بريكس كمحفز للتنمية الاقتصادية في إثيوبيا

عمر حاجي

لا يمكن الإنكار أن الانضمام إلى البريكس من شأنه أن يضع الأساس للدفاع عن مصالح المجتمع الدولي الأوسع ودفع اقتصاد إثيوبيا إلى الأمام. وليس من المبالغة أن نقول: إن الواقع المذكور أعلاه على الأرض يشكل معلماً تاريخياً وإنجازاً قياسياً. ومن المؤكد أن الرحلة برمتها في هذا الصدد لم تكن مفروشةً بالورود.

ومن الواضح تماماً، أنه منذ بداية الانضمام إلى البريكس، أعرب الناس من مختلف الفئات الاجتماعية والاقتصادية عن رضاهم، لأن الكتلة ستمهد الطريق لتعزيز مسارات التنمية في البلاد. وبصرف النظر عن ذلك، فإنها ستكون بمثابة نقطة انطلاق للنمو الشامل للبلاد في الأمد القريب. وبصرف النظر عن تعزيز الروابط الجديرة مع الدول الأعضاء الأخرى، فإن الكتلة بلا أدنى شك ستساعد في تقدم اقتصاد البلاد بأسرع ما يمكن من خلال وضع عدد من الاستراتيجيات الفعالة.

 وفي هذا السياق، ذكر رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد، إن الحكومة تشجع بشدة المستثمرين من دول البريكس على اغتنام الفرص الاستثمارية الهائلة المتاحة في إثيوبيا. وقال رئيس الوزراء في حديثه في منتدى أعمال البريكس، إن البريكس في وضع جيد لتحقيق نمو اقتصادي عالمي كبير وتنمية مستدامة. ولتحقيق هذه الإمكانات بالكامل، يجب أن نعمل بنشاط لضمان وجود هياكل حوكمة عالمية أكثر تمثيلا وشاملا استجابة لاحتياجات الاقتصادات النامية والناشئة.

ونحن ندعو إلى الإصلاح الشامل للنظام المالي العالمي لإنشاء إطار أكثر إنصافًا.

كما يجب على البريكس نفسها أن تكون قدوة من خلال توسيع التعاون الاقتصادي متبادل المنفعة داخل الدول الأعضاء. ويمكن أن تعمل البريكس كمعيار للنظام المالي العالمي المُصلح الذي لا يعالج احتياجات أعضائه فحسب، بل يدعم أيضًا أهداف التنمية للاقتصادات الناشئة أو النامية الأخرى. ويقدم اقتصاد إثيوبيا المتوسع بسرعة فرصًا كبيرة للاستثمار والتعاون الاقتصادي والتجارة بشكل خاص، لدول البريكس.

وتتمتع إثيوبيا بموارد طبيعية وزراعية وفيرة تتيح لها الوصول إلى أسواق كبيرة ومتنوعة في مختلف أنحاء أفريقيا وخارجها. ولا شك، أن هذه اللحظة الحاسمة ستلعب دوراً بالغ الأهمية في معالجة المعضلات الاقتصادية وتعزيز أعمال الاستيراد والتصدير في البلاد. ومع إفساح الانضمام إلى مجموعة بريكس فإن الطريق مفتوح أمام الاقتصاد الوطني للبلاد، فقد شرع جميع أصحاب المصلحة في المناخ الحالي في تشكيل تحالف والمضي قدماً. وطالما أن الكتلة قادرة على تسريع نمو البلاد، فقد بدأت الجهات المعنية بالفعل في التحرك نحو تحقيق التقدم في الاتجاه الصحيح.

ومن خلال الجمع بين مزايا كل دولة عضو، ستعزز مجموعة البريكس عالماً متعدد الأقطاب قادراً على موازنة الضغوط غير الضرورية من القوى العظمى الرائدة. وبعبارات أكثر دقة، فإن انضمام إثيوبيا إلى مجموعة البريكس من شأنه أن يمهد الطريق لتشكيل تعاون وثيق للغاية وتسريع اقتصاد البلاد. ويجب أن نتذكر أن دارسكدار تايي، الباحث الرئيسي في معهد الشؤون الخارجية في إثيوبيا، سلط الضوء مؤخرًا في تحليل لنادي فالداي، على الفوائد الاقتصادية المحتملة، بالإضافة إلى الفوائد الدبلوماسية، وفقًا للمعلومات التي تم الحصول عليها من المصدر.

فيما يتعلق بالاقتصاد، يصف دارسكدار، بأن إثيوبيا دولة نامية في حاجة ماسة إلى التمويل الخارجي لاستخدامه في تحقيق أهدافها الإنمائية بالكامل، ويحدد مجموعة البريكس كمصدر رئيسي للتمويل الجديد، سواء من الدول الأعضاء أو المؤسسات المالية لمجموعة البريكس مثل بنك التنمية الجديد. وعلى الصعيد الدبلوماسي، وصف دارسكدار، كيف بدأت إثيوبيا في العقود القليلة الماضية في ممارسة السياسة الخارجية بشكل مستقل في علاقتها بالقوى العظمى، وكيف حافظت خلال هذه الفترة على علاقات سياسية واقتصادية وأمنية قوية مع الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي من ناحية، ومع الصين وروسيا والهند من ناحية أخرى. وأن إثيوبيا كانت تحاول الحفاظ على استقلالها في النظام العالمي المتغير بسرعة على مدى السنوات الخمس عشرة الماضية. وأن انضمامها إلى مجموعة البريكس قدم الزخم لهذه الجهود، وأن الانضمام إلى مجموعة البريكس يعني الكثير لإثيوبيا.

وفي الصدد، أشار لوكاس كوبفرناجيل، رئيس مكتب مؤسسة كونراد أديناور في إثيوبيا، إلى إمكانات بنك التنمية الجديد التابع لمجموعة البريكس عندما يصبح عاملاً بكامل طاقته لمنح إثيوبيا إمكانية الوصول إلى أشكال جديدة من التمويل. وأن هذا من شأنه أن يحرر البلاد من الاعتماد على المؤسسات الغربية مثل صندوق النقد الدولي، وأن الاضطرار إلى تلبية شروطها، ومن شأنه أن يغير الوضع تمامًا.

ومن جانبها،  قالت سوزان ستولرايتر، رئيسة مؤسسة فريدريش إيبرت في أديس أبابا: إن إدراج إثيوبيا في هذه الموجة من توسع البريكس كان بمثابة مفاجأة للبعض، حيث كان يُعتقد أن دول أفريقية أخرى مثل نيجيريا والجزائر مرشحة أكثر ترجيحًا، نظرًا لحجمها الجغرافي والاقتصادي. وزعمت أن عوامل أخرى لعبت دورًا أكثر حسمًا: وأن إثيوبيا مهمة جدًا من وجهة نظر جيوسياسية. ونظرًا لسكانها الكبير، فإن اقتصادها لديه القدرة على النمو بقوة في المستقبل. وعلى نفس المنوال، من فرص توليد الدخل إلى التقدم التكنولوجي، فإن الانضمام إلى البريكس بمثابة نقطة انطلاق لتنمية البلاد. وفي الواقع، فإن هذا الإنجاز التاريخي والاختراق التاريخي بلا شك سيطلق العنان لعدد كبير من البركات للبلاد.

وقال عضو مجلس الشيوخ الروسي وعضو مكتب المجلس الأعلى لحزب روسيا الموحدة، أندريه كليموف، إن المناقشات والتعاون بين البريكس والأحزاب الأفريقية أمر بالغ الأهمية لتحقيق نتائج عملية. بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الإثيوبية، فإن المناقشات والتعاون بين الأحزاب السياسية الحاكمة في مجموعة البريكس والأحزاب السياسية الأفريقية الأخرى ستؤدي إلى نتائج عملية في المستقبل القريب. على سبيل المثال، استضافت روسيا مؤخرًا مثل هذا المنتدى لأعضاء مجموعة البريكس، مضيفًا أن هناك ممثلين من أحزاب سياسية مختلفة، بما في ذلك حزب الازدهار الإثيوبي. مؤكدا على أن “هذه إشارة جيدة، لكننا نود أن نذهب إلى أبعد من ذلك.

