* سعي إثيوبيا لمنفذ بحري لن يهدأ بعد الآن حتى يتم تحقيقه
جوهر أحمد
لقد لعبت إثيوبيا دورًا لا يمكن الاستغناء عنه في انتشار السلام والاستقرار في منطقة القرن الأفريقي عامة وفي الصومال خاصة,وأن التضحيات التي قدمتها إثيوبيا في الصومال تستحق التقدير والإشادة والدعم وليس العكس وذلك بحكم موقعها الفريد والاستراتيجي في منطقة القرن الإفريقي إلى جانب كونها موطنًا لثاني أكبر عدد من السكان في القارة، وأكبر اقتصاد سريع النمو، وقواتها الدفاعية المبنية بقوة والمنضبطة للغاية. ولا يمكن لأحد أن ينكر هذه الحقيقة أوتجاهلها.
إن ما فعلته إثيوبيا حتى الآن وتواصل القيام به من أجل استقرارالمنطقة يشهد على التزام البلاد المتزايد بتنمية المنطقة. فبالإضافة إلى نشر قوات حفظ السلام التابعة لها في الدول المجاورة مثل الصومال وجنوب السودان، تسعى إثيوبيا جاهدة إلى التكامل الاقتصادي للمنطقة من خلال إقامة تعاون مع جيرانها, وينبغي الاعتراف بهذه الجهود.
بالإضافة إلى ذلك، تعمل إثيوبيا على تعزيز المؤسسات الإقليمية والقارية مثل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية وهذا ما أكد عليه وزير خارجية إثيوبيا السفير تايي اسق سيلاسي في تصريحه الصحفي مؤخرا بقوله على أن شعوب منطقة القرن الأفريقي، التي توحدها الصداقات القوية والعلاقات الإجتماعية، لم تعد مقيدة بالعداوات الماضية.
ودعا وزير الخارجية، إلى حل الخلافات سلميًا لاستعادة الفرص الضائعة للنمو المشترك، محذرًا من محاولات دق طبول العداوة بين المجتمعات عبر الحدود.
وفي تصريحه الصحفي التي ركزت على العلاقات الخارجية والقضايا الإقليمية لإثيوبيا سلط الوزير الضوء على سياسة البلاد الهادفة إلى تعزيز العلاقات مع الدول المجاورة وتعزيز الشراكات العالمية.
وشدد السفير تايي على أن إثيوبيا لا يمكنها أن تظل صامتة حيث تحول السلام والوئام بين جيرانها إلى ملعب للإرهابيين والعناصر المناهضة للسلام.
وأكد السفير تايي أيضًا على التزام إثيوبيا بالسلام وتنفيذ اتفاقية بريتوريا للسلام بإقليم تجراي وتفاني الحكومة في حل النزاعات في إقليمي أمهرا وأوروميا سلميًا.
وفي معرض حديثه عن المحادثات التي تجريها في أنقرة مع الصومال، أشار إلى التقدم الذي يتوقع أن يسفر عن نتائج، ولكنه حذر من أن التعليقات الاستفزازية من بعض الأفراد والقوى المعادية التي قد تقوض هذه الجهود.
ووصف التعاون مع القوى المعادية بأنه يدل على قصر النظر وغير مفيد. بالإضافة إلى ذلك، تناول الوضع في السودان، مؤكداً التزام إثيوبيا بدعم الشعب السوداني في سعيه إلى السلام.
وأشاد السفير بمن يعملون على استعادة الاستقرار في السودان مشيراً إلى أهمية تعزيز التقدم المحرز عبر المبادرات المختلفة. مؤكد اعلى أن السلام الدائم يجب أن يقوده السودانيون بأنفسهم.
لقد أظهرت إثيوبيا بالفعل موقفًا ثابتًا تجاه حقيقة السلام والاستقرار والتكامل الاقتصادي في منطقة القرن الأفريقي. وأي تحرك ضد هذا الجهد يعتبر استخفافًا بتضحيات البلاد وشعبها ولا ينبغي أن يحظى بالقبول. وأن دعوة قوة غريبة على المنطقة لا فائدة منه إلا إضافة لصب الوقود على المنطقة الغيرمستقرة أصلا.
ولايغيب عن البال أن إثيوبيا والصومال مرغمان على التعايش سلميا والتعاون فيما بينهما بحكم الجغرافيا والقدر لأن البلدين يشتركان معا في حدود طويلة ناهيك عن الروابط والتداخل العرقي والدم والثقافة والدين واللغة .ولا تنجح أبدا محاولة بعض البلدان خلق صدع بين البلدين الجارين لتحقيق مصالحها الخاصة على حساب مصالح الشعبين الإثيوبي والصومال .
لقد أعلنت إثيوبيا مرارا وتكرارا وأظهرت عمليا اهتمامها بحل أي مشاكل مع الصومال دبلوماسيا. وهي تعتبر الخلافات التي نشأت بينهما مؤخرا سوء تفاهم مؤقت ويمكن حلها بسهولة على الرغم من أن رد الطرف الآخر يبدو غير متجاوب.
وأن الجهات التي تريد أن تجد لها موضع قدم في القرن الأفريقي لا تنبع من رغبة حقيقية لدعم الصومال, بل إن هدفها هو عرقلة طلب إثيوبيا المشروع بشكل سلمي الوصول إلى البحر,والضغط عليها بخصوص سد النهضة. وأن تزامن إرسال مصر المعدات العسكرية والجنود إلى الصومال ورفع ملف سد النهضة إلى مجلس الأمن الدولي من جديد دليل واضح على أن مصرلم تأت إلى الصومال دعما لها بل نكاية لإثيوبيا وذلك خطرحقيقي على السلام في المنطقة وعلى شعوبها التي ذاقت مرارة الإرهاب وفقدان الأمن وغياب التنمية والتكامل فيما بينها.
وأن مصلحة إثيوبيا فيما يتعلق بالوصول إلى منفذ البحر واضحة، وهي خدمة مصالحها الاقتصادية وليس لديها أي أجندة خفية أخرى باستثناء تحقيق التنمية المتبادلة مع البلدان في القرن الأفريقي بما في ذلك الصومال و أن أي تحرك لعرقلة هذه الرغبة والمصلحة المشروعة غير مقبول.وأن سعي إثيوبيا الحثيث الوصول إلى المنفذ البحري لن يهدأ بعد الآن حتى يتم تحقيقه.
وأن أي نشاط مدفوع بسوء نية لزعزعة استقرار المنطقة يثير قلق إثيوبيا بشدة، لأن السلام والاستقرار في إثيوبيا ليسا منفصلين عن شؤون القرن الأفريقي. وأن أولئك الذين يشاركون عن علم أو بغير علم في نشاط له تأثير سلبي على المنطقة، يجب أن يدركوا أن العواقب ستكون وخيمة.
ولاشك أن إثيوبيا ملتزمة بنفس القدر بضمان سيادتها ومصالحها كما تظل ملتزمة في نفس الوقت بالحل السلمي للخلافات مع حكومة الصومال. وبالتالي، يجب على المجتمع الدولي والجهات المعنية أن تأخذ في الاعتبار هذا الموقف الحقيقي لإثيوبيا.