عمر حاجي
أديس أبابا (العلم) سلط معهد الشؤون الخارجية الضوء على أهمية إعلان أنقرة الصادر في 11 ديسمبر باعتباره خطوة محورية في إعادة تأكيد السيادة والوحدة والاستقلال والسلامة الإقليمية، مع تعزيز السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي.
وأشار المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية السيد جعفر بدرو إلى أن اتفاق السلام الذي تم التوصل إليه بين إثيوبيا والصومال يحمل أهمية كبيرة لكلا البلدين ومنطقة القرن الأفريقي المتقلبة. مؤكدا على أن الاتفاق يعزز السلام والاستقرار، مما يتيح تحقيق المنافع المتبادلة للدول المعنية.
وفي معرض حديثه عن العلاقات طويلة الأمد بين إثيوبيا والصومال، وصف جعفر الإعلان، بأنه شهادة على التزام هذه الدول المجاورة بالسلام والاستقرار الإقليميين، فضلاً عن مكافحة الخصوم المشتركين. كما يعزز الاتفاق السعي السلمي لإثيوبيا للوصول إلى البحر، وهو هدف استراتيجي يتماشى مع تطلعاتها الإنمائية.
ومن ناحيته قال ياسين أحمد، رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية ان من أهم تداعيات اتفاقية أنقرة بين إثيوبيا والصومال على القرن الإفريقي، هي توقف التجاذبات الإقليمية لمحاصرة إثيوبيا وتأجيج الصراع بين إثيوبيا والصومال، وإزالة المبررات والدوافع للتحالف الثلاثي بين مصر والصومال وإريتريا ضد إثيوبيا، بهدف الحرب بالوكالة أو إشعال حرب مباشرة بين إثيوبيا والصومال.
واشار الي ان الإتفاق الأثيوبي الصومالي يعتبر درس لمصر لمراجعة سياستها الأفريقية التي لا تخدم مصالح الشعوب في المنطقة.
وأضاف ان الإتفاق الإثيوبي- الصومالي يمثل دعوة لعدد من الدول من أجل مراجعة سياستها في القرن الأفريقي“.
كما انتقد السياسات المصرية تجاه منطقة القرن الأفريقي، موضحًا أن مصر فشلت في بناء دور فاعل بالمنطقة بسبب اتباعها لسياسات “خاطئة” تهدف إلى محاصرة إثيوبيا وتأجيج الصراعات.
واعتبر أنه كان من الأفضل لمصر التركيز على التعاون المشترك مع إثيوبيا ودول القرن الإفريقي لتعزيز دورها الإقليمي، مؤكدًا أن تركيا على عكس ذلك، نجحت في كسب احترام الشعوب الإفريقية بفضل سياساتها الاقتصادية والدبلوماسية الفاعلة.
ومن جانب آخر، قال الدكتور ناصر ساتي ان توقيع ابي احمد مذكرة التفاهم مع ارض الصومال كان تخطيطا ذكيا و كرتا سياسيا مدروسا بعناية في اتجاه دفع اكثر من دولة في التفكير بجدية لإعادة النظر في الموقف من منح اثيوبيا منفذا بحريا على سواحلها.
واضاف ان هذا الضغط السياسي استحضر في ذهن السودان و الصومال دفتر الربح و الخسارة وانه سينتهي بموجب الاوضاع الدولية الأمنية في البحر الاحمر إلى حصول أديس أبابا على ثمة منفذ .
و إضافة إلى الاوضاع الدولية فإن السودان و الصومال ادركا أن التدخل المصري لن يمنع اثيوبيا من الحصول على المنفذ البحري لذا فإن السودان كان مستعدا مثل الصومال إلى منح أديس أبابا منفذا بميزان و حساب المصالح الاقتصادية و السياسية و الأمنية.
واشار الي ان عبقرية السياسة الاثيوبية تكمن في قدرة صانع القرار الإثيوبي على قراءة الاوضاع البعيدة القادمة بنجاح يصل إلى ٩٩% مع ميزة الصبر و التحرك الهاديء بعيدا عن الاعلام و هي ميزات جعلت من السياسة الخارجية الاثيوبية مثمرة .
واضاف الدكتور ناصر ساتي ان مذكرة التفاهم مع ارض الصومال حوت حوافز اقتصادية يسيل لها اللعاب ، بجانب ان المذكرة نفسها لم تحوي جملة واضحة و قاطعة تتعهد فيها حكومة ابي احمد بدعم استقلال ارض الصومال و بذا اثيوبيا تكون قد كسبت الجميع و نالت اكثر من منفذ بحري على سواحل الصومال و ربما السودان .
وقال ساتي :”أرجح ان السودان سوف يمضي في اتجاه منح اثيوبيا منفذا بحريا فسياسة المصالح أصبحت ضرورة حتمية للسودان سيما مع دخول سد النهضة مرحلته الأخيرة و قدرة أديس أبابا بما تملكه من علاقات مؤثرة داخل الاتحاد الافريقي و خارجه على المستوى الدولي”.
وانهي حديثه قائلا:” يجب أن لا ننسى اعتراف الرئيس الصومالي شيخ محمود بقدرة و تأثير اثيوبيا على الاوضاع الأمنية في بلاده و هذه القدرة عبارة عن تراكم تجارب عسكرية و استخبارية ناجحة لا تملكها مصر” .
وبالمثل، أكد الرئيس الإثيوبي تايي أتسى سيلاسي على وسائل التواصل الاجتماعي أن إعلان أنقرة يمثل خطوة مهمة نحو تعاون إقليمي أقوى بين إثيوبيا والصومال والاتحاد الأفريقي على نطاق أوسع.
وقال إن الاتفاق الذي تم التوصل إليه من خلال الوساطة التركية في أنقرة، يمثل اختراقًا في حل سوء التفاهم بين إثيوبيا والصومال. كما يؤكد الإعلان التزام البلدين بتعزيز العلاقات وتعزيز التعاون الإقليمي.
وأبرز رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد إلتزام إثيوبيا الراسخ بالتكامل الإقليمي على مدى السنوات الست الماضية. وقال: إن تطلعات إثيوبيا إلى الوصول الآمن والموثوق إلى البحر هي مشروع سلمي يعود بالنفع على جميع جيراننا. وأن السلام والنمو هما عائد مشترك يقوم على التنمية المتبادلة.
كما أكد رئيس الوزراء على الروابط التاريخية والثقافية بين إثيوبيا والصومال، مشيرا إلى أن إثيوبيا والصومال تربطهما علاقة الجوار، كما تربطهما علاقة الدم منذ قرون. وبعيدًا عن الأصول المشتركة واللغة والثقافة، فإن روابط التضحيات التي قدمها الآلاف من الجنود الإثيوبيين الذين دافعوا عن الصومال من التهديدات الإرهابية تعزز علاقاتهما.
وقال رئيس الوزراء: إن إعلان أنقرة لا يؤكد على حقوق إثيوبيا في الوصول إلى البحر من خلال الوسائل السلمية فحسب، بل إنه يعمل أيضًا كمعلم حاسم في دفع التنمية الإقليمية ومعالجة التحديات المشتركة. كما إنه يضع أساسًا قويًا للتعاون بين دول القرن الأفريقي، مما يمكنها من تشكيل مصيرها الجماعي في عالم مترابط بشكل متزايد.