تعزيز المنافع المتبادلة والتنمية المستدامة من خلال تنفيذ اتفاقية الإطار التعاوني

 

جوهر أحمد

 

من الجدير بالذكر أن تنفيذ اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل سيلعب دورًا في دعم الدول المتشاطئة من خلال تجنب المطالبات غير المشروعة وضمان الاستخدام العادل والمعقول لنهر النيل.

ولايغيب عن البال أن الدول المتشاطئة  لحوض النيل حُرمت ، لعقود من الزمان،  باستثناء الدولتين المتشاطئتين السفليتين، من حقوقها في استخدام نهر النيل كما يحلو لها. ولكن في ضوء الوضع الحالي، وبفضل اتفاقية الإطار التعاوني، يمكن لجميع الدول المتشاطئة الاستفادة من نهر النيل كما يحلو لها بناءً على اتفاقية الإطار التعاوني.

إن اتفاقية الإطار التعاوني لدول حوض النيل تعني الكثير للدول المتشاطئة التي جُردت من امتيازاتها منذ أمد بعيد.

وبما أن الاتفاقية تمثل فجرًا جديدًا للدول الواقعة على ضفاف النيل، فإنها تستطيع أن تشرع في استخدام نهر النيل في مختلف الأنشطة المتعلقة بالتنمية والتي يمكن أن تضع دولها في طليعة النمو وتجعل المستقبل مشرقًا.

من الواضح تمامًا أنه فيما يتعلق بموضوع استخدام مياه نهر النيل، كانت مصر والسودان تضعان اتفاقية العصر الاستعماري موضع التنفيذ لتحقيق أقصى استفادة من النهر كما تريدان. وفي هذه الحالة، فشلت العديد من الدول في استخدام نهر النيل لأغراض التنمية المختلفة وأخذت بلادها إلى حدود جديدة.

في الوقت الذي وضعت فيه إثيوبيا حجر الأساس لبناء سد النهضة الإثيوبي الكبير، كانت مصر تبذل جهودًا لتدويل القضية. ومع ذلك، من خلال تصميم الحكومة الفيدرالية لإثيوبيا ومعها بعض الدول الصديقة، انتهت كل جهودها في نهاية المطاف إلى هباء.

ولم تحاول مصر قط  حل مشكلتها المتعلقة بالنيل سلميًا مع إثيوبيا أو أي دولة أخرى في حوض النيل العلوي. “بل إنها سعت إلى تحقيق مصالحها في زعزعة استقرار المنطقة. فمنذ العصور القديمة كانت قضايا النيل وإثيوبيا وسيلة لحل مشاكل السياسة الداخلية في مصر. وعلى نفس المنوال تعمل حكومة مصر اليوم على تسييس قضية النيل ومحاولة تغطية وجه شعبها بالتحريض على حرب المياه ضد إثيوبيا، بحسب أحد المصادر.

وأن حكومتي مصر والسودان في الماضي والحاضر متمسكتان بنفس الفكرة المتعلقة بقضية النيل. فهما تروجان أن “مصر هبة النيل”، ولكن لم يأخذ أي منهما قضية النيل على محمل الجد وبطريقة إنسانية إلا في إطار انعكاس أنانيتهما.

والحقيقة أن مشكلة النيل ليست مشكلة حقيقية؛ فالمشكلة التي يروجون لها في كل مرة هي مجرد مشكلة غامضة اخترعها المسؤولون المصريون أنفسهم. فبدلاً من الجلوس معاً وحل القضية سلميا  يراهنون دائماً على مقولة هيرودوتس “مصر هبة النيل” واتفاقيات الفترات الاستعمارية. وأنهم يدركون جيداً أن إثيوبيا لا ترغب أبداً بترك الشعبين المصري والسوداني بدون مياه.

وفي أعقاب تنفيذ اتفاقية الإطار التعاوني، فإن الاتهامات الجامحة والاتهامات التي لا أساس لها ضد الدول المطلة على النيل سوف تتحول في نهاية المطاف إلى شيء من الماضي.

وبالمثل، ليس هناك شك في أن الاتهامات الملفقة والاتهامات غير المؤكدة ضد إثيوبيا سوف تمهد الطريق لضمان الاستخدام العادل لمياه النيل بدلاً من منح التفوق لأي دولة.

ومن الصحيح أن الاتفاقية تلعب دوراً في تعزيز الفوائد التعاونية من خلال المشاريع المشتركة التي من شأنها أن تمهد الطريق للتعاون بين الدول المطلة على النيل في أقرب وقت ممكن.

لقد منحت الاتفاقيات التي أبرمت في العصر الاستعماري امتيازات لدولتي المصب بتجاهل الدول الأخرى المطلة على النيل. وفي الوضع الحالي، ينبغي لدول حوض النيل أن تنفذ اتفاقية الإطار التعاوني بنجاح بهدف مساعدة شعوبها بعدة طرق وفي عدد من النواحي.

ومن الواضح أن اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل توفر إطاراً أساسياً لدول حوض النيل للتعاون والاستفادة من موارد المياه المشتركة. ومن الممكن أن يؤدي تنفيذ الاتفاقية إلى معالجة التحديات المائية المتزايدة وضمان سلامة شعوبها.

 ومن الجدير بالذكر أنه من خلال الاستفادة من الفوائد المختلفة التي تحصل عليها من اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل، ينبغي لدول حوض النيل أن تضع الاتفاقية موضع التنفيذ لجعل شعوبها مستفيدة.

ونظراً لأن اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل يمكن أن تساعد بسهولة في ضمان الاستخدام العادل والمنصف للمياه بين الدول الواقعة على ضفتي النيل، فيتعين على هذه الدول أن تعمل جميعها باتفاق واحد وتعاون دون تردد.

وبذلك، يمكن للدول الواقعة على ضفتي النيل أن تنمو معاً للوصول إلى حل لمعضلاتها باستخدام اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل.

و وفي هذا السياق يقول السيد فقي أحمد الباحث في مجال تنمية الموارد المائية إن تنفيذ اتفاقية الإطار التعاوني لحوض النيل يضمن حصة عادلة من مياه نهر النيل بين دول حوض النيل.

وستعمل مفوضية  حوض النيل التي سيتم إنشاؤها بين دول حوض النيل كمؤسسة مهمة لاستخدام وتنمية وحماية وحفظ وإدارة حوض النهر ومياهه.

وفتحت اتفاقية الإطار التعاوني للتوقيع في 14 مايو 2010 وصادقت عليها كل من إثيوبيا ورواندا وتنزانيا وأوغندا وبوروندي وجنوب السودان. وبعد هذه التصديقات من قبل 6 دول تقع على ضفاف النيل، دخلت اتفاقية الإطار التعاوني رسميًا حيز التنفيذ في 13 أكتوبر 2024.

وصرح  السيد فقي أحمد لوكالة الأنباء الإثيوبية أن الاتفاقية ضمنت الحفاظ على حصة عادلة من المياه والفوائد من خلال إلغاء المعاهدات الاستعمارية.

وأضاف أن الاتفاقية الاستعمارية جعلت الدول الرئيسية المساهمة في المياه متفرجة بينما استفادت  دولتي المصب بشكل غير عادل لسنوات.وبالتالي، فإن اتفاقية الإطار التعاوني تؤكد على المنفعة العادلة والمنصفة لدول حوض النيل على أساس قانوني وفقا للسيد فقي أحمد.

 وأضاف السيد فقي أن أي قضايا تتعلق بتقاسم مياه نهر النيل بين دول المصب والعليا سيتم حلها من خلال اتفاقية الإطار التعاوني. وعلاوة على ذلك، فإن دخول اتفاقية الإطار التعاوني حيز التنفيذ يشكل علامة فارقة بالنسبة لدول حوض النيل نحو التعاون المتبادل.

وهذا من شأنه أن يقود الدول إلى التعاون المتبادل في تقاسم التقدم التكنولوجي والقوة البشرية واستخدام المياه

وطالما أن اتفاقية الإطار التعاوني تلعب دورًا كبيرًا في منح الحرية في استخدام نهر النيل، فإن الدول المطلة على النهر يمكنها تسخير النهر لتحقيق النمو الاقتصادي لبلدانها.

ونظرًا لأن إعطاء أهمية للاتفاقية يؤدي إلى تحقيق الهدف المنشود، فيجب على جميع الجهات المعنية  تشكيل تحالف وتوحيد الجهود.

و في الوقت الحالي، حققت الدول المطلة على النهر إنجازًا تاريخيًا من خلال جعل المستحيل ممكنًا في أقرب وقت ممكن وسوف يكون جني ثمار الإنجاز أسهل قولاً من الفعل.

وكما ورد في الوثيقة فإن ديباجة اتفاقية الإطار التعاوني لحوض نهر النيل قد وردت على النحو التالي:

ــدول حوض نهر النيل، إذ تؤكد أهمية نهر النيل للرفاهة الاقتصادية والاجتماعية لشعوب دول حوض نهر النيل؛

-وتحفز دول حوض نهر النيل الرغبة في تعزيز تعاونها فيما يتصل بنهر النيل، وهو مورد طبيعي عظيم وحيوي يربط بينها، وفيما يتصل بالتنمية المستدامة لحوض نهر النيل؛

-و تدرك دول حوض نهر النيل أن نهر النيل وموارده الطبيعية وبيئته تشكل أصولاً ذات قيمة هائلة لجميع الدول المشاطئة؛

-وتقتنع دول حوض نهر النيل بأن الاتفاق الإطاري الذي يحكم علاقاتها فيما يتصل بحوض نهر النيل من شأنه أن يعزز الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة والاستخدام المتناغم للموارد المائية في الحوض، فضلاً عن صيانتها وحمايتها لصالح الأجيال الحالية والمستقبلية؛

واقتناعا منها أيضا لمصلحتها المشتركة إنشاء منظمة لمساعدتها في إدارة حوض نهر النيل وتنميته المستدامة لصالح الجميع؛

 وإدراكا منها أيضا للمبادرات العالمية الرامية إلى تعزيز التعاون في الإدارة المتكاملة والتنمية المستدامة للموارد المائية؛

وإدراكا منها أيضا  للحقيقة المجردة والحقيقة الواضحة، يتعين على الدول المطلة على النهر أن تبذل قصارى جهدها لإيصال دولها إلى آفاق جديدة، ورقي غير مسبوق، ومستويات عالية من النجاح في وقت ما في المستقبل.

وحيث أن المستقبل مشرق بالنسبة للدول المطلة على النهر، فيتعين عليها أن تظل منخرطة في أنشطة التنمية المختلفة التي تستخدم نهر النيل. وعلاوة على ذلك، وبما أنها صنعت التاريخ، فيتعين عليها أن تواصل العمل على مدار الساعة.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai