لماذا يخافون من وصول اثيوبيا الي البحر ؟!

محوري للتكامل الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة وليس تهديدالأحد

تسمح العلاقات الدولية للدول بالتعاون مع بعضها البعض، وتجميع الموارد وتبادل المعلومات كطريقة لمواجهة القضايا العالمية التي تتجاوز أي بلد أو منطقة معينة، وتشمل القضايا العالمية المعاصرة الأوبئة والإرهاب والبيئة  وغيرها من  العلاقات الدولية التي تتعلق بالمصلحة العامة العالمية، على سبيل المثال كل دولة لديها مصلحة ، الهدف الذي لا يمكن تحقيقه إلا من قبل العديد من البلدان التي تعمل سوياً.  وهذا هو الحال في التعاون التركي الصومالي او التركي الاثيوبي وغيرها من العلاقات الدولية  .

مما لا شك فيه ان الاتفاقية ما بين تركيا والصومال الدفاعية ستساهم في حماية الحدود البحرية من الإرهاب والقرصنة وعمليات الصيد غير المشروعة واستقرار الصومال يعني استقرار القرن الافريقي واثيوبيا كذلك  واثيوبيا تدعم اي جهة تعمل علي استقرار وارساء السلام في الصومال وتركيا مرحب بها في القرن الافريقي ككل موجودة في السودان واثيوبيا والصومال  .

في 5 فبراير الجاري في مشروع يسعى إلى تعزيز قدرات الجيش الوطني الصومالي وسط التهديدات المستمرة من حركة الشباب التابعة لتنظيم القاعدة .وقع وزير الدفاع الصومالي والقائم بالأعمال الأميركي مذكرة تفاهم في هذا الصدد، ، بالعاصمة الصومالية، مقديشو.

ويأتي الاتفاق في حين تقوم بعثة حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقي في الصومال بتقليص تواجدها في البلد الأفريقي.والمشروع هو بناء خمسة قواعد عسكرية في الصومال وتضمن الاتفاق زيادة دعم الولايات المتحدة وتدريبها للجيش الوطني الصومالي، وخاصة لواء القوات الخاصة «دنب»، الذي دربته الولايات المتحدة، ويعني «البرق» باللهجة المحلية، وإنشاء مراكز عسكرية في 5 مدن صومالية، بحسب ما أوردته وكالة الأنباء الصومالية الرسمية «صونا».

العلاقات بين اثيوبيا وتركيا

وتعد سفارة أنقرة لدى أديس أبابا أول سفارة لتركيا افتتحت في إفريقيا جنوب الصحراء عام 1926، فيما افتتحت إثيوبيا سفارتها في تركيا عام 1933 يذكر أن العلاقات الدبلوماسية بين الدولة العثمانية وإمبراطورية الحبشة (إثيوبيا) تعود إلى 1896، وكان السلطان عبد الحميد الثاني وإمبراطور الحبشة منليك الثاني من وضعا حجر الأساس للعلاقات بين البلدين آنذاك.

اذن العلاقة علاقة تاريخية قديمة وليس هذا فحسب بل تحتل تركيا مكانة مرموقة بين كبرى البلدان المستثمرة في إثيوبيا، بحوالي 200 شركة تنشط في مختلف القطاعات، في مقدمتها البناء والصناعات الدوائية والغذائية، إضافة إلى علاقات ثنائية تمتد لعقود.

قيمة صادرات تركيا إلى إثيوبيا اقتربت من 290 مليون دولار خلال الأشهر الـ 11 الأولى من العام 2023.

أن تركيا  تمد جسور التعاون مع إفريقيا استنادا إلى الربح المتبادل للجانبين تحت مظلة الأخوة، فضلًا عن أن العلاقات التي تبنيها أنقرة مع البلدان الإفريقية لا تقتصر على التجارة.

وفي اغسطس 2021 وقّعت إثيوبيا وتركيا ، وتُوّجت بالتوقيع على 4 اتفاقيات، تشمل مذكرة تفاهم بشأن التعاون في مجال المياه، واتفاقية الإطار العسكري، وبروتوكول التنفيذ بشأن المساعدة المالية، واتفاقية التعاون المالي العسكري. 

وقال آبي أحمد، في تغريدة على تويتر بعد عودته إلى إثيوبيا، إن الاتفاقيات التي تم توقيعها تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية، مشيداً بـ”دعم تركيا للتنمية والاستقرار في إثيوبيا”. 

وقال آبي أحمد، في تغريدة على تويتر بعد عودته إلى إثيوبيا، إن الاتفاقيات التي تم توقيعها تهدف إلى تعزيز العلاقات الثنائية، مشيداً بـ”دعم تركيا للتنمية والاستقرار في إثيوبيا”. 

وأكد أن “إثيوبيا لن تنسى أبداً التعاون الذي قدّمه شعب وحكومة تركيا في الأوقات الحرجة” التي تمر بها البلاد،

اثيوبيا وبريطانيا

وفي 23 فبراير الجاري وقعت إثيوبيا والمملكة المتحدة مذكرة تفاهم لتعزيز الأمن والاستقرار في المناطق الحدودية بين كينيا والصومال وإثيوبيا. وتهدف مذكرة التفاهم إلى تعزيز قدرة المجتمعات عبر الحدود بين إثيوبيا وكينيا والصومال على مواجهة دوافع التطرف العنيف. وفقا لوزارة الخارجية.

وأعرب الجانبان عن التزامهما بالعمل معًا للحد من التهديد الذي تشكله حركة الشباب في المنطقة.

والمشروع اكبر من ذلك الان هناك تهديد في البحر الاحمر عبر باب المندب والتخوف من التمدد الارهابي في المنطقة والصراع الامريكي الصيني وانشاء قواعد لمتابعة التحركات في المنطقة ككل وحصر الجماعات الارهابية وتحركاتها

جيوستراتيجي خطير في القرن الافريقي

من منظور جيوستراتيجي، كانت الاستراتيجية التركية والإماراتية تقوم على تشكيل محور قرن أفريقي حليف نواته إثيوبيا وإرتيريا، الصومال والسودان يكون ثقلًا جيوسياسيًا موازيًا للثقل الدول الاخرى في المنطقة التي قامت بتاجير مؤاني او مواقع مهمة في جيبوتي والصومال واريتريا والسودان .

فاتهمت اريتريا تركيا بدعم المعارضة الاريترية في رد فعل على زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان السودان في ديسمبر 2017 وتوقيع اتفاقيات تضمنت تأجير الخرطوم جزيرة سواكن السودانية لأنقرة. واتهم السودان الامارات بدعم قوات الدعم السريع واخيرا اتهمت الصومال اثيوبيا بعد توقيع الاخير اتفاقية للحصول علي منفذ بحري في ارض الصومال وغيرها من الاتهامات الظاهرة والاجندات الخفية غير الظاهرة  .

الجيوسياسية

ومن الناحية الجيوسياسية، فإن إثيوبيا تمثل نقطة ارتكاز النفوذ التركي في القرن الأفريقي والبحر الأحمر، أديس أبابا هي أهم المساهمين في قوات مكافحة الإرهاب في الصومال منفردة أو ضمن بعثة الاتحاد الأفريقي في الصومال (أميصوم) او بالتعاون مع الولايات المتحدة الامريكية ، ولا تستطيع اي دولة ان تدفع ما دفعته اثيوبيا من اجل مكافحة الارهاب في الصومال .

اتحدت أرض الصومال، وهي محمية بريطانية سابقة، مع الصومال الإيطالي عام 1960 بعد الاستقلال، لكنها انفصلت بعد ذلك عام 1991 بعد اندلاع حرب أهلية. وتجري المنطقة انتخابات، كما تصدر جوازات سفرها الخاصة، وتطبع عملتها الخاصة، ووقعت صفقات استثمار دولية، بما في ذلك مع شركة”موانئ دبي العالمية ”   توسيع مينائها الرئيسي، ومع “جينيل انرجي ”  ومقرها لندن للتنقيب عن النفط. لكنها فشلت في الحصول على اعتراف دولي يسمح لها بتلقي التمويل والمساعدات من مؤسسات مثل صندوق النقد الدولي، ولم يعترف باستقلالها سوى تايوان حتى الآن. ووصلت جولات عدة من المفاوضات بين الصومال وأرض الصومال بغية حل خلافاتهما إلى طريق مسدود، وأُعلن استئناف المحادثات قبل أيام من إعلان الاتفاق مع إثيوبيا. وقالت إدنا آدان، المبعوثة الخاصة لأرض الصومال، إن الإقليم يتمتع بسلطة التوقيع على أي اتفاقيات يريدها ولا يحتاج إلى إخطار أي جهة أخرى أو الحصول على موافقة منها.

ولكن السؤال الذي يطرح نفسه اذا كانت الصومال سمحت لنفسها توقيع اتفاقيات دفاع  مشتركة وتاجير مؤاني لدول اخري فما الذي يجعل الصومال ان تعترض عندما وقعت اثيوبيا علي اتفاقية مع ارض الصومال للحصول علي منفذ بحري ولماذا تحت مظلة الجامعة العربية او مصر  ؟!

عارضت مصر بقوتها الدبلوماسية مذكرة التفاهم التي تقضي بحصول إثيوبيا على منفذ بحري في نطاق ميناء بربرة، من المتوقع استخدامه في أغراض عسكرية وتجارية، وذلك مقابل حصول أرض الصومال على حصة من شركة الطيران الإثيوبية، حسبما أوردت تقارير. يشير بيان الخارجية المصرية بقوة إلى حالة الانسداد في الأفق الدبلوماسي بين القاهرة وأديس أبابا كنتيجة مباشرة لفشل آخر جولات مباحثات سد النهضة  وفي بيان للخارجية الاثيوبية ، إن “سد النهضة دخل مرحلته النهائية بفضل الجهود الموحدة والمثابرة للإثيوبيين .وأن اثيوبيا ستواصل جهودها نحو ضمان التكامل الإقليمي والتنمية المتبادلة”.

ولزيارة المسؤولين المصريين لـ”صوماليلاند” عام 2019 دور كبير في فهم مدى خطورة الاتفاق الأخير. حيث أشاع الإعلام المحلي في الدولتين وفي الصومال أنّ مصر قدّمت عرضًا لإنشاء قاعدة عسكرية بالقرب من بربرة، وأنّ “صوماليلاند” طلبت في المقابل اعتراف القاهرة، وتعاملت أديس أبابا مع الأمر باعتباره “تهديدًا استراتيجيًا لها” على خلفية قضية سد النهضة وتعثّر المفاوضات غير المجدية مع القاهرة.الكاتب المصري محمد بصل “خروج إثيوبيا إلى البحر والقرن الأفريقي الجديد.. مصر في الواجهة لا الخلفية”

وعليه ياتي الرفض المصري و جامعة الدول العربية  فإنّ تواجد إثيوبيا عسكريًا – وليس اقتصاديًا فقط – على بُعد خطوات من باب المندب، من شأنه تعزيز موقعها – هي وحلفاؤها – في منطقة تمثّل عمقًا استراتيجيًا ، الأمر الذي يرمي إلى تعزيز المكانة الاستراتيجية لإثيوبيا في المنطقة. 

ويقول في هذاالسياق  الدكتورعبده محمد علي أستاذ وباحث في التاريخ والشؤون الدولية بجامعة دلا، إن القرن الأفريقي له دور مهم ليس فقط لإفريقيا ولكن أيضًا في الجغرافيا السياسية العالمية.

وتقوم إثيوبيا، التي لها دور مهم في المنطقة، بتوفير المنتجات الزراعية والموارد المختلفة للمنطقة. وهكذا يقول الباحث إن إثيوبيا لا تشكل تهديدا للمنطقة بل نعمة. ويقولون إن دور الخطوط الجوية الإثيوبية في التواصل مع المجتمع الدولي باعتبارها بوابة القرن الأفريقي والركيزة الاقتصادية للمنطقة لا يمكن الاستهانة به.

يوضح الدكتور عبده أن الفوائد  الاقتصادية والسياسية المترتبة على اتفاق أثيوبيا مع أرض الصومال عظيمة، ولكن الشكاوى من مختلف الأطراف خاطئة. وأن كل من له مصالحه الخاصة في المنطقة يشعر بالقلق إزاء هذه القضية، وأنهم لا يعتبرون مساهمة إثيوبيا في المنطقة  ذات اهمية .

وسبب التهديد بالاتفاق هو أنه إذا تمكنت إثيوبيا، التي ظلت غير ساحلية منذ أكثر من 30 عاما، من الوصول إلى خليج عدن والبحر الأحمر، فإنها ستصبح المركز الاقتصادي للمنطقة، والقوات الجوية الإثيوبية سيتم تجهيزها بمعدات حديثة وستصبح البحرية ملك البحر غدًا. ويوضحون أن القوى القريبة والبعيدة التي تهددهم نشأت من كل مكان.

ووفقاً للدكتورانتينه جيتاتشو المدير التنفيذي والباحث في شؤون  دول الآسيوية والمحيط الهادئ في معهد الشؤون الخارجية فإن إثيوبيا  تريدأن تكون مركز القوة في المنطقة من خلال الحفاظ على السيادة الاقتصادية والوحدة.

هناك عناصر في المنطقة والقارة وعلى المستوى الدولي لا تنام من أجل إثيوبيا. ولهذا السبب، يقولون، من الضروري فهم ترتيب القوى في المنطقة وعلى المستوى الدولي، والقيام بعمل دبلوماسي قوي مع مراقبة التغيير الجيوسياسي بطريقة تحترم المصلحة الوطنية للبلاد.

وأشارالدكتور أنتينه إلى أن الجامعة العربية وقفت دائما ضد إثيوبيا وأصدرت بيانات خلال اتفاق سد النهضة. ويشير  إلى أنه من المهم أن ندرك أن هذا لا يمكن أن يصرفنا عن هدفنا.

وذكرالدكتور أنتينه أن موضوع البوابة البحرية يحتاج إلى معالجة بنفس الطريقة. وتتمتع دول مثل المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة بعلاقات جيدة مع إثيوبيا، ولكن بما أن الصومال عضو في جامعة الدول العربية، فقد تكون لوائحها الداخلية ملزمة، لذلك حتى لو أصدرت البيان معًا، فإنها توضح أن القضية لا ينبغي أن تكون محل بحث.ويجب مناقشته بشكل منفصل.

ويقول الدكتور أنتينه  إن قضية البوابة البحرية هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لإثيوبيا. وبما أن الموضوع قد بدأ بالفعل، فلا ينبغي لنا أن نتراجع خوفاً من الضجيج، بل يجب أن نقوم بعملنا الدبلوماسي على النحو الصحيح، وأن نقيم علاقات دبلوماسية استراتيجية مع دول الجوار والقوى السياسية في المنطقة على مبدأ الأخذ والعطاء.

يقول الخبير في الشأن الأفريقي والأمن القومي اللواء محمد عبد الواحد اعتبر الخبير، في حديثه للجزيرة نت، أن “خطورة ذلك الاتفاق ليس في إقامة ميناء تجاري، إنما الهدف هو إقامة قاعدة عسكرية ضمن إستراتيجية الدكتور  آبي أحمد في الوصول إلى منافذ بحرية، في أماكن بدول الجوار، وهو جزء من دعم غربي له، وهذا التوسع يقلق مصر ..، مع الأخذ في الاعتبار المواقف العدائية تجاه مصر، ومحاولة الإضرار بأمنها المائي”. يعني ان تكون اثيوبيا قوة عسكرية في المنطقة يقلق مصر لامنها المائي وليس من اجل الصومال او ارض الصومال .

كما أنّ إعادة رسم إثيوبيا لصورتها كدولة ذات عمق جغرافي كبير وإطلالة ساحلية مميّزة قد يساعد في تحقيقها المزيد من النجاحات وجذب استثمارات أكبر لمشروعاتها التنموية وعلى رأسها سد النهضة الذي تساعد في إنشائه وتشغيله واستثماره دول عدة، علمًا بأنّ بعضها بالفعل له تواجد عسكري بقواعد متفاوتة الحجم في جيبوتي، ويمكنها الاستفادة بصور مختلفة من التواجد العسكري أو الاقتصادي لإثيوبيا في خليج عدن.

وهنا يجب التنبّه أيضًا إلى ترجيح أن تنشأ القاعدة الإثيوبية في مدينة زيلع أقصى الشمال الغربي للصومال والتي كان بها ميناء تاريخي قديمًا، وليس في ميناء بربرة الذي تديره الإمارات، ما يعني أن يصبح ساحل المنطقة مكتظًا بالمصالح الحساسة والمتضافرة، ولا يكون كافيًا – في المستقبل – لاستضافة تواجد مصري أو عربي آخر يزاحمها حال الاحتياج في أوقات السلم أو الحرب.

ولذلك كان طبيعيًا أن تعلن مصر وجامعة الدول العربية معارضة الاتفاق، حتى وإن اقتصر السبب المعلن على دعم سيادة الصومال الأم ووحدتها على أراضيها وسواحلها كاملة، ورفض أن تتحوّل “صوماليلاند” إلى شوكة إضافية في خاصرة العالم العربي المأزوم. “عروبة 22”

جهة أخرى تصل إثيوبيا إلى البحر كقوة مؤثرة إقليميا. لا بد من أن نتذكر أن إثيوبيا التي يزيد عدد سكانها عن 100 مليون نسمة، هي أكبر بلد في العالم، من حيث عدد السكان، بلا منفذ بحري. هذا المنفذ البحري الذي ستحصل عليه من أرض الصومال وصار واضحا أنه سيكون قاعدة بحرية، سيؤمن أيضا ممرا من اتجاهين، بين إيصال الإنتاج الزراعي الإثيوبي إلى الخارج، وتأمين وصول السلع والخدمات إلى السوق الإثيوبية. هذا الوضع يغير كل معطيات القرن الأفريقي، المنطقة التي لا تزال تعاني من مشاكل الأمن وعرقلة التنمية  الدكتور هيثم الزبيدي  كاتب من العراق مقيم في لندن

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *