جوهر أحمد
منذ إنشاء منظمة الوحدة الأفريقية (الاتحاد الأفريقي الآن)، تعززت العلاقة بين إثيوبيا والمغرب بشكل مطرد، وتطورت إلى شراكة قوية تعود بالنفع على كلا البلدين. وركزت هاتان الدولتان بشكل متزايد على المصالح المتبادلة، وتعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات.
وحدثت نقطة تحول مهمة في علاقتهما خلال الزيارة التاريخية للملك محمد السادس إلى أديس أبابا في عام 2016. و أكد السفير المغربي السابق،في إثيوبيا، علوي محمدي، على الدور المحوري لاتفاقيات التعاون الموقعة خلال هذه الزيارة. وأرست هذه الاتفاقيات الأساس لإحراز تقدم كبير في مجالات رئيسية مثل الخدمات الجوية والتجارة والضرائب والاستثمار والزراعة والطاقة المتجددة. وأشار السفير إلى أن هذه القطاعات حاسمة للتنمية الاقتصادية لكلا البلدين، مسلطًا الضوء على إمكانية زيادة فرص التجارة والاستثمار.
ويُذكَر خلال زيارة الملك أن مجموعة الشريف للفوسفات المغربية وقعت اتفاقية مع الحكومة الإثيوبية لبناء مصنع أسمدة واسع النطاق في دري داوا. وتقدر قيمة المشروع بنحو 3.7 مليار دولار.
تُعَد إثيوبيا شريكًا استراتيجيًا للمغرب، ليس فقط في الجزء الشرقي من إفريقيا ولكن أيضًا على المستوى القاري. وتستند هذه الشراكة إلى رؤية مشتركة للنمو الاقتصادي والاستقرار داخل المنطقة. وبما أن كلا البلدين يهدفان إلى تعزيز مكانتهما العالمية، فإن تعاونهما بمثابة نموذج للدول الإفريقية الأخرى التي تتطلع إلى تعزيز العلاقات وتعزيز التكامل الإقليمي.
وخلال السنوات الأخيرة، امتدت العلاقة إلى ما هو أبعد من التعاون الاقتصادي لتشمل التعاون العسكري، مما يعكس الالتزام بالأمن المتبادل. وقد عقدت اجتماعات رفيعة المستوى بين الجنرالات العسكريين من كلا البلدين، مما يشير إلى شراكة متعمقة في مسائل الدفاع. وتركز هذه المناقشات على تعزيز السلام والأمن في المنطقة، وهو مصدر قلق ملح بالنظر إلى المشهد الجيوسياسي المتطور في إفريقيا.
وتدرك كل من إثيوبيا والمغرب أن الأمن ضروري للتنمية المستدامة. من خلال العمل معًا على التعاون العسكري، يهدف البلدان إلى معالجة التحديات المشتركة، بما في ذلك الإرهاب والجريمة العابرة للحدود الوطنية وعدم الاستقرار الإقليمي. وأن العلاقات العسكرية المتنامية هي شهادة على الثقة والمصالح المشتركة التي نشأت بين إثيوبيا والمغرب .
وقبل شهر، حدث تطور مهم عندما رحب المشير بيرهانو جولا، رئيس الأركان العامة لقوات الدفاع الوطني الإثيوبية، بوفد دفاعي مغربي بقيادة نائب رئيس الأركان اللواء عزيز إدريسي.
وناقش الزعيمان مواضيع تهدف إلى تنشيط العلاقة الطويلة الأمد بين إثيوبيا والمغرب مع استكشاف الفرص لتعزيز التعاون في قضايا السلام والأمن.
وأكد المشير بيرهانو على العلاقات التاريخية بين البلدين، والتي تم تهميشها مؤقتًا لأسباب مختلفة. وأعرب عن ارتياحه لإعادة فتح قنوات الاتصال من خلال محادثاتهما، معتبرا ذلك خطوة إيجابية إلى الأمام.
وردًا على ذلك، أشاد اللواء عزيز إدريسي بالقدرات العسكرية القوية لإثيوبيا، مشيرًا إلى فعاليتها في بعثات حفظ السلام والمبادرات الأخرى. وأكد على أهمية التعاون العسكري مع الجيش الإثيوبي، وأوضح أن الوفد المغربي اختار زيارة إثيوبيا لتعزيز هذا التعاون.
ومن المتوقع أن يضع هذا التبادل للأفكار والمناقشات أساسًا قويًا لاتفاقية دفاع بين البلدين وتعزيز روح الأخوة الأفريقية، وفقًا لمنشور من مديرية الإعلام في قوات الدفاع الوطني الإثيوبية.
وبالمثل، ووفقًا لأخبار المغرب الدولية، رحب الوزير المنتدب لدى رئيس الحكومة المكلّف بإدارة الدفاع المغربي، عبد اللطيف لوديي، القائد الأعلى ورئيس أركان القوات المسلحة الملكية بالمارشال برهانو جولا، رئيس أركان قوات الدفاع الوطني الإثيوبية، في زيارة رسمية إلى المغرب من 25 إلى 29 أغسطس المنصرف للتو .
اجتمع المسؤولان في مقر إدارة الدفاع الوطني (ADN) في الرباط، حيث ناقشا الحالة الحالية للتعاون العسكري الثنائي واستكشفا الفرص لتعزيز شراكتهما. وأعرب الزعيمان عن ارتياحهما للصداقة والتعاون القائمين بين المغرب وإثيوبيا، مؤكدين التزامهما بتعميق هذه العلاقات في المستقبل، كما ذكرت هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الملكية.
وتؤكد هذه الزيارات رفيعة المستوى على تعزيز العلاقات العسكرية بين إثيوبيا والمغرب. ومع استمرار الدولتين في تعزيز شراكتهما، تظل إمكانية تعزيز التعاون عبر مختلف القطاعات واعدة. ويشير الحوار المستمر والالتزام بالتعاون إلى أن الدولتين على استعداد للعب أدوار محورية في تشكيل مستقبل أفريقيا، وتعزيز الاستقرار، وتعزيز النمو الاقتصادي في جميع أنحاء القارة.
لا يشكل هذا التعاون أهمية حاسمة للدولتين فحسب، بل يلعب أيضًا دورًا حيويًا في معالجة التحديات الأوسع نطاقًا التي تفرضها الجماعات المتمردة التي تهدد الاستقرار في شرق إفريقيا ومنطقة الساحل.
وتواجه كل من إثيوبيا والمغرب التهديد المستمر للإرهاب، الذي يقوض السلام والأمن في أراضيهما. ومن خلال العمل معًا، يمكن لهذه الدول مشاركة المعلومات الاستخباراتية والموارد وأفضل الممارسات، وتعزيز قدرتها على التصدي للمتمردين وغيرهم من الفصائل الإرهابية التي تسعى إلى زعزعة استقرار دولها والمناطق المحيطة بها.
واجهت منطقة شرق إفريقيا، على وجه الخصوص، تحديات كبيرة من مختلف المنظمات الإرهابية، التي تستغل عدم الاستقرار السياسي والاضطرابات الاجتماعية للحصول على موقف. وعلى نحو مماثل، كانت منطقة الساحل، التي تقف المغرب على أبوابها، تكافح ارتفاعاً مثيراً للقلق في أعمال العنف التي تقودها الجماعات المتطرفة. ومن خلال العمل معاً، تستطيع إثيوبيا والمغرب توفير جبهة موحدة أكثر، وإظهار التزامهما ليس فقط بحماية بلديهما بل وأيضاً المساهمة في الأمن الإقليمي والقاري.
إن آثار هذا التعاون تمتد إلى ما هو أبعد من مجرد المشاركة العسكرية. فهو يمثل جبهة موحدة ضد المد المتنامي للتطرف الذي أثر على العديد من أجزاء أفريقيا. لذا، فإن الشراكة يمكن أن تكون بمثابة منارة أمل للإغاثة والاستقرار في جميع أنحاء القارة.
ويمكن للبلدين أن يتعاونا بشكل أكبر في قطاع السياحة نظراً لمواقعهما السياحية ومعالمهما السياحية البارزة. بالإضافة إلى ذلك، تقدم الزراعة فرصة واعدة حيث يشارك جزء كبير من السكان في كل من إثيوبيا والمغرب في هذا القطاع. ومن شأن تعزيز التعاون في هذه المجالات أن يعزز بشكل كبير علاقاتهما الثنائية.
كما التقى المفتش العام للقوات المسلحة الرواندية وقائد المنطقة الجنوبية بالمارشال برهانو جولا في مقر هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الرواندية. وركز هذا الاجتماع على جوانب مختلفة من التعاون العسكري، حيث أشاد المسؤولان بالتقدم المحرز بين جيشيهما وناقشا سبل توسيع التعاون في مجالات أخرى ذات اهتمام مشترك.