السيرة الذاتية للشيخ إدريس حسين (أو الشيخ حسين علي دغان)

 


سفيان محي الدين

لقد رفع الله تعالى شأن العلم والعلماء ، وبيَّن مكانتهم، ورفع منزلتهم، فقال سبحانه وتعالى: ﴿يَرْفَعِ الله الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا العِلْمَ دَرَجَاتٍ وَالله بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾.

ولا يوجد شك أن العلماء الملتزمين بكتاب الله -تعالى- وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، لهم مكانة كبيرة في الإسلام، حددها الله ورسوله، ومن الآيات التي وردت في بيان فضلهم ومكانتهم: قوله تعالى: {شَهِدَ اللّهُ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلاَئِكَةُ وَأُوْلُواْ الْعِلْمِ قَآئِمَاً بِالْقِسْطِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ﴾ [آل عمران: 18].

و لا شك أن العلماء المتمسكين بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ هم من أهل الفضل، وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم ذلك في الحديث الشريف: “من يرد الله به خيرًا يفقهه في الدين”.

وحول مكانة العلماء ودورهم، أجرى مراسل صحيفة “العلم” حوارًا خاصًا مع الشيخ إدريس حسين (أو إدريس علي دغان)، أحد أبرز العلماء العاملين في قسم الفتوى والبحوث العلمية بالمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية الفيدرالي في إثيوبيا، وعضو هيئة الفتوى لعلماء إفريقيا التي تضم 46 دولة من دول جنوب الصحراء.

العلم: بداية، نود نبذة عن سيرتكم الذاتية؟

قال الشيخ إدريس:
“ولدت في منطقة جيلي (ستاوا)، التابعة لمنطقة بوكو في وولو باقليم امهرا، ودرست القرآن الكريم على يد الشيخ إدريس. وبعد ختم القرآن، قرأت عليه أيضًا كتبًا أساسية مثل سفينة الصلاة وسفينة النجاة. ثم سافرت إلى منطقة “دوي”، ودرست على يد الشيخ مصطفى مختصرات الفقه لمدة أربع سنوات.

بعد ذلك، انتقلت إلى السودان والتحقت بمعهد شمبات في الخرطوم بحري، وأتممت حفظ القرآن الكريم هناك بنجاح، ثم التحقت بمعهد أم درمان العلمي وتخرجت منه. عدت بعدها إلى إثيوبيا، وعيّنني الشيخ محمد أول الرجى مشرفًا على المدارس الإسلامية في أديس أبابا، حيث قمت بالتدريس في عدة مدارس، وكنت مسؤولًا عن 11 مدرسة”.

وأضاف:
“سافرت بعدها إلى المملكة العربية السعودية وقدّمت أوراقي إلى الجامعة الإسلامية بالمدينة المنورة، ولكن بسبب عدم امتلاكي شهادة ميلاد، رفض السكرتير العام للجامعة السماح لي بمقابلة مدير الجامعة. وقد عبّرت عن هذا الموقف في شعر نظمته، ثم قدمت أوراقي إلى الجامعة الإسلامية في باكستان وتم قبولي، لكن لم أوفّق هناك أيضًا.

ثم التحقت بمعهد الحرم المكي ودرست فيه لمدة خمس سنوات، على يد مجموعة من كبار العلماء، منهم الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي، وحصلت على إجازة في التدريس”.

العلم: وماذا عن عملكم بعد العودة من السعودية؟

قال: “بعد عودتي، افتتحت المركز الثقافي الإسلامي في منطقتي (دغانا)، ونشرت العلم والتوحيد، ونشرت الحجاب بين النساء، حيث كانت المنطقة لا تعرف الحجاب من قبل. كما أسست مركزًا لتحفيظ القرآن الكريم، تخرج منه أكثر من 300 طالب وطالبة. وحاليًا لدينا أكثر من 80 طالبًا وطالبة في الدورة السابعة، وسنبدأ الدورة الثامنة قريبًا.

كما التحقت بجامعة “وللو” في مدينة دسي وتخرجت منها في تخصص اللغة العربية، ثم حصلت على الماجستير في أصول الفقه من الجامعة الإسلامية في مينيسوتا. وقد درست كذلك كتب الحديث على الشيخ محمد آدم الأثيوبي، الذي أجازني برواية الحديث وإعطاء الإجازات لمن يستحقها من طلابي”.

العلم: من هم أبرز العلماء الذين درستم عليهم في الحرم المكي؟
قال الشيخ إدريس:
“من أبرز العلماء الذين درست عليهم الشيخ محمد علي آدم الأثيوبي، وهو عالم كبير له مؤلفات في التفسير واللغة العربية، وقد أجازني بالإجازة العامة والخاصة، كما درست على الشيخ محمد الطلسماني المغربي الذي أجازني في جميع مؤلفاته، وكان سنده متصلًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم. درست أيضًا على الشيخ علي الهندي والشيخ طه في كتب البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه”.

العلم: هل لديكم أعمال أخرى إلى جانب المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية؟
أجاب: “نعم، تم اختياري عضوًا في لجنة التحكيم بمسابقة القرآن الكريم التي تنظمها السفارة السعودية في إثيوبيا، وتشارك فيها أكثر من 60 دولة. وكان هذا شرفًا كبيرًا لي”.

العلم: ما أهمية تأسيس مفوضية للزكاة والأوقاف في إثيوبيا؟

قال: “في البلدان الإسلامية الأخرى توجد مفوضيات منظمة للزكاة والأوقاف، أما في إثيوبيا فالأمر غير منظم. لدينا أوقاف بإسم الإثيوبيين في الخارج، مثل السعودية والطائف ومصر (الأزهر) والشام والعراق، ولكن لا توجد جهة تتابعها. نحتاج الآن إلى تنظيم هذه الأوقاف وتأسيس ديوان للزكاة يخدم الفقراء والمساكين، ويسهم في حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية، خاصة وأننا نعيش في مرحلة جديدة توفر فرصة ذهبية للتنظيم”.

العلم: كيف ترون علاقة المجلس الأعلى بحزب الازدهار؟
قال الشيخ إدريس: “حزب الازدهار لعب دورًا بارزًا في منح الحرية للمجتمع الإسلامي منذ استلام الدكتور أبي أحمد رئاسة الحكومة، وتمت تلبية بعض المطالب. ونأمل استمرار هذا النهج في تلبية ما تبقى من مطالب، ونحن نعيش تنفسًا جديدًا في ظل الحكومة الفيدرالية الحالية، ما يمنحنا فرصة لتنظيم أنفسنا بشكل سلمي وعلمي”.

العلم: ما أبرز إنجازات المجلس الأعلى منذ استلامه السلطة؟
أوضح: “عندما استلمنا المجلس، كان الصندوق المالي فارغًا، وبلغت ديونه المتراكمة أكثر من 50 مليون بر، ولم نكن نملك سوى 19 ألف بر في البنك. كذلك كانت هناك ديون متعلقة بالحجاج الذين لم يتمكنوا من أداء الحج، وبلغت قرابة مليار وتسعة ملايين بر.

في غضون ستة أشهر فقط، تمكن المجلس من سداد هذه الديون. كما بدأ مشاريع إنمائية، مثل بناء مركز النجاشي خلف مقر الاتحاد الإفريقي في أديس أبابا بميزانية تجاوزت 200 مليون بر، ومركز سكن للجنة التنفيذية بتكلفة تجاوزت مليار وتسعة ملايين بر، وكل ذلك يدل على التغيير الجذري الذي أحدثه المجلس في مسيرة خدمة الإسلام والمسلمين”.

العلم: كيف تنظرون إلى الأنشطة الإنمائية الحكومية وخاصة في مشروع “تنمية الممرات”؟

قال الشيخ إدريس: “نحن نؤيد الجهود الإنمائية التي تقوم بها الحكومة، وندعو إلى تعزيز الوحدة الوطنية والعدالة الاجتماعية. يجب أن لا يُزاح أي مواطن من أرضه أو ممتلكاته دون تعويض عادل. التقدم لا يتحقق بالظلم، بل بالإنصاف والمشاركة المجتمعية”.

في الختام:
أكد الشيخ إدريس أن العلماء هم صمام أمان الأمة، وورثة الأنبياء، وأن واجبهم أن يوجهوا المجتمع نحو الحق، ويعملوا على تعزيز الأخوة الإسلامية، ونبذ الفرقة، وحماية وحدة المسلمين وقوتهم.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai