحفريات ليجري اسمها على استكشافهم.
ويشير العلماء إلى أن “لوسي” بهيكلها المتكامل ربما هي إحدى الحلقات الانتقالية المهمة بين القردة العليا والإنسان، إذ تمثل صفاتها التشريحية مرحلة وسيطة بين صفاتهما، إذ لوحظ أن عظام الحوض والساقين والساعدين تؤهلها للمشي منتصبة القامة على قدمين مثل الإنسان. إلى جانب التشابه بين الصفات التشريحية معه، على رغم عدم قدرة لوسي على المشي منتظمة مثل الإنسان، لكن صفات أخرى تتميز بها مثل تسلق الأشجار مثل القردة، متفوقة على الإنسان في ذلك.
و بعد استمرار الكشف عثر على بضع مئات من عظامها وهو ما شكل أخيراً 40 في المئة من هيكلها العظمي قرر العلماء حينها أنها الشبيه الأول للإنسان.