في منتدى فلاديفوستوك، ناقشت الأحزاب- ليس حزب الرخاء فقط، لكن أحزاب مثل المؤتمر الوطني الأفريقي والحزب الجزائري بالإضافة إلى أحزاب أخرى الكثير من الأشياء. كما ذكر كليموف. نتطلع إلى الحصول على بعض النتائج العملية الأخرى لهذا النوع من التعاون، سواء داخل مجموعة البريكس أو بين تعاوننا مع الأحزاب الأفريقية، في المستقبل القريب.

ونظرًا إلى أن إثيوبيا تشارك بعدة طرق، فإن الانضمام إلى مجموعة البريكس من شأنه أن يساعد في دفع اقتصاد البلاد إلى الأمام في أقرب وقت ممكن. وبما أن الانضمام إلى مجموعة البريكس يفتح الباب أمام نقل البلاد إلى المستوى التالي من الإنجاز في مسارات التنمية المختلفة، فيتعين على جميع أصحاب المصلحة المعنيين أن يتعاونوا في أسرع وقت ممكن. وبذلك، لن يكون دفع البلاد إلى مستويات غير مسبوقة أسهل من فعله. بل سينتهي به الأمر إلى أن يصبح نزهة في الحديقة. ومن المهم أن نسلط الضوء على أن مجموعة البريكس ستمهد طريق متناسية الوصول إلى قاع المعضلات من خلال المياه الباردة فيما يتعلق بتنمية البلاد مع مرور الوقت.

وفقًا لوسائل الإعلام المحلية، عقد اجتماع اللجنة الفنية الوطنية لكبار المسؤولين في مجموعة البريكس مؤخرًا في وزارة الخارجية لمناقشة أنشطة مجموعة البريكس لعام 2025 تحت رئاسة البرازيل للمجموعة. ولخص في الاجتماع، السفير لمليم فيسها، المدير العام لشؤون المنظمات الدولية والمسؤول عن أنشطة مجموعة البريكس، إنجازات إثيوبيا في عام 2024 وحدد توقعات إثيوبيا لمجموعة البريكس لعام 2025.

وصرحت السفيرة ليمليم، بأن مجموعة البريكس هي منصة إضافية حاسمة لإثيوبيا لتعزيز الشراكات التي تساعد على تحقيق مصالحها الوطنية وأهداف السياسة الخارجية، مشيرة إلى أن إثيوبيا ستستغل أفضل شراكاتها والعلاقات الثنائية مع دول البريكس والدول الشريكة لتحقيق نتائج ملموسة ومفيدة للطرفين في مجالات الزراعة وتطوير البنية التحتية والصحة والتعليم والتجارة والاستثمار وغيرها.

كما اتفق الكثيرون بالإجماع، تلعب عضوية إثيوبيا في مجموعة البريكس دورًا أساسيًا في التقدم الاقتصادي الشامل للبلاد. ولتحقيق هذا الهدف، يجب على جميع الجهات الفاعلة المعنية بذل قصارى جهدها للاستفادة بشكل أكبر من بركات عضوية مجموعة البريكس.

وصرحت ميلاكو مولو الم، الباحثة في معهد الشؤون الخارجية في إثيوبيا، أنه تم في قمة البريكس في روسيا في عام 2024، اقتراح عملة ورقية جديدة لدول البريكس. ويُظهر هذا الاقتراح التزام الدول الأعضاء في الحصول على عملة بارزة خاصة بها للتجارة فيما بينها. وهذه مبادرة جيدة لتطبيق قرار المجموعة بالحصول على عملة مشتركة. وستعزز هذه العملة العلاقات الاقتصادية الدولية لإثيوبيا مع الدول الأخرى. ويمكن لإثيوبيا استيراد وتصدير المنتجات من الدول الأعضاء باستخدام العملة الجديدة من خلال تقليل تكاليف المعاملات.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai