الحوار الوطني لرأب صدع الماضي وإنجاح مسيرة المستقبل

جوهرأحمد

كانت لدى المجتمع الإثيوبي بكل أطيافه وانتماءاته المتعدةة  على مر الأجيال والأزمنة عادات وتقاليد وقيم ثقافية ودينية أصيلة عميقة الجذور مكنتهم من التعايش السلمي بوئام ووفاق وتسامح واحترام متبادل   . لقد ساهمت هذه القيم الراسخة والعتيقة بشكل إيجابي في تعزيز تكاتفهم وتضامنهم وتآزرهم لتجاوز المحن والصعوبات التي كانت تواجههم . وساعدت هذه القيم ولا سيما آليات حل النزاعات لدى الإثيوبيين على معالجة العديد من النزاعات التي تنشب بين حين وآخر بين المجتمعات المحلية وحل الخلافات وبناء السلام.

فإن الدور الذي  يلعبه كبار السن وآباء جدا  كان كبيرا في هذا المجال و في تعزيز السلام و التعايش  السلمي وحل الصراعات التي تحدث بين المجتمعات المختلفة  .

وأن السلام الذي ينشده الجميع ويتوق إليه لا يمكن تحقيقه أبدا  عبر فوهة البندقية وحدها , وأن السلام  والأمن اللذين يتم  تحقيقهما بالسلاح عمرهما قصيرولايبقى طويلا  ويحتاج إلى حوار ووفاق وطني شامل ومناقشات بناءة  بين الجهات المعنية  لكي يكون مثمرا ومحققا للسلام المامول والمنشود.

وإدراكا لأهمية الحوار الوطني تسعى الحكومة ألإثيوبية حاليًا إلى إجراء مناقشات سلمية مع العديد من الكيانات التي تعمل داخل البلاد وخارجها ،لحل الخلافات  العالقة وتوحيد الجهود من أجل الصالح العام للبلاد. ولهذه الغاية وضعت خطة لإجراء حوار وطني خلال الأشهر المقبلة في محاولة لرأب صدع الماضي وإنارة وإنجاح مسيرة المستقبل  والتغلب على التحديات التي تواجه البلاد والمعانات يتعرض المواطنون والتي تحيط بالمجالات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية.

وتعتقد اعتقادا راسخا بأن الوقت حان  للحديث عن التحديات المشتركة والعامة التي يواجهها كل إثيوبي  وكل إقليم أومنطقة بدون إقصاء أي عرق أو تنظيم سياسي أو حزبي وغيره لأن سلام وأمن المواطن والوطن غير قابلين للتجزئة في هذه البلاد وهذا ماأثبتته السنتين الماضيتن .

ومبادرةالحوار الوطني الذي أقره البرلمان وأصدر بلاغا بإنشاء ” مفوضية الحوار الوطني” التي باشرت عملها عبر لقاءاتها مع زعماء الأديان وأعيان البلاد من كل أطياف المجتمع الإثيوبي  هي بادرة طيبة تستحق الإشادة ويتوقع من المجتمع الدولي والدول دعمها  فنيا وماليا والوقوف  لكي تحقق الأهداف المنشودة لإنشائها والآمال المعقودة عليها  .

ومع ذلك يقول العديد من الخبراء والمثقفين في هذ المجال  يجب تنظيم منصة الحوار الوطني بطريقة شفافة وشاملة وعامة لاتستثني أحدا داخل حدود الوطن سواء كان معارضا سياسيا أومعارضا مسلحا من أجل التوصل إلى توافق في الآراء بشأن عدد من النزاعات والصراعات والخلافات السابقة والحالية ، وتحقيق النتيجة المرجوة من الحورا الوطني  وتحقيق السلام المستدام والمثمر في عموم  البلاد.

ووفقًا للسيد مولاتو جبرماريام ،عالم الاجتماع والمقيم في أديس أبابا ، فإن الحوار الوطني هو فرصة لتجاوز التجارب السابقة ، وتصور بلد جديد أكثر شمولاً يحتضن التنوع والمساواة وهناك بعض أنواع الخلافات بين المواطنين في الغالب فيما يتعلق بالعلم والنشيد الوطني والرموز الوطنية وكذلك  الدستورالفيدرلي وبعض المواد والفقرات التي يتضمنه.

ومن وجهة نظر السيد مولاتو ، فإن إجراء الحوار الوطني هو فرصة ذهبية لحل الخلافات والتوصل إلى اتفاق حول هذه الخلافات وغيرها والعمل من أجل الصالح العام للبلاد

وقال إنه متفائل بأن الحوار الوطني يمكن أن يحل الأزمة السياسية ويوفر وسيلة جديدة للسلام والتسامح السياسي من شأنها تعزيز الوحدة الوطنية. ومع ذلك ، يجب على جميع الجهات  المعنية توخي الحذر أثناء مناقشة الحوار الوطني  من البداية إلى آخر نقطة من  الإكمال والإلتزام بتناول جميع جوانبه.

ولا يغيب عن البال أن إثيوبيا مرت في تاريخها الطويل  بعدد من اللحظات الصعبة ؛ ومرالإثيوبيون بعدد من التجارب المروعة والفظيعة  التي فرضت عليهم دون  رغبة منهم . لقد شهدت البلاد صراعات عرقية ودينية واضطرابات وقتل لمدنيين أبرياء وتهجير.

على مدى  السنوات الأربع الماضية ، قُتل العديد من المدنيين الأبرياء و تم تعذيبهم في وضح النهار ، ونزحوا عن قراهم وبلداتهم ودمرت ممتلكاتهم   إثر مؤامرة منسقة لبعض القوى المدمرة والعناصر الهدامة. وأضاف أن التهجير الداخلي وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والاستقطاب العرقي كانت حوادث شائعة في بعض أنحاء البلاد ، وتحديداً في إقليمي أمهرة وعفار.

ووفقا له ، فإن جميع الأحداث تشير إلى أن على الحكومة أن تتخذ إجراءات صارمة لوقف كل تحديات الأمن والسلم بطريقة أكثر سلمية ومرنة  حتى تتمكن  من جعل مستقبل الأجيال القادمة مشرقة وبراقة . وتمهد مبادرة الحوار الوطني في هذا الصدد الطريق لبناء مجتمع يحاول حل الخلاف من أي نوع  كان و تبديد سوء التفاهم الذي حدث  علم مر التفاهم من خلال الحوار  الوطني الشامل والمحتضن لكل فئات المجتمع الإثيوبي  بكل انتماءاته العرقية وتوجهاته السياسية و الحزبية

و قال السيد مولاتو إننا نلاحظ محاولة بعض النخب نزع الصفة الإنسانية عن كبار السن والزعماء الروحيين للمجتمعات ؛ وكذلك العمل على جعل الشباب راديكاليين من خلال الخطاب المسموم ووسم المجموعات الأخرى بألقاب وأسماء مسيئة ومشوهة للحقائق  تنفيذا لإرادتها السياسية.

ويجب أن يكون جميع قادة المجتمع والزعماء الروحيين على جميع المستويات جزءًا من الحوار الوطني. بما أن منصة الحوار الوطني هي وسيلة فعالة لتحقيق السلام واستقرارالبلاد  واستعادة الأمن  ، وتفتح فرصة بناءة لإخراج البلاد من الحلقة المفرغة للاضطرابات ، يجب توثيق كل نشاط ويجب ترجمة مبدأ الشفافية بشكل جيد.

 وأَضاف قائلا  إنه إذا تم تنفيذ ذلك وبطريقة متوازنة ، فإن الحوار الوطني سيعالج مشكلة إثيوبيا و يمهد الطريق للوفاق  الوطني ويحافظ على وحدة البلاد ويساعد  البلاد على تهيئة الظروف لتجاوز الماضي ، ورمي الانقسامات العرقية في سلة التا ريخ واستعادة السلام والاستقرارالمضمونين ، وفتح فصل جديد من التفاهم نحو مستقبل موحد وسلمي ومزدهر.

وفي السياق ذاته قالت إمبيت غيتاتشو ، مديرة البرنامج القطري في معهد الحياة والسلام ، إن مبادرة الحوار الوطني التي تعزز السلام والاستقرار مطلوبة أكثر من أي وقت مضى في إثيوبيا. ولا ينبغي التغاضي عن مبادرات المجتمع المدني الحالية. ويمكن لمثل هذه المبادرات من قبل الشركاء ، بما في ذلك مبادرة الجهات المعنية العديدة للحوار الوطني والمجلس المشترك للأحزاب السياسية ، التي أقرتها ودعمتها وزارة السلام.

بقيادة المجتمع المدني الهادف إلى بناء الثقة في مفهوم الحوار بين المشاركين,يمكن للحوار الوطني الشامل أن يساعد في حل التحديات التي تواجه السلام والأمن في البلاد.

Recommended For You

About the Author: Samaray Galagai

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *