* بلاد الحبشة أرض السلام وأرض الصدق والتعايش السلمي
تقريرسفيان محي الدين
مما لاريب فيه أن أثيوبيا خلال شهر رمضان المبارك بدءا من العاصمة أديس أبابا وغيرها من المدن الكبرى تشبه العواصم العربية في الحياة الرمضانية، حيث يبدأ ليل رمضان المبارك بصلاة التراويح ويسهر الناس مجتمعين ومتفرقين في مختلف الأعماروالقوميات الشعب المسلم ، سواء كانوا لمشاهدة البرامج التلفزيونية لصيام شهررمضان المبارك ، أو في مجالس الصوالين التي تجمع في الغالب رجال أعمال ،و يتبادلون مقاصد حياتهم وغيرها ، وإلى جانب ذلك هناك مجالس (القات) التي يسهر فيها رواده ليتناقشوا في أمور دينهم ودنياهم، ويتحاورون أيضا حوار الحديث والقرآن الكريم حتى شروق الفجر لصلاة الصبح وحول هذا أجرى مندوب صحيفة “العلم “مع الشيخ خضير إسماعيل وهو عالم كبير وأحد من الأعضاء المؤسسين لمدرسة الأولية ،وهي أول مدرسة نظامية أكاديمية لنشر الثقافة الإسلامية في مدينة أديس أبابا وكان الحوارعبر الهاتف عن تقاليد إستقبال شهررمضان المبارك وتقاليد الإفطار الصائمين في أثيوبيا وجاء الحوار كالتالي :
العلم : كيف تتم الإستعدادت لإستقبال شهر رمضان المبارك في أثيوبيا ؟
وفي هذا الصدد قال الشيخ خضير إسماعيل إن شهر رمضان المبارك له سمات متميزة لدى الأثيوبيينمجا إستقبال شهر رمضان المبارك التي تناسب شهر رمضان المعظم قبل أيام قدومه، وذلك بتجهيز مستلزمات من المأكولات الخاصة به، وتتمثل تلك الإستعدادات من البقوليات والحبوب كالشعير، والدخن، والحلبة، والمشروبات المتنوعة مثل المرق والمشروبات الساخنة،و إلى جانب تجهيز دقيق خبز“ مايسمى الإنجيرا (الخبز الإثيوبي) ومداخلات الأطعمة كالشطة والبهارات التي تمثل أهمية لنكهة الصيام الر ئيسة في معظم الأطعمة الإثيوبية. وكما لايزال المسلمون في إثيوبيا يحافظون على عادات متميزة في إستقبال شهر رمضان، وأبرزها التجمع على شعائر العبادات والمشاركة في الجلسات الجماعية، وللشهر المعظم أطعمة بعينها يحرصون في تناولها الإثيوبيون، في الأرياف والمدن، وكما تعددت تأثيرات كثيرة مع العرب والبلدان المجاورة في كل مع العرب وأن شعب مع أ ثيوبيا بسبب الهجرات التي جلبوا إياها من تقاليد العرب وخاصة من المشروبات وبحكم الثقافات الدينية المتنوعة لشعوبها وقومياتها، ويتأثر الناس بعضهم ببعض في تبادلها بحكم التداخل والقرب الاجتماعي مع العرب وخاصة ثقافة الإفطار في شهر رمضان المبارك وقيام صلاة التراويح بحفظ القرآن والإفطار على ضواحي الشوارع سواء كانوا في المدن أو الأرياف. في أثيوبيا وخاصة ثقافة السودان بحكم الجوار وفي زمن القديم لايعرفون هذا وأن الثقافة هي التي تغزو البلاد نتيجة كثرة الهجرات من بلدان إلى بلدان الآخر.،وأن مشروع الإفطار في أثيوبيا بد أت على الشوارع في كل من مدينة أديس أباباوالمدن الأخرى قريبا وذلك بحيث حث الرسول على فضل إفطار الصائمين ” وثبت في الحديث الصحيح من حديث القدس أن النبي ﷺ قال: «يقول الله تعالى: كل عمل ابن آدم له الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه وشرابه من أجلي. للصائم فرحتان، فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه. ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك“ ».
وأكد الشيخ خضيرعلى أن إستقبال شهر رمضان المبارك قبل حدوث التكلوجيا والوسائل الإعلام كان لإستقبال شهر رمضان في أثيوبيا الأيام الأخيرة من شهر شعبان يتسابق المسلمون إلى الجبال والمرتفعات بجميع الأطياف من الشباب، والصبيان وكبار الشيوخ وذلك شوقا لبحث رؤية الهلال، ويُعلن عن بداية الشهر بضرب الدفوف أو بنفخ البوق وكذلك بإطلاق أصوات السلاح، وينتشر خبر رؤية الهلال من قرية لأخرى حتى يعم كل أنحاء البلاد ...
وتختلف في المدن والبادية مائدة الإفطار من بيت لآخر، لكن هناك إجماعاً على تناول الشوربة والسمبوسة . وهناك بعض المشروبات محلية لصنع من الشعير المحمص وغيرها من المشروبات المصنوعة من الحلبة ،مضافاً إلي أن بعض العصير الفواكه ، وتجهيز معجنات الخبز و والسمبوسة عادات اكتسبت من البيئات العربية التي هاجرإليها المهجرون الأثيوبيون ، وتختلف الإفطار في تنوعها وأشكالها بحكم القدرة المادية والتفاوت الاجتماعي.
طبعا للبادية والمدن و بشكل أساسي كل من المدن والبادية في أثيوبيا على المائدة الإثيوبية (الانجيرا)، وبعض الأطباق الشهيرة مثل مرق (الشيرو). ولكل قبيلة من القبائل أطعمتها الخاصة، سواء في إقليم عفر، أو هرر، أو جما، أو عرسي أوإقليم الصومال أوبني شقول قموز، ولكن أن هناك أطباقاً مشتركة في المدن والبادية في طبخ اللحوم وعادة يطبخ اللحم بالبصل والشطة التي تسمى في إثيوبيا (البربري)، وهناك المقليات من فول ،وعدس أو المعجنات أوالبسكويتات والحلويات متنوعة الأشكال خلال شهر رمضان المبارك . ”.
العلم : ماهو فضل شهر رمضان المبار ك وأهميته في نفوس العالم الإسلامي بإيجاز ؟
وذكر الشيخ خضير بأن شهر رمضان المبارك هو شهر رفعه الله قدره عن باقي الشهور و له سمات متميزة وأنه أنزل فيه القرآن بقوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان الخ ) كما في آية أخرى (يأيها الذين آمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون ). وعلى المسلمين أن يصوموا هذا الشهر وأن يعملوافيه ويكتسبوا فيه خيرا كثيرا ،ومن أدرك هذا الشهر فقد أدرك خيراكثيرا ( وفي الحديث النبوي لأن شهر رمضان المبارك أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار .والصوم له شروط كثيرة لصحته ألاوهي الإمساك عن جميع المفطرات للصوم وليس فحسب بل أن يمسك نفسه عن الطعام والشراب بل أن تصوم جميع جوارحه من طلوع الشمس إلى غروب الشمس وعليه أن يصوم بفمه ويده وجميع جوارحه وأن الذي عمل المعاصي من الذنوب خلال 11شهرا يجد مغفرة وتجاوزا من الله تعالى إن تاب عن المعاصي كمال قال الله تعالى ( إنا أنزلناه في ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهر الخ وهذه خصوصيات يجد ه المسلم المطيع لله والذي بذل قصارى جهده وهو يجني ثمار الخير في شهر رمضان المبارك ،وأنه يصوم لله وذلك إمتثالا بأوامره واجتنابا مانهاه عنه وذلك بهدف طلب برضى الله تعالى الذي خلق الكون وخلق السموات والأرض بدونعمود ووتد ، وأنه أيضا خلق النهار والليل وكل هذا ليست خلقت بلالعب وإنما هي للتدبر فيه على وحدانية الله .
عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أتاكم رمضان شهر بركة يغشاكم الله فيه، فينزل الرحمة، ويحط الخطايا، ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه ويباهي بلائكته ،فإن الشقي من حرم فيه رحمة الله» ..
العلم: كيف كانت التاهاني لإستقبال شهر رمضان المبارك ؟
ويتبادل الأهالي التهنئة لحلول الشهر الكريم، ويتسامح المتخاصمون، ويتهيأون لتزكية النفوس والأبدان، وكما هو معلوم فإن الصيام يجهد البدن، ولابد من تعويض هذا الجهد لكي ينشط الجسم للطاعة والصلاة، ولهذا يعتمد أهل الأرياف في مأكولاتهم على الأصناف الدسمة من اللحوم، والحليب بمشتقاته، من زبادي ،وسمن، وكذلك يتعاطون مشروبات عسل النحل، ويشربون القهوة في البيوت والتجمعات ،وأما في المدن الكبرى بعد إفطارهم على التمور والماء يفضلون بشرب الشوربا المصنوعة من الشعير وغيرها وشرب أنواع من السوائل وأكل الحلويات من السنبوسة .
العلم : كيف كان التعايش السلمي في أثيوبيا والوحدة والتكاتف الإجتماعي ؟
وأشاد الشيخ خضيرإلى أن أثيوبيا أعني الحبشة وهي أول بلد دخل الإسلام قبل دخول العالم والعرب وعلى سبيل المثال قبل دخول اليمن وسوريا وغيرها وهي بلد إستقبلت ضيوف الكرام من صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم الذين هاجروا من أذى قريش وذلك بأمر من سيد المرسلين حين قال لهم هناك ملك لايظلم عنده أحد ‘أعني أصحمة النجاشي وآوى صحابة الكرام ولكم حرية التنقل حيث ماشئتم ووصف الرسول صلى الله عليه وسلم أرض السلام وأرض الصدق ولذا أن أثيوبيا معروفة بالتعايش السلمي ومع رغم تعدد الثقافات والديانات والقوميات المختلفة تعيش مع بعض بسلام ووئام وتحترم بعضهامع بعض في شتى المجالات .
وأكد ذ لك الشيخ أن في الحبشة لايوجد فيها تعصب ديني ولاقومية ولاتجد ماتجد في بلدان العالم ولايقاتلون بسبب الأديان ولا القوميات بل يعشون مع بعضهم البعض بالتعاون والتكاتف والوقوف بجانب المتضررين وتقدير بعضهم بحسن الجوار كما يشاركون في الأفراح والأحزان ،ولذا ينبغي علينا أن نحافظ وحدة البلاد والتماسك ماورثنا من أجدادنا من الآباء والأمهات وخير مثال على الوحدة معركة عدواة الشهيرة وهم حافظوا مجد البلاد بدمائهم الغالي بالوحدة والمتاسك ودحر الإستعمار الغربي الذي جاء إلى البلاد بأسلحة حديثة والوحدة بتفوق مع الرغم الأسحلة الأ الأثيوبية التقليدية وقدر لنا من عند الله نصر وانتصارات الكبرى في أنحاء البلا د على العدو الغاشم الإيطالي .
العلم : ماهي وصيتكم الأخيرفي مجال تعزيز السلام والإستقرار ؟
وخلاصة القول : قال الشيخ خضير إن البلاد بلد السلام والإستقرار ،كما يجب على رؤساء البلاد أن يصبحوا رؤساء السلام والإستقرار والذي يقوم ضد السلام والإستقرار فاليقصر لسانه وآراءه وإذالم يكن السلام والإستقرا ر لا أحد يفكر سير حياته اليومية وأن السلام فوق كل شيئ ،وأن البلدان التي تعرضت بالحرب ماتتقدم ولاماتزدهر ولايمكن سير الأنشطة الإنمائية المختلفة وغيرها ،ولذ ا أن الحرب والتعنت ليس لصالح البلاد ” والحرب نتيجته عقيمة ” ولذا ينبغي حل مشاكل الداخلية عبر الطرق السلمية والحوار البناء كما يجب على كل المعارضين ورؤساء البلاد أن يدركوا وأن يعودوا إلى مائدة الحوار السلمي والبناء لإنقاذ البلاد وذلك حين إتخذ رئيس الوزراء أبي أحمد حل الخلاف مع إقليم تجراي وهو قد اتخذ قرارا صحيحا لحل مشاكل البلاد عبر السلم والحوار ومن هنا تتحقق الإستقرار البلاد والعود ة إلى الأنشطة الإنمائية المستمر في البلاد. .
وأكد الشيخ خضير على أن الصلاة التراويح والصلوات الخمس في المساجد في الزمن القديم تصلى بقصار سور القرآن، لكن أثر قدر كبير نتيجة كثرة المهاجرين الإثيوبيين إلى الدول العربية والخليجية أكسبتهم انفتاحاً، وأضافت إليهم تأثراً جعلهم ينافسون تلك البيئات في قراءة القرآن الكريم بحفظة يمتازون بالأصوات الجميلة، وأصبحت معظم المساجد في العاصمة أديس أبابا وغيرها من المدن الكبيرة تختم القرآن في نهاية شهر رمضان المبارك.”.
وأضاف الشيخ قائلا لوقمنا بالمقارنة بين رمضان الأعوام السابقة والرمضان الحالي خلال السنوات الثلاثة الماضية هناك فرق كبير لإظها ر شعائر الإسلام وارتفاع المعنويات الصائين في أثيوبيا .