لقد اثبت إقبال إثيوبيا المتزايد على زيادة الطاقة أنه مصدر رزقٍ للمنطقة بأسرها وما وراءها. فقد أضاءت إمكانات البلاد الهائلة وغير المستغلة في مجال الطاقة الكهرومائية ملايين المنازل في أماكن أخرى في كينيا وجيبوتي والسودان.
ومع استمرار البلاد في زيادة إنتاجها من الطاقة، تتجه إليها دولٌ كثيرةٌ للحصول على حصةٍ من ثروتها، بالطبع، مقابل سعرٍ زهيد.
تُسرّع الكهرباء المُصدّرة إلى الدول المجاورة التكامل الإقليمي، وتُخرج ملايين الناس من دائرة الفقر، وتُربط الصناعات بشبكة الكهرباء.
و تُعدّ إثيوبيا قدوةً يُحتذى بها في مجال التكامل القاري والإقليمي. فقد أصبح التكامل الإقليمي نهجًا يوميًا في محاولةٍ لاستخدام الموارد الشحيحة بحكمة، وإنشاء سوقٍ مشتركة، وترسيخ التضامن بين الأفارقة.
لقد جعلت مشاريع الطاقة الكهرومائية الضخمة في البلاد والبنية التحتية للطرق التي تربطها بالدول الأخرى البلاد بالفعل رائدةً في التكامل الإقليمي، ورائدةً في المشاريع الأفريقية الرمزية.
وأكد وزير الخارجية الإثيوبي، الدكتور غيديون طيموتيوس، أن سد النهضة الإثيوبي الكبير ليس مشروعًا وطنيًا فحسب، بل مكسبًا استراتيجيًا لدول المنطقة بأسرها، مشيرًا إلى دوره المحوري في تعزيز الربط الكهربائي والتكامل الإقليمي.
جاءت تصريحات الوزير خلال مشاركته في أعمال المؤتمر الإقليمي الأفريقي الرابع الثلاثاء الماضي، تحت شعار “الربط الإقليمي للطاقة من أجل تنمية شاملة ومستدامة“، بحضور رفيع لممثلين حكوميين ودبلوماسيين، ورؤساء مؤسسات إقليمية ودولية، إلى جانب خبراء ومهتمين بقطاع الطاقة.
وأشار غيديون إلى أن المؤتمر يشكّل منصة مهمة لتحويل الرؤى إلى واقع عملي، وتطوير التعاون الإقليمي في مجال الطاقة المتجددة، في سياق يتماشى مع أجندة الاتحاد الأفريقي 2063 وأهداف التنمية المستدامة 2030.
وسلط الوزير الضوء على التزام إثيوبيا بدعم مشاريع الطاقة العابرة للحدود، مؤكدًا أن سد النهضة يمثل نموذجًا حيًا لهذا التوجه، إذ تولد الطاقة الكهربائية من السد لخدمة الاحتياجات المحلية والإقليمية، بما يسهم في تعزيز التكامل الاقتصادي وتوفير طاقة نظيفة ومستقرة لدول الجوار.
وأضاف أن إثيوبيا تواصل توسيع شبكة الربط الكهربائي الإقليمي، عبر تصدير الكهرباء إلى عدد من دول المنطقة، في إطار شراكات تهدف إلى تحقيق التنمية المستدامة وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة.
واختتم الوزير كلمته بتجديد التزام الحكومة الإثيوبية بدعم مسار التعاون الإقليمي في مجال الطاقة والبنية التحتية، معتبرًا أن الربط الكهربائي يمثل ركيزة أساسية للنمو المشترك والاستقرار في القارة الأفريقية.
ومن ناحيته شدد وزير المياه والطاقة، المهندس هبتامو إتيفا، على أن تعزيز التعاون الإقليمي في تنمية الموارد المائية بات أمرًا بالغ الأهمية لتحقيق التنمية المستدامة والتكامل الاقتصادي بين دول المنطقة.
وأوضح الوزير أن منطقة شرق إفريقيا تتمتع بموارد مائية غنية لم تُستثمر بالشكل الكافي، مما يتطلب رؤية مشتركة قائمة على التعاون والبحث العلمي وتبادل الخبرات لضمان حسن إدارتها واستدامتها.
وأشار إلى أن تنمية الموارد المائية تشكّل أساسًا للتنمية المتكاملة، وأن الاستثمار في قطاع الطاقة المائية يجب أن يكون من أولويات الدول الإفريقية، باعتباره محفزًا للنمو الاقتصادي وتحسين مستوى المعيشة.
ويتناسب هذا التوجه تمامًا مع الأهداف الكبرى للاتحاد الأفريقي. في الواقع، ترأست إثيوبيا دفة التنمية والسلام الإقليميين، وشاركت في العديد من مبادرات الأمن والسلام، ناهيك عن نجاحها الباهر في الصومال والسودان.
والآن، وبينما تستعد البلاد لافتتاح سد النهضة الإثيوبي الكبير رسميًا وتخطط لبناء المزيد من مشاريع الطاقة الكهرومائية، يمكن للدول، حتى البعيدة عن البلاد، أن تجني نصيبها العادل من الفوائد.
و تساعد الشبكة الإقليمية المترابطة على تقليل خسائر الطاقة وخفض تكاليف البنية التحتية، مما يوفر حلاً فعالاً وتعاونيًا لتحديات إدارة الطاقة الحديثة.
وتلتزم إثيوبيا بتسخير مواردها الكهرومائية الوفيرة ليس فقط لدعم نموها، ، بل أيضًا من اجل تعزيز تنمية الدول المجاورة. و مع سد أباي والمشاريع الكبرى الأخرى، أصبحت إثيوبيا مستعدة لتصدير فائض الكهرباء إلى دول مثل السودان وكينيا وجيبوتي وتنزانيا، مما يعزز الروابط الإقليمية في مجال الطاقة ويساهم في النمو الاقتصادي المشترك.
ومع استمرار البلاد في توسيع قدرتها على إنتاج الطاقة وصادراتها، تبرز كلاعب محوري في تكامل الطاقة في شرق أفريقيا. وتُسهم قيادتها في تعزيز نموذج تعاوني يُحقق فوائد اقتصادية وبيئية في جميع أنحاء المنطقة.