تقرير سفيان محي الدين
تعد الإحتفالات الأثيوبية للسنة الجديدة مهرجانات دينية وقومية حيث يحرص المواطنون على ارتداء الزي الشعبي باللون الأبيض وذلك تفاؤلا واستقبالا للعام الجديد ،وإن تخللته ألوان أخرى تبعا لتعدد ثقافات الشعوب والقوميات في البلاد التي توجد فيها أكثر من 80 قومية وفي هذه المناسبة أجرى مندوب صحيفة “العلم ” مقابلة مع القس هبتا ماريم تسما وزعيم أباغدا عبد الجبار شيخو اللذان يعيشان في مدينة أداما ” حول مهرجانات الإحتفالات الأثيوبية لإستقبال العام الجديد عام 2016 وتوديع العام المنصرم 2015 وجاء الحوار كالآتي :
وفي هذا الصدد : قال القس هبتا ماريم تسما :إن الدكتور أبي أحمد حين جاء إلى السلطة خصص برنامج للأيام الخمسة أوالستة وهو يوم الخدمات الخيرية والتعاون والتطوع،والسلام، وسماه بيوم الرحمة والخير، والسلام والتسامح في حين خصص ليوم التطوع وخدمة الآخرين، وهكذا جعل يوم السلام والمحبة والتسامح والعفو والغفران لكل الشعوب الأثيوبية ونتمنى لكل شعوبنا أن يكون العام عام إزدهار ونماء وتقدم في شتى المجالات.
وذكر القس هبتا ماريم تسما إن الإحتفال في أثيوبيا ، يرتبط التقويم الإثيوبي ارتباطًا وثيقًا بالقواعد والحسابات المختلفة التي تأثرت بها الكنيسة الأرثوذكسية القبطية والإثيوبية.
استنادًا إلى التقويم القبطي القديم ، ويتأخر التقويم الإثيوبي من سبع إلى ثماني سنوات عن التقويم الأفرنجي الحالى، وذلك بسبب إجراء حسابات بديلة في تحديد تاريخ ميلاد السيد المسيح ، فإن السنة الإثيوبية الجديدة (إنقوطاطاش) تعني “هدية الجواهر“.
ويعود تاريخ إنقوطاطاش إلى الوقت الذي عادت فيه الملكة سابأ من رحلتها الشهيرة إلى القدس لزيارة الملك سليمان.
ويعتقد أن الملك قد رحب بها من خلال تقديم لها هدايا من جواهر ولكن إنقوطاطاش ليس مجرد عطلة رأس السنة والذي يرمز لمهرجان الربيع ، الذي يتم الاحتفال به منذ العصور القديمة، إلى نهاية موسم الأمطار وإنه أيضًا موسم تبادل التهاني الرسمية للعام الجديد و إن استخدام إثيوبيا لتقويم الكنيسة الأرثوذكسية دائمًا يجعل الأجانب الذين يزورون البلاد لا يفهمون الأوضاع في كثير من الأحيان ، ومن ضمن ذلك التوقيت الزمنى والمعتاد في العالم هو أن الفترة الصباحية (am) والفترة المسائية (pm) وإثيوبيا لا تستخدم هذا التحديد الزمني ويبدأ التوقيت اليومي وهو الساعة 1 صباحاً وينتهي الساعة 12 مساءً وهو التوقيت المحلي لغروب الشمس.
وأكد القس هبتا ماريم تسما على أن المسيحيين والمسلمين يحتفلون على حد سواء بالسنة الجديدة من خلال ذبح المواشي وإنه أيضًا وقت يكون فيه طبيخ الدجاج منتشر بكثرة في جميع أنحاء البلاد ،وفي غضون ذلك ،و أن العديد من الإثيوبيين مشغولين بالتسوق قبل الاحتفال براس السنة الجديد في أديس أبابا و تجري الاحتفالات بشكل بهيج كما تزدحم الشوارع لشراء الحاجات الضرورية على مستوى البلاد.
وأشار القس إلى أن الأثيوبيين يقضون أول يوم من العام الجديد، في المنازل بالمشاركة في الأطعمة والمشروبات التقليدية وعادة ما تكون مهمة المرأة في إعداد الطعام والشراب في حين أن الرجال مكلفون بتقديم الذبيحة وتوفير المال لشراء الهدايا للإحتفال بالسنة الجديدة ..
وفي ذروة إحتفال العام الجديد هو عندما يتخذ معظم الإثيوبيين في نهاية اليوم امنيات وخطط للسنة المقبلة. ومن الشائع أن يتوقف الناس عن الأعمال السيئة مثل التدخين وشراب الخمر، وإتخاذ قرار جديد في العام الجديد من أجل التغير والعمل الجاد لمستقبل أفضل ،ونتمى لكل الأثيوبيين أن يكون هذا العام عام إزدهار ونماء وسلام في أرجاء البلاد.
وأشار أيضا إلى أن الإحتفالات تنظم في أنحاء البلاد و أيضا بالعاصمة والمدن الكبرى وذلك بتنفيذ عدة برامج تطوعية تقدمها المؤسسات الحكومية وغير الحكومية على مختلف مستوياتهم لتقديم الخدمات والأعمال الخيرية وذلك في مجال مساعدة الفقراء وأصحاب الدخل المنخفض وشراء الدفاتر والأقلام وكذلك اللباس المدرسة لأصحاب الدخل المنخفض من المواطنين ، وكما تنفذ مشروعات إصلاح البيئة بالمدن و إلى جانب الترويج للتسامح والعفو والغفران والسلام من قبل المؤسسات الأديان والحكومة وذلك ،من القساوسة وشيوخ المسلمين و من رجال أباغدا وغيرهم.
وكما تتفرد هذه البلاد بتقويمها الخاص، إذ تتكون السنة الإثيوبية من 13 شهرا، ويبلغ عدد أيام كل شهر من شهورها الـ 12 الأولى 30 يوما، بينما يبلغ عدد أيام الشهر الـ 13 5 أو 6 أيام في السنة الكبيسة التي تأتي مرة كل 4 أعوام.
ويعرف الشهر الـ 13 باسم “باغمي” باللغة الأمهرية، ويكون في آخر العام، ولا تدفع فيه الأجور للموظفين والعمال، وهو عندهم شهر أيام شروق الشمس، وتمارس فيه طقوس دينية .
وذكر بأن عادة ما تستمر احتفالات العام الإثيوبي الجديد إلى أسبوع في تجمعات عائلية، وتنحر الذبائح، ويحتفل الأطفال على طريقتهم، حيث يلفون شوارع مدنهم حاملين باقة من الزهور وأوراقا كتبت عليها عبارات التهاني والتبريكات بالسنة الجديدة، ويقدمونها للكبار مرددين عبارة “أنقوطاطاش،،وأتمنى لكل الشعوب الأثيوبية أن يكون هذا العام عاما جديدا مليئا بالأفراح والسعادة والأمن والاستقرار
ومن جانبه قال أباغدا عبد الجبار شيخو أبشو من قرية “غند غار لوجو 03″ وهو أيضا عضو لحزب الإزدهار إن الإحتفالات التي تقام في أنحاء البلاد تعتبر إعلانا بتوديع العام المنصرم واستقبال العام الجديد عام 2016 ولذا تحتفل كل الشعوب والقوميات الإثيوبية برأس السنة الجديدة ،وتتميز تلك الإحتفالات بعادات وتقاليد، متميزة وفريدة من نوعها ،كما تشترك كل القوميات بتزيين المنازل والطرقات بزهور برية صفراء لا تنبت إلا في هذا البلد وتعرف باسم “أدي أبابا” بلونها الأصفر الزاهي حيث يتفاءلون بظهورها أول شهر من السنة الإثيوبية ويعرف بـ “مسكرم“.
وذكر أباغدا عبد الجبار بأن “قوطاطاش“ يعرف هدية الجواهر” وتحمل الكثير من الرمزية التفاؤلية بنهاية موسم الأمطار، بعد أن لبست الأرض بالخضرة وتحولت إلى ساحات وواحات خضراء على امتداد البلاد، ويتبادل الإثيوبيون كلمة “أنقوطاطاش” التي تحمل مدلولات تتضمن التيمن بالعام الجديد وكذلك الشهر الذي تنبت فيه الزهور وتخضر الأرض، كما يتبادلون التهاني بعبارات “ملكام أديس عمت ” وتعني (عاما سعيدا).
وأشار أباغدا عبد الجبار إلى ان هنالك إحتفالات كبرى خلال العام الجديد ومتميزة والتي تم تسجيلها في منظمة العالمية للتراث العالمي ،منها إحتفالات“ مسقل “، وإريشا أباغدا “، وشنبلالا لشعوب الجنوب وهي احتفالات رائعة وجذابة .
وأشار أباغدا إلى أن الشعوب الأثيوبية عاشت مع بعضهم البعض بالتعاون وتبادل الإحترام الإحترام ووقوفها إلى جانب بعضهم البعض في الأفراح والأحزان ومواصلة العادات القيمة إلى الأبد، كما، أن تحقيق الديمقراطية مرتبط بالسلام والإستقرارومن هنا ينبغي مشاركة الحوار مع الجهات المعارضة كلها لأجل وحدة الوطن .
وأكد أبا غدا عبد الجبار على أن الوحدة و التنوع للإثيوبيين يدل على الجمال والعز والشرف ،كما أن لهم ثقافات وهويات متعددة للجنسيات لا تقدر بثمن ،وقد كافحوا من أجل تحقيق المساواة والحرية والعدالة والإدارة الذاتية بهدف تطوير ثقافتهم ولغاتهم وعاداتهم ،كما أن الدستور يعزز التعايش السلمي وهو قد صان حقوق القوميات وحرية الأديان ،كما أن النظام الفيدرالي خلق أرضية مواتية وشاملة لجميع القوميات في البلاد.