متحف عدوا التذكاري للنصر يجعل تاريخ نضال الإثيوبيين وغيرهم من السود ضد الاستعمار لا ينسى!!

*إعادة النظر في انتصارعدوا!

عمر حاجي

قال المؤرخ البروفيسور باهرو زودى أن بناء متحف وطني لإنتصار عدوا سيكون له قيمة كبيرة للشعب الإثيوبي وكذلك للقارة بأكملها، وسيكون للمتحف ايضا إسهامات وطنية لتنمية صناعة السياحة فى البلاد. ووفقا للبروفيسور فإن إنشاء مثل هذا المتحف التذكاري مهم حقا لأنه لن يكون له أهمية وطنية فحسب بل قارية وعالمية، مشيرا إلى أن تدريب وتثقيف جيل الشباب على تاريخ البلاد وجعلهم يدركون عن تضحيات أجدادهم ينمي فيهم الشعور والوطنية والإعتزاز بتاريخهم .

وتعتبر إثيوبيا وجهة سياحية فريدة تتميز بتنوعها الطبيعي والجغرافي المدهشين، حيث يمكن للزوار استكشاف مناظر طبيعية ساحرة، مثل جبال بالي وجبال الشمال وبحيرة توركانا وبحيرات عديدة أخرى، وحمامات المياه الساخنة الموجودة في أماكن البلاد المختلفة. بالإضافة إلى ذلك، تتمتع البلاد بتاريخ ثقافي غني يمكن للزوار استكشافه في المعابده القديمة من المساجد والكنائس المنحوتة على الصخور.

وهناك أيضا أماكن منتجعات وحدائق عديدة منها، حديقة الوحدة والصداقة، التي تستقطب العديد من السياح المحليين والدوليين بمعالمها السياحية المتنوعة، ومنتجع إنطوطو، بما في ذلك حديقة الحيوانات والكائنات المائية الحية والمباني التاريخية. ومما يجذب السياح المحليين والأجانب على حد سواء أيضا، هناك متحف عدوا التذكاري للنصر الذي يجعل تاريخ النضال ضد الاستعمار للإثيوبيين وغيرهم من السود لا ينسى، ويمكن نقله إلى جيل المستقبل. حيث يحتوي هذا المتحف الجديد الذي تم فتحه مؤخرا العديد من الأثار التاريخية والثقافية. حيث تحتل مكانا مرموقا واهتماما محليا وعالميا من جانب الحكومات والخبراء.

وتحتفظ إثيوبيا بذاكرة قوية تجاه معركة عدوا التاريخية باعتبارها مصدراً ملهماً للحس الوطني ضمن تحديات ماثلة ما دفع الحكومة إلى إنشاء متحف خاص باسمها، وهنا تساءل كثيرون “هل احتفالية افتتاح المتحف يحمل اسم المعركة إنجازاً لحفظ التراث الإثيوبي أم محاولة للذهاب بأزمات الحاضر إلى ما سطره الماضي من وحدة وتماسك وإنجاز قومي؟”.
ويتربع متحف عدوا التذكاري في حي بياسا وسط العاصمة أديس أبابا، والذي جرى افتتاحه مؤخرا، فيما سجلت الرئيسة الإثيوبية سهلورق زودي، ورئيس الوزراء آبي أحمد، وعمدة العاصمة أدانيتش أبيبي حضوراً مميزاً إلى جانب وفود دبلوماسية. كما يمثل المتحف تحفة معمارية خصصت له القيادة الإثيوبية موقعاً متقدماً متسع المكان والجمال كموقعه في الذاكرة الإثيوبية.

وفي هذا الصدد، قالت عمدة مدينة أديس أبابا، أدانيتش أبيبي، إن متحف عدوا والنصب التذكاري هو المكان الذي سيتعلم فيه جيل المستقبل الحقيقة الكاملة حول تاريخ وأهمية انتصار عدوا. مؤكدة على أن هذا الانتصار لم يحظ بالتكريم المناسب لعظمته، مشيرة إلى أن المتحف التذكاري مصمم ليخلد بشكل خاص بطولات الإثيوبيين، الذين لم تحظ قصصهم بالاهتمام الكافي أيضا، ويحوي أحداثاً تاريخية جرى تجاهلها. وقد ألهم انتصارعدوا العرق الأسود مقاومة القمع والنضال من أجل حريتهم واستقلالهم.

8 بوابات

ويحتوي متحف عدوا على 8 بوابات كل باب يمثل تعبيراً تاريخياً عن إنجازات بعينها، ومكانة القادة العسكريين والوطنيين، وفي مقدمتهم الإمبراطور منليك الثاني وزوجته الإمبراطورة طايتو بيتول، بجانب ما احتواه من وثائق ومرفقات ملكية وبقايا آثار دالة على المعركة التاريخية. حيث يعتبر المتحف تكريماً لذكرى الجنود والقادة الإثيوبيين، ويحتوي على مجموعة من القطع الأثرية والصور الفوتوغرافية، والمجسدات الفنية تلخص الأحداث التاريخية لمعركة عدوا، إلى جانب توثيق التاريخ الإثيوبي.

وعن إنجاز المتحف وما تعنية مناسبة عدوا للحاضر، قالت الرئيسة الإثيوبية سهلورق زودي إنه يجب على الجيل الحالي استخلاص الدروس من انتصار عدوا مشددة على أهمية أن يستفيد الإثيوبيون من تجارب الأجداد وضرورة بذل الجهود في الأنشطة التي تعزز الوحدة الوطنية، مشيرة إلى أنه حتى في حالة وجود الاختلافات في الآراء والرغبات، يجب أن يكون الحوار الخيار الأول وليس اللجوء إلى السلاح.

نظرة تاريخية

وفي نظرة تاريخية كان السبب المباشر لاندلاع حرب عدوا، هي وثيقة اتفاق كتبت بين إثيوبيا وإيطاليا الاستعمارية وقتها. وجاءت وثيقة “اتفاق أوتشيالي” بعد اعتراف إيطاليا بالإمبراطور منليك الثاني ملكاً للحبشة الموحدة، وعقد اتفاقية صداقة معه وفق علاقات تتيح لها ممارسة بعض الأنشطة في المنطقة، إلا أن الإمبراطور سرعان ما اكتشف نوايا استعمارية في الوثيقة، عندما حوت نسختها الإيطالية معاني تجعل من إثيوبيا تابعة لروما في علاقاتها الخارجية.

ودفع الاختلاف بين الوثيقتين المكتوبتين باللغتين الأمهرية والإيطالية، الإمبراطور منليك إلى نقض الاتفاقية، وسرعان ما نشبت الحرب في “معركة عدوا” بشمال إثيوبيا ليكون النصر حليفاً للبلد الأفريقي على القوات الإيطالية التي ضمت 25 ألف جندي.

ويشير افتتاح ومعطيات المتحف والنصب التذكاري لمعركة عدوا في دلالاته السياسية إلى حرص الحكومة القفز على ما تواجهه من مشكلات، وتحديات في قضايا الخلافات السياسية المعقدة مع بعض الحركات القومية المتمردة كميليشيات “الفانو” و”جيش تحرير الأورومو”، مستلهمة نجاحات التاريخ كعبرة وطنية.

وكانت الحكومة الإثيوبية جددت في فبراير (شباط) الجاري تمديد قانون الطوارئ بإقليم أمهرا أحد أكبر الأقاليم الإثيوبية لأربعة أشهر إضافية في مغالبة للظروف التي ظل يواجهها الإقليم منذ أبريل (نيسان) الماضي، حينما رفضت “الفانو” إلقاء أسلحتها وباشرت محاربتها للحكومة.

ومن جهة أخرى، قال الدكتور إبراهيم شداد، المدير العام للمركز الأفريقي للمعادن وعلوم الأرض: إن متحف “عدوا” التذكاري سيساهم في تخليد ذكرى الإنتصار في معركة عدوا ونقشها في قلوب ووجدان الأفارقة، مشيرا في مقابلة مع وكالة الأنباء الإثيوبية إلى أن الحكومة الإثيوبية قامت بإقامة المتحف التذكاري ليظل حاضرًا في وعي كل الأفارقة، إذ إن عدوا ليست معركة مقتصرة على إثيوبيا، بل تمثل معركة لكل الأفارقة من أجل التحرر.

وأضاف الدكتور قائلا: إن الإنتصار في معركة عدوا كان مصدر إلهام وتشجيع لجميع الدول الأفريقية وشعوبها لتحرير نفسها من الاستعمار الاستيطاني الأوروبي. ولذلك، فإن إثيوبيا حاضرة في قلوب كل الأفارقة كرمز للاستقلال. ولهذا أصبحت مقرا لتحرير أفريقيا.

وأوضح الدكتور شداد أن المعركة جمعت كل القوميات الإثيوبية، حيث أشار إلى أن منليك الثاني وقواته العسكرية تمكنوا من هزيمة المستعمرين بشكل ساحق في معركة عدوا التي شهدت مشاركة جميع القوميات والشعوب الإثيوبية.

وقد أوفى نصب عدوا التذكاري للنصر الذي تم تشييده حديثًا لهذا الحدث التاريخي الضخم، ويمكن لجميع الأفارقة القدوم إلى أديس أبابا وتحديث ذاكرتهم من خلال زيارته. ووفقا للكثيرين، فإن بناء النصب التذكاري قدطال انتظاره، وتستحق حكومة آبي أحمد الفضل في تحقيق هذا المشروع في قلب أديس أبابا، عاصمة أفريقيا، وسد فجوة كبيرة.

ومن الآن فصاعدا، سيكون لدى العديد من الأشخاص، وخاصة المنحدرين من أصول إفريقية حافز إضافي آخر للقدوم إلى أديس أبابا وقضاء وقتهم في زيارة هذا النصب التذكاري، الذي يقع في موقع مهيب في وسط المدينة ويمكن الوصول إليه بسهولة. كما أنه مصدر إلهام للجيل القادم وتحية مستحقة لكل من ضحوا بحياتهم من أجل أن يمنحونا وطنًا حرًا مليئًا بالفخر والكرامة.

ولهذا، يجب أن نكون ممتنين لهم. وأن إحدى طرق التعبير عن امتناننا هي الحفاظ على روح الوحدة والتماسك التي حافظت على سلامة البلاد، وفي حال نظرنا إلى أفعالنا نعكس، فإننا نخون قضيتهم وتضحياتهم.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *