جوهرأحمد
تواصل إثيوبيا المضي قدماً في أجندتها الإصلاحية الاقتصادية الطموحة التي وضعتها بنفسها، وهي استراتيجية تهدف إلى تعزيز النمو الاقتصادي والتنمية الشاملة للبلاد. وتؤكد هذه المبادرة على الحلول والموارد المحلية مع الاعتراف بأهمية التعاون مع الشركاء الدوليين. وتؤكد زيارة رفيعة المستوى حديثة على هذا النهج التعاوني.
وفي هذا السياق اختتمت السيدة كريستالينا جورجيفا، المديرة الإدارية لصندوق النقد الدولي، زيارة لمدة يومين إلى إثيوبيا هذا الأسبوع وتشير هذه الزياة إلى استمرار التعاون الوثيق بين البلاد والمؤسسة المالية العالمية. ووفرت الزيارة فرصة لمناقشة التقدم الاقتصادي لإثيوبيا والتحديات والتوجه المستقبلي في إطار نموذجها الاقتصادي المحلي.
وتهدف الأجندة الاقتصادية المحلية، التي تنتهجها الحكومة الإثيوبية، إلى معالجة القضايا البنيوية الرئيسية وإطلاق العنان للإمكانات الاقتصادية للبلاد من خلال الإصلاحات والاستثمارات المستهدفة. ويشمل هذا التركيز على تعزيز الإنتاجية وخلق فرص العمل وتحسين بيئة الأعمال.
وقد أكدت الحكومة الإثيوبية باستمرار على التزامها بالعمل بشكل وثيق مع المؤسسات المالية الدولية مثل صندوق النقد الدولي لضمان نجاح إصلاحاتها الاقتصادية. وتُعتبر هذه الشراكة بالغة الأهمية للوصول إلى الخبرة الفنية والمساعدة المالية وأفضل الممارسات مع ضمان توافق الأجندة المحلية مع المعايير الدولية وتعزيز الاستقرار الاقتصادي الكلي.
وفي مقابلة حصرية مع صحيفة الإثيوبيان -هيرالد، قالت المديرة التنفيذية لصندوق النقد الدولي إن الحكومة الإثيوبية تتعهد بإصلاحات واعدة للسياسة الاقتصادية بهدف تعزيز الصادرات واستعادة القدرة على تحمل الديون وخفض التضخم.
وأكدت المديرة التنفيذية أن البلاد تسير على الطريق الصحيح في تمكين ريادة الأعمال ودعم القطاع الخاص وخلق فرص عمل لائقة وتحسين دخل مواطنيها من خلال الإصلاح، مؤكدة على التقدم الكبير الذي أحرزته البلاد في مفاوضات إعادة هيكلة الديون جنبًا إلى جنب مع الإطار المشترك.
وقالت السيدة كريستالينا جورجيفا إن صرف حوالي نصف التمويل تم بالفعل منذ يوليو من حزمة دعم أكبر بقيمة 10.7 مليار دولار أمريكي، بما في ذلك التمويل من البنك الدولي وتخفيف أعباء الديون من الدائنين الأجانب.
وقالت إن صندوق النقد الدولي شهد خلال المراجعة الثانية للبرنامج التزام الحكومة الراسخ بالقطاع المالي، مشيدة بالجهود المستمرة للقيادة من خلال إصلاحاتها الموجهة بما يتماشى مع سياسات صندوق النقد الدولي بشأن تقييم ضمانات التمويل وتوفير البيانات أثناء مراجعات البرنامج.
وأشارت السيدة كريستالينا جورجيفا إلى أن الحكومة اتخذت إجراءات حاسمة لتبني سعر صرف أكثر مرونة، الأمر الذي ساهم في تخفيف العقبات الرئيسية أمام الاستثمار والصادرات وأزمات النقد الأجنبي وانخفاضًا كبيرًا في سوق الصرف الموازية وأصبح النقد الأجنبي متاحًا بسهولة أكبر.
وأشارت إلى أن “برنامج الإصلاحات الاقتصادية المحلية يركز بشكل صحيح على ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي وتنمية القطاع الخاص لتوفير أساس متين لخلق فرص العمل والازدهار في المستقبل“.
وفي معرض التعبير عن الالتزامات المقبلة، أكدت المديرة التنفيذية على الحاجة إلى الحفاظ على نظام سعر الصرف المرن، وتعبئة الموارد من أجل التنمية الاجتماعية والاقتصادية، والانتقال إلى التمويل الذي تقوده السوق كأولويات إصلاحية رئيسية.
وأشارت إلى أن توفير عوائد مالية أفضل من شأنه أيضًا تشجيع الادخار، وتوسيع الموارد المتاحة للاستثمارات الحكومية والخاصة.
وقالت السيدة جورجيفا إن الإنفاق الاجتماعي ضروري لتعزيز النمو الشامل وحماية الفئات الأكثر ضعفًا. كما أن الإصلاح السياسي الدقيق من شأنه أن يساعد في تحقيق التوازن بين الجهود المبذولة لضمان الاستدامة المالية مع حماية الإنفاق الاجتماعي، مؤكدة على الحاجة إلى تعزيز الإنفاق الاجتماعي في برنامج الإصلاح.
ومن جانبه سلط رئيس الوزراء الدكتور آبي أحمد الضوء على دور صندوق النقد الدولي في دعم الإصلاحات الاقتصادية الطموحة في إثيوبيا، مشددًا على أهمية مساعدته الفنية والمالية المستمرة.
وأشاد رئيس الوزراء آبي أحمد على منصات التواصل الاجتماعي الخاصة به دعم صندوق النقد الدولي للبلاد قائلا “نحن نقدر بشدة دعم صندوق النقد الدولي المستمر لبرنامج الإصلاح الاقتصادي لدينا ونشعر بالامتنان لمشاركتكم المباشرة“.
وأكد أن برنامج الإصلاح في إثيوبيا، المدعوم من قبل صندوق النقد الدولي، مدفوع برؤية محلية ويتماشى مع أهداف التنمية الأوسع للبلاد. وصرح رئيس الوزراء: “نحن نتحمل المسؤولية الكاملة عن هذه الإصلاحات، مما يمكننا من تنفيذ تدابير جريئة وتاريخية تعالج التحديات الاقتصادية طويلة الأمد“.
كما أعرب رئيس الوزراء عن تفاؤله بالنتائج الإيجابية لبرنامج الإصلاح حتى الآن، مشيرًا إلى أن هذه الجهود ستساعد في ضمان الاستقرار الاقتصادي الكلي، وتحفيز النمو، وتعزيز مستويات المعيشة، ووضع إثيوبيا كنموذج للازدهار في أفريقيا.
وخلال زيارتها التي استمرت يومين، شاركت جورجيفا في مناقشات رفيعة المستوى مع وزير المالية أحمد شدي وغيره من كبار المسؤولين الحكوميين، مما عزز التعاون القوي بين إثيوبيا وصندوق النقد الدولي في تعزيز الأهداف الاقتصادية للبلاد.
وتُظهِر زيارة جورجيفا التزام الدولة بالعمل مع المؤسسة المالية الدولية عن كثب. ومن المعروف أيضًا أهمية الحوار والتعاون المستمر بين إثيوبيا والمجتمع الدولي في التعامل مع تعقيدات التنمية الاقتصادية.
وتمثل الأجندة الاقتصادية المحلية تحولًا كبيرًا في نهج إثيوبيا تجاه التنمية، مع التركيز بشكل أكبر على الموارد المحلية. وفي حين قد يفرض المسار المستقبلي تحديات، تظل الحكومة واثقة من أن هذه الاستراتيجية، إلى جانب الشراكات الدولية القوية، ستمهد الطريق لمستقبل أكثر ازدهارًا لإثيوبيا.
مع استمرار إثيوبيا في سعيها الطموح نحو التنمية الاقتصادية، أصبحت علاقتها بالمؤسسات المالية الدولية مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي حاسمة بشكل متزايدمع تعقيدتها . وقد أسفرت هذه الشراكة عن التقدم والتحديات، مما يعكس التوازن الدقيق بين الأولويات الوطنية والشروط التي حددتها الهيئات المالية العالمية.
من المعروف أن البنك الدولي كان شريكًا مهمًا في تمويل مشاريع البنية التحتية، مثل الطرق والطاقة والنقل، والتي تعد حيوية للتحول الاقتصادي في إثيوبيا. وقد قدم صندوق النقد الدولي الدعم من خلال برامج مختلفة تركز على الاستقرار الاقتصادي الكلي والإصلاحات المالية وبناء القدرات.
ولاشك أن التعاون مع المؤسسات المالية الدولية كان مفيداً إلى حد كبير، ولاتزال المناقشات جارية بشأن الشروط المرتبطة بالقروض والمساعدات. وقد أثيرت مخاوف بشأن التأثير المحتمل لهذه الشروط على السياسات في إثيوبيا وقدرتها على متابعة مسار التنمية. ومن المرجح أن ينطوي مستقبل علاقة إثيوبيا بالمؤسسات المالية الدولية على التركيز المستمر على موازنة أهداف التنمية مع الحقائق الاقتصادية. ومع تقدم إثيوبيا، سيكون من الضروري ضمان أن تظل الشراكة مع المؤسسات المالية الدولية متوافقة مع رؤية البلاد وأولوياتها على المدى الطويل.