تطويع الخطاب الديني لصالح الجبهة الشعبية لتحرير تجراي في اثيوبيا

ياسين أحمد

رئيس المعهد الإثيوبي للدبلوماسية الشعبية

تسييس المؤسسات الدينية من قبل حزب الجبهة الشعبية لتحرير تجراي هل هو خيار إستراتيجي أم تكتيكي سياسي؟

قالت قيادات الجبهة الشعبية لتحرير تجراي- التي تم تصنيفه من قبل البرلمان الإثيوبي جماعة إرهابية -هذا الاسبوع عبر تصريحات لقادتها عن توجه بفصل إرتباط المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية في إقليم تجراي عن المؤسسات الدينية المركزية في إثيوبيا، والتى تتخذ من أديس ابابا مقرا لها. وتبع ذلك ما صرحت به الكنيسة الأرثوذكسية في إقليم تجراي بالقرار، وكذلك جاء قرر لإدارة المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية فرع تجراي هو الاخر بالإنفصال عن المجلس الأعلى للشؤون الاسلامية الإثيوبي في أديس أبابا،

ويأتي توجه الإداريين للدينتين كنوع لزيادة الشقاق وتسييس المؤسسات الدينية في اثيوبيا.

يتسأل المواطن الاثيوبي العادي ما هي أهداف ودوافع الجبهة الشعبية لتحرير تجراي لتسلك هذا السلوك في إدخال هذه المؤسسات الدينية في خلافات السياسة بفصل إرتباطها عن  المركزية في أديس أبابا كمؤسسات دينية وقومية؟

وهل تبني خيار الإنفصال هو توجه إستراتيجي تمهيدا لتقرير المصير بإعلان إنفصال إقليم تجراي لتكون دولة مستقلة عن أثيوبيا ام هو في إطار تكتيكي سياسي بهدف البحث عن ورقة سياسية تستخدم  في تقوية وتعزيز الموقف التفاوضي للجبهة الشعبية لتحرير تجراي؟

اولا: بتقديري هو أن تبني الجبهة الشعبية لتحرير تجراي لفكرة فصل المؤسسات الدينية في إقليم تجراي عن انتماؤها القومي هو خيار تكتيكي سياسي وليس خيار إستراتجي لان قيادة الجبهة الشعبية لتحرير تجراي تبحث عن أوراق سياسية جديدة بعد ان أحرقت الحكومة الإثيوبية المركزية كل الأوراق السياسية التى كانت تستخدمها الجبهة الشعبية لتحرير تجراي في السابق.

 

ثانيا:

إن المؤسسات الدينية المسيحية والإسلامية في إقليم تجراي هي ليست مستقلة بل هي مسيرة من قبل الجبهة الشعبية لتحرير تجراي التى تتحكم فيها، بل إن معظم قيادات المؤسسات الدينية في الكنيسة والمجلس الأعلى للشؤون الإسلامية فرع تجراي هم من اعضاء وكوادر ومناضلين عسكريين في قيادت الجبهة الشعبية لتحرير تجراي منذ عام 1991. فالجبهة الشعبية لتحرير تجراي لا تعرف الحريات الدينية في إثيوبيا، لأن سجلها في حقوق الانسان وخنق وإستغلال المؤسسات الدينية والمدنية في اثيوبيا اثناء فترة حكمها لإثيوبيا لمدة 27 سنة كان واضحا.

وخاصة مصادرتها لحقوق مسلمي تجراي الذي ظل مستمرا طيلة فترة حكمها في إثيوبيا.

الآن يعتبر توجه فصل المؤسسات الدينية وإقحامها في السياسة شاهدا ودليلا على أهداف سياسية تستغل عاطفة  الدين.

ثالثا:

الجبهة الشعبية لتحرير تجراي خرقت وتخترق الدستور الإثيوبي الذي ينص على علمانية الدولة الإثيوبية وعدم تدخلها في الشؤون الدينية وعمل المؤسسات الدينية في أثيوبيا وفى إقليم تجراي كواحد من الأقاليم الإثيوبية ضمن النظام الفيدرالي، حيث تنص المادة 11 في الدستور الإثيوبي الفقرة (3)

“على أنه لا يجوز للدولة أن تتدخل في الشؤون الدينية ولا يتدخل الدين في شؤون الدولة”.

رابعا:

إن قرار فصل المؤسسات الدينية  في إقليم تجراي ليست من حق قيادات المؤسسات الدينية في الإقليم  لفقدانها الشرعية الدستورية في ذلك وعدم إعطائه الحق سواء من المسيحيين أو المسلمين لكي تتخذ قرار الانفصال.

ولكن من الواضح أن  الجبهة الشعبية لتحرير تجراي هي من اتخذت القرار، ومن قبل هي التي اختارت القيادات الدينية في إقليم تجراي حتى يتم توظيفها في خدمة الأهداف السياسية للجبهة الشعبية لتحرير تجراي.

خامسا:

بتقديري إن الرهان على هذه الورقة الدينية كوسيلة سياسية للضغط حتى تقبل كطرف مفاوض في عملية الحوار الوطني الإثيوبي رهان خاسر لأن الحكومة الإثيوبية المركزية قررت مؤخرا استبعاد الجبهة الشعبية لتحرير تجراي وجبهة تحرير أورومو(شني) من الحوار الوطني الإثيوبي إستنادا على قرار البرلمان الإثيوبي الذي صنف الجبهتين كجماعات إرهابية. وكذلك هناك إجماع شعبي في عدم قبول الجبهة الشعبية لتحرير تجراي كطرف من أطراف الحوار، وخاصة في إستمرار الهجمات العسكرية والمجازر التى ترتكبها قواتها في اوساط المدنينن في إقليمي عفر وأمهراوالتى راح ضحيتها عشرات الالاف ونزوح بسببها مئات الالاف من أبناء الشعب الإثيوبي.

المؤسسات الدينية ممثلة في إدارة الكنيسة الاثيوبية والمجلس الأعلى الإسلامي في إثيوبيا هي جهات دينية قومية جزء من منظمات المجتمع نظن أن من صميم واجباتها الدينية هي جمع الصف الوطني وتعزيز المواطنة الإثيوبية في إطار إحترام التنوع الديني والثقافي والإثني.  وعليه نطالب من كل المؤسسات الدينية المسيحية والاسلامية في أثيوبيا أن يكون لها دورا وطنيا تلعبه في حل المشاكل عبر الدبلوماسية الشعبية والقيام بدور قيادي في جمع وحدة الصف الوطني لتعزيز ثقافة الوحدة الوطنية الإثيوبية وثفافة السلام والتعايش السلمي على أساس المصالح المشتركة للشعب الأثيوبي ووحدة  الدولة الإثيوبية وان تتجنب ان تكون أداة توظفها السياسة وبعض الاحزاب السياسية في أثيوبيا.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *