إعلان أنقرة: الطريق إلى السلام الإقليمي والتنمية

*إعلان أنقرة يشكل مثالاً واعداً للدول الأفريقية الأخرى!!

عمر حاجي

يمثل إعلان أنقرة الأخير الذي تم توقيعه بين إثيوبيا والصومال في تركيا في 11 ديسمبر 2024، معلمًا تحويليًا للسلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي الديناميكية. وبفضل جهود الوساطة الحاسمة التي بذلها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، جمعت الاتفاقية بين البلدين، مما جسد دور الدبلوماسية في حل أي خلاف وتعزيز الانسجام الإقليمي. ويُظهر الإعلان أن أي خلاف بين الدول يمكن معالجته من خلال الحوار والتفاهم المتبادل.

 وفي هذه الحالة، أكدت إثيوبيا والصومال التزامهما بالتعايش مع تأمين مصالحهما الوطنية. وأظهرت الروابط التاريخية بين البلدين والتي تعززت من خلال الأصول والثقافة والتضحيات المشتركة أساسًا متينًا لحل التوترات. ولطالما دعم الإثيوبيون تنمية الصومال، مما يعزز مكانتهما كشركاء ثابتين في المنطقة. لقد أثارت دعوة إثيوبيا للوصول إلى البحر التوترات مع الصومال بشكل غير عادل واجتذبت جهات خارجية حريصة على استغلال الوضع لمصالحها. ومع ذلك، يظل موقف إثيوبيا معقولاً وضروريًا.

وباعتبارها ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا، فإن النمو الاقتصادي في إثيوبيا والطلب المتزايد على التجارة يتطلبان الوصول الآمن إلى البحر. كما أكد رئيس الوزراء الدكتور أبي أحمد على استعداد إثيوبيا للتفاوض سلمياً، وضمان المنافع المتبادلة للدول المجاورة. وعلى عكس المفاهيم الخاطئة، فإن طموح إثيوبيا لا يحركه العدوان بل الحاجة الاستراتيجية التي تتماشى مع التعاون الإقليمي والازدهار المشترك.

وبالتالي، يؤكد إعلان أنقرة على النهج السلمي والدبلوماسي لإثيوبيا لتحقيق أهدافها التنموية. كما يعكس التزام البلاد الثابت بالاستقرار الإقليمي، وتعزيز إطار التعاون المربح للجانبين. لقد سمحت الدول المجاورة تاريخيًا للدول الخارجية بالوصول إلى الموانئ، لكن دعوات إثيوبيا لفرص مماثلة غالبًا ما ذهبت دون إجابة. ومع ذلك، من خلال المشاركة الدبلوماسية المستمرة، أظهرت إثيوبيا استعدادها لخلق حلول مشتركة تخدم الصالح العام.

وفي هذا السياق، أكد جعفر بدرو، المدير التنفيذي لمعهد الشؤون الخارجية، على أهمية الاتفاق في تعزيز السلام والاستقرار. حيث إن الاتفاق يعزز الروابط بين إثيوبيا والصومال مع معالجة الخصوم المشتركين وتعزيز المنافع المتبادلة. كما ذكر بفقادو بوغالي، باحث الشؤون الأفريقية في معهد الشؤون الخارجية، أن الجهود الدبلوماسية لإثيوبيا تتوافق مع القانون الدولي وتعكس نهجًا تعاونيًا وعطاءً وأخذًا يقاوم القوى الانقسامية في المنطقة.

ويأتي إعلان أنقرة في وقت حاسم حيث تجتذب اتفاقية القرن الأفريقي اهتمامًا عالميًا كبيرًا. ويضع الاتفاق سابقة للدول في المنطقة للتعاون في تشكيل مستقبلها الجماعي، ومعالجة التحديات المشتركة مثل الإرهاب والصعوبات الاقتصادية والتنافسات الجيوسياسية.

وكان قد أكد رئيس الوزراء أبي أحمد، أن سعي إثيوبيا للوصول إلى البحر يتماشى مع جهود التكامل الإقليمي التي تعزز السلام والنمو والازدهار، مشيرا إلى التضحيات التي قدمها الجنود الإثيوبيون الذين دافعوا عن الصومال ضد التهديدات الإرهابية، مسلطًا الضوء على الروابط الدائمة بين البلدين.

ومن جهة أخرى أشاد الدكتور تمسجن توماس أستاذ جامعة واتشيمو بإعلان أنقرة باعتباره إنجازًا بارزًا لا يحل التوترات الفورية فحسب، بل يرسم أيضًا مسارًا مستدامًا للمصالح الوطنية الإثيوبية على المدى الطويل. وتأمل في مذكرة التفاهم السابقة بين إثيوبيا وأرض الصومال، والتي أثارت تحديات دبلوماسية مع الصومال، مما يؤكد على وساطة تركيا في الوقت المناسب باعتبارها نجاحًا دبلوماسيًا ثلاثيًا.

وقال: إن الاتفاق يوفر إطارًا للتكامل الاقتصادي الأقوى والتعاون الأمني ​​والوحدة الإقليمية. في عصر تشتد فيه المنافسة العالمية على إفريقيا، يسلط إعلان أنقرة الضوء على قدرة الدول الإفريقية على تحمل مسؤولية تحدياتها وفرصها الإقليمية. كما يعمل الإعلان كمثال مهم للدور المتنامي لتركيا كوسيط في إفريقيا، مما يعكس مصالحها الاستراتيجية في تعزيز العلاقات مع دول القرن الإفريقي.

ومن المهم أن الإعلان يتناول أيضًا المخاوف الأمنية المشتركة. وقد عانت كل من إثيوبيا والصومال من الإرهاب والتمردات والتحديات عبر الحدود التي تعوق النمو والاستقرار. وتواصل مجموعات مثل الشباب زعزعة استقرار الصومال وتهديد الأمن الإقليمي. ومن خلال إعلان أنقرة، تلتزم إثيوبيا والصومال بالتعاون الوثيق في مكافحة هؤلاء الخصوم المشتركين، وضمان بقاء السلام والأمن في صميم علاقاتهما الثنائية.

ومن الممكن أن ينتج عن هذا الاتفاق تبادل استخباراتي معزز، وعمليات مشتركة لمكافحة الإرهاب، وآليات أمنية إقليمية، مما يساهم في الاستقرار على المدى الطويل. وعلى الصعيد الاقتصادي، يضع إعلان أنقرة الأساس لفرص تحويلية. ومن الممكن أن يؤدي تحسين التعاون إلى تيسير الشراكات التجارية، وتطوير البنية الأساسية عبر الحدود، والاستثمارات الاقتصادية التي تعود بالنفع على البلدين.

وسوف يعمل وصول إثيوبيا إلى الموانئ على خفض تكاليف نقل البضائع بشكل كبير وتعزيز قدرتها التنافسية الاقتصادية، في حين ستستفيد الصومال من زيادة التجارة والاستثمار والنفوذ الإقليمي. ومن خلال الاستفادة من نقاط القوة الخاصة بكل منهما، يمكن لإثيوبيا والصومال أن يضعا نفسيهما كلاعبين رئيسيين في التكامل الاقتصادي الإقليمي. علاوة على ذلك، فإن الإعلان يعزز التطبيع الدبلوماسي بين البلدين، مما يقلل من خطر استغلال الجهات الخارجية لخلافاتهما. ويثبت حل التوترات على أن الدول الأفريقية قادرة على الدبلوماسية المستقلة والتعاونية، الخالية من التلاعب الخارجي. كما تعزز مثل هذه المبادرات قدرة المنطقة على تشكيل مستقبلها.

ومع تزايد أهمية التكامل الإقليمي في مواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية العالمية، فإن إعلان أنقرة يشكل مثالاً واعداً للدول الأفريقية الأخرى. ويسلط الضوء على أن السلام والتنمية المستدامين يمكن تحقيقهما من خلال الثقة والحوار والاحترام المتبادل. ويمثل إعلان أنقرة اختراقاً تاريخياً لإثيوبيا والصومال. ومن خلال حل سوء الفهم من خلال الحوار الدبلوماسي، يعزز الاتفاق العلاقات ويعزز السلام ويشجع التعاون الإقليمي.

كما يسلط الإعلان الضوء على التزام إثيوبيا الراسخ بتأمين أهدافها الاستراتيجية من خلال حلول سلمية مفيدة للطرفين. ومع دخول منطقة القرن الأفريقي فصلاً جديدًا من التعاون، يعمل الإعلان كنموذج لمعالجة التحديات المشتركة وإطلاق العنان للإمكانات الهائلة للمنطقة. وهو شهادة على قوة الوحدة الإقليمية في دفع السلام المستدام والتنمية والازدهار للأجيال القادمة.

 

 

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai