الانتصار في معركة عدوة : مصدر فخر واعتزاز للافارقة

سمراي كحساي

وقعت معركة عدوة في الوقت الذي سعت فيه القوى الأوروبية إلى التوسع ، وطمحت إلى غزو واستعمار إفريقيا لتوسيع إمبراطورياتها وتجميع الموارد الطبيعية القيمة للقارة واستعباد شعبها.

ومع ذلك ، فإن رغبتهم لم تتحقق عندما تعلق الأمر بإثيوبيا ففي حين وقعت معظم البلدان الأفريقية تحت الأيدي الوحشية للحكام الأوروبيين ظلت إثيوبيا دولة ذات سيادة بجيش هائل ونظام ملكي قوي.

وألهم انتصار إثيوبيا على  الإيطاليين في معركة عدوة البلدان الإفريقية لخوض النضال المرير وتقديم التضحيات الباهظة على الرغم من امتلاكهم أسلحة تقليدية  مقارنة مع الأسلحة الحديثة التي كانت لدى مستعمريهم الغربيين.

امتد تأثير أحداث 1896 خارج إثيوبيا، فقد أصبحت ألوان العلم الإثيوبي الأحمر والأخضر والأصفر راية جماعية للأفارقة ورمزًا للمقاومة الإفريقية الرائدة، وبعد نصف قرن اعتمدت الدول الإفريقية المستقلة حديثًا تلك الألوان كجزء من أعلامها الوطنية.

ولايغيب عن البال في هذا الصدد أن إثيوبيا كانت تعتبر الدولة الإفريقية الوحيدة ماعدا ليبيريا ومن بين البلدان القلائل على مستوى العالم التي تحتفل بيوم النصر في حين تحتفل معظم البلدان  الإفريقية الشقيقة لإثيوبيا بيوم الإستقلال عن المستعمرين الأوروبيين .

واستعصت إثيوبيا على جميع الغزاة الأجانب الذين حاولوا الإستيلاء عليها واحتلالها وظلت تحافظ على استقلالها  وسيادتها عبر الدفاع المستميت وتقديم أغلى ما لديها من الأنفس والنفيس دفاعا عن حريتها واستقلالها مما اعطاها مكانة رائدة ضمن البلدان التي حافظت على استقلاها الكامل  على مدى  تاريخها الطويل وظلت مبعث فخر واعتزاز وتمجيد لدى قومياتها وشعوبها المتنوعة  ولدى الشعوب الإفريقية وكذلك موضع احترام وتقدير لدى شعوب العالم  المحبة للحرية.

وكما تشير المصادر ، فانه قبل عقد من معركة عدوة ، كانت القوى الأوروبية قد قررت مصير إثيوبيا وفي مؤتمر برلين عام 1884 قسمت الدول الأوروبية أفريقيا فيما بينها.

وقبل المؤتمر ، كان الأوروبيون يسيطرون على حوالي 10 بالمائة فقط من إفريقيا. أما الـ 90 بالمائة المتبقية فقد حكمها حكام أصليون وتقليديون.

وكانت إيطاليا تحتل ميناء عصب منذ عام 1882. وفي مؤتمر برلين ، اتفقت القوى الاستعمارية الأوروبية على أن إيطاليا يمكن أن تستولي على إثيوبيا كمستعمرة مستقبلية لها.

ثم بعد ذلك ، وسعت إيطاليا وجودها في البحر الأحمر وهي منطقة أصبحت مهمة منذ افتتاح قناة السويس عام 1869. وبدعم من بريطانيا ، سيطرت على مدينة مصوع الساحلية عام 1885.

و تحركت إيطاليا من مصوع ببطء في الداخل ، مما أدى إلى عدد من الاشتباكات مع السكان المحليين ، والتي بلغت ذروتها في معركة عدوا.

وفي معركة عدوة، صنع الإثيوبيون تاريخًا أحرج وأذل المستعمر وأرضي الأفارقة وجميع السود على مستوى العالم. وصنع الإثيوبيون ، بضربهم الجيش الإيطالي المجهز جيدًا بالمدفعية الحديثة ، تاريخًا أدهش العالم كله.

وفي اليوم الأول من شهر مارس قبل 124 عامًا ، هزم المحاربون التقليديون والمزارعون والرعاة ، فضلاً عن النساء ، جيشًا إيطاليًا جيد التسليح في مدينة عدوة في شمال إثيوبيا.

وضمنت نتيجة هذه المعركة استقلال إثيوبيا ، مما جعلها الدولة الأفريقية الوحيدة التي لم يتم استعمارها أبدًا. وحولت عدوة إثيوبيا إلى رمز للحرية للسود في جميع أنحاء العالم.

وفي مارس 1896 ، فاجأت القوات الإثيوبية بقيادة الإمبراطور مينليك الثاني العالم بهزيمة جيش إيطالي أرسل لغزو الإمبراطورية ،”وفقا لمقال كتبه راي جوناس بعنوان “معركة عدوة ، 1986” نشر في موقع بلاك باست.

ويصف بعض الكتاب المثقفين معركة عدوة التاريخية والنصر الإثيوبي على أنها أهم انتصار لجميع السود في العالم ضد إيديولوجية تفوق العرق الأبيض الأوروبي.

 ومن المناسب الإشارة  هنا إلى بعض الخصائص الفريدة للمعركة أثناء خوضها، وفقًا لمراجع تاريخية، وليس بالبنادق والرصاص والمدافع فحسب، بل بتضحية الإثيوبيين بالأرواح والأجساد من جميع مناحي الحياة.

ويشير بعض المثقفين الذين يصفون مسارح عمليات معركة عدوة إلى الجوانب الثقافية لها، حيث لعبت الموسيقى والأغاني الحربية المعروفة باسم (شيللا وفوكرا) دورًا حيويًا في التعبئة حيث رافق المقاتلين قساوسة يحملون تابوت القديس جورج و الذي سهل وجوده في ساحة المعركة انتصار المقاتلين الإثيوبيين على القوات المعتدية، بحسب الروايات الشفوية التي أكدتها روايات شهود العيان.

وغالبًا ما يوصف مسرح العمليات عند سفح التلال المحيطة بعدوا بأنه مكان يختلط فيه الإيمان والثقافة في حشد بشري واسع حيث ساهم هؤلاء المقاتلون الذين لم يتمكنوا من حمل السلاح لسبب أو لآخر بشكل كبير في هذا الجهد من خلال تسخير مهاراتهم وهوياتهم الثقافية في خدمة النصر في معركة عدوة الحاسمة.

و تتجلى الدروس والعبرة من هذه المعركة في العديد من القيم الفاضلة والمواقف الشجاعة من الإثيوبيين قيادة وشعبا بجانب أنها كانت انتصارا لأفريقيا ومصدر إلهام لشعوب القارة من أجل التحرر وكسر شوكة المستعمر و كانت أيضا فرصة توحدت فيها الشعوب والقوميات الإثيوبية ،تاركين كل خلافاتهم من أجل الوطن وهو الموقف الذي يجب أن يفاخر به اليوم كل إثيوبي حيث أصبح نموذجا للأفارقة جميعا من أجل التحرر .

و انتصار عدوة ليس مجرد نجاح للإثيوبيين لانهم أكدوا استقلالهم ولكنه أيضًا رمز للحرية والنصر يعتز به الأفارقة وكل السود في جميع أنحاء العالم الذين تعرضوا للاضطهاد من قبل المستعمرين والمتعصبين البيض و لهذا السبب يحتفل الإثيوبيون به كل عام.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